بحزب جديد ودمج «المعارضة».. «السيسي» يدفن الحياة السياسية بمصر

الأحد 1 أبريل 2018 09:04 ص

تستعد الحملة الانتخابية للرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» لتشكيل حزب جديد لمساندته سياسيا وشعبيا في فترته الرئاسية الجديدة.

بينما تعمل الدائرة الخاصة به لإعادة تشكيل معارضة سياسية صورية للنظام تقتصر على أحزاب معدودة تقبل الأجهزة الأمنية والسيادية استمرارها في المشهد السياسي، مع إلغاء أي دور للأحزاب والجماعات المعارضة التي يمكن أن تمثل خطرا على نظامه.

ونقلت صحيفة «العربي الجديد» عن مصادر سياسية وحكومية، أنه تم وضع مخطط بناء على تعليمات أصدرها «السيسي» خلال الفترة السابقة للانتخابات الرئاسية، وتحديدا الأسبوعين اللذين شهدا ترشح رئيس الأركان الأسبق ومؤسس حزب «مصر العروبة الديمقراطي»، «سامي عنان»، ثم القبض عليه، وترشح وانسحاب الناشط الحقوقي ووكيل مؤسسي حزب «العيش والحرية»، «خالد علي»، وانتهاء بالقبض على رئيس حزب «مصر القوية»، «عبدالمنعم أبوالفتوح» ونائبه «محمد القصاص»، وإدراج عدد من أعضاء الحزب على قائمة الإرهاب.

وبحسب المصادر، تتمثل التعليمات في تخفيض عدد الأحزاب السياسية في مصر، والتي يبلغ عددها الآن نحو 150 حزبا، حيث سيتم دمج الأحزاب الصغيرة الموالية للنظام تحت مظلة حزبية واحدة، لتصبح هذه المظلة الحزبية ظهيرا سياسيا موحدا لـ«السيسي»، تديره قيادة واحدة، لتلافي مشاكل تعدد القيادات واختلاف الرؤى.

وذكرت المصادر أن التعليمات على مستوى المعارضة تمثلت في التخلص من الأحزاب المعارضة الحقيقية أو التي يمكن أن تمثل خطرا على النظام في المستقبل، وعلى رأسها «مصر القوية» و«العيش والحرية»، فضلا عن حزب «البناء والتنمية» التابع لـ«الجماعة الإسلامية» والذي ينظر القضاء حاليا في دعوى مقامة من لجنة الأحزاب لحله.

وأوضحت أن تعليمات «السيسي» تطرقت إلى اصطناع معارضة سياسية في إطار النظام، من خلال السيطرة المباشرة على الأحزاب التي فقدت هويتها الليبرالية خلال السنوات الأربع الماضية وأصبحت أقرب للسلطة من المعارضة، كـ«الوفد» و«المصريين الأحرار»، وكذلك من خلال الاحتفاء ببعض الأحزاب ذات الشعبية المتراجعة، وتصويرها كبدائل واقعية للمعارضة لملء الفراغ الذي ستتركه الأحزاب التي سيتخلص منها «السيسي».

ووفقا للمصادر، سيمتد هذا الاحتفاء والدعم الإعلامي والأمني، لأحزاب لم تكن يوما ذات ثقل في الشارع، لكن سيتم الترويج لها عبر وسائل الإعلام الموالية للسلطة كأحزاب تقود معارضة النظام، في إطار محاولة «السيسي» لرسم صورة مغايرة لواقع المشهد السياسي، وعلى رأس تلك الأحزاب «الغد» الذي يرأسه المرشح الرئاسي الخاسر «موسى مصطفى موسى»، والذي تعبر تصريحاته الأخيرة عن سعيه لمكاسب حزبية بعد الدور الذي لعبه في الانتخابات، و«الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي» الذي يضم عددا من أعضاء لجنة الخمسين ويمثله أعضاء في «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، و«التجمع اليساري» الذي فقد شعبيته وحركته على الأرض ويقتصر نشاطه حاليا على إصدار صحيفة «الأهالي» الأسبوعية، و«العربي الناصري» الذي ما زالت له بعض الكوادر القديمة في المحافظات، و«حزب المحافظين» الذي يملكه النائب ورجل الأعمال «أكمل قرطام».

وأشارت المصادر إلى أن هناك خلافا بين دائرة «السيسي» والأجهزة الأمنية حول الوضع الجديد لحزب «المصريين الأحرار» الذي أسسه رجل الأعمال «نجيب ساويرس» بعد ثورة 2011، ثم أقصاه النائب «عصام خليل» بدعم أمني صريح العام الماضي ليصبح رئيسا للحزب.

ووفق مصادر سياسية، فإن بعض المسؤولين عن الخطة الجديدة يرغبون في دمج «المصريين الأحرار» في الظهير السياسي الجديد لـ«السيسي»، للاستفادة من خبرات أعضائه التي تفوق الأحزاب الصغيرة المرشحة للانضمام للظهير الجديد (مستقبل وطن، حماة الوطن، المؤتمر، مصر بلدي، الشعب الجمهوري، الحرية ومصر الحديثة)، بينما يرى آخرون أن الحزب بإمكانه الاستمرار في لعب دور المعارضة الصورية في بعض الملفات إلى جانب حزب «الوفد».

اغتيال الحياة السياسية

وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة «ديلي تلغراف» تقريرا أشارت فيه إلى أن الحياة السياسية في مصر تعرضت للاغتيال، لافتة إلى أنه بعد 7 سنوات من ​الثورة المصرية​، استبدل نظام ​«حسني مبارك»​ بحكومة عسكرية يقودها «السيسي»، واصفة إياها بأنها أشد بطشا واستبدادا.

وذكرت الصحيفة أن الحكومة في مصر كبلت وسائل الإعلام ومنعت المسيرات الاحتجاجية وأغلقت الهامش الضيق الذي تركه «مبارك» لتحرك السياسيين والمثقفين.

ووفقا لما جاء في التقرير، رأى معارضون، ومنهم من شارك في ثورة 2011، أن «السيسي» سيعلن لاحقا عن تعديل الدستور ليتمكن من البقاء في السلطة لفترات غير محددة.

وأظهرت النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة المصرية تفوقا كاسحا لـ«السيسي» على منافسه الوحيد «موسى مصطفى موسى»، وتخلل أيام الاقتراع الثلاثة الكثير من مظاهر سياسة «العصا والجزرة» لتحقيق نسبة مشاركة عالية، وهو ما شكل التحدي الوحيد للسلطات، إذا خاض «السيسي» الانتخابات دون منافسة حقيقية بعد إلقاء القبض على مرشحين بارزين وانسحاب آخرين.

وفي ظل غياب أرقام رسمية عن نسبة المشاركة والاكتفاء الرسمي بأنها كثيفة رغم تشكيك المعارضين، أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن الإقبال على المشاركة كان متواضعا في الأيام الثلاثة، خاصة في بعض مراكز الاقتراع بالقاهرة ودلتا النيل.

ولمواجهة ضعف المشاركة، حشدت السلطات أنصارها وإعلامها لحث المصريين على التصويت بالوعود تارة والتهديد تارة أخرى، حيث توعدت الهيئة الوطنية للانتخابات المقاطعين بفرض غرامة مالية قدرها 500 جنيه (نحو 28 دولارا).

وذكرت وكالة أنباء عالمية وناشطون مصريون أن التصويت شهد تراجعا كبيرا، وبلغ متوسط كثافة التصويت صوتا انتخابيا واحدا فأقل في الساعة بالمقار الانتخابية في عدد من المحافظات المصرية.

حزب جديد لا يرأسه «السيسي»

إلى ذلك، تستعد الحملة الانتخابية لـ«السيسي» لتشكيل حزب جديد لمساندته سياسيا وشعبيا في فترته الرئاسية الجديدة التي تبدأ مع حلفه اليمين الدستورية في يونيو/حزيران المقبل.

ونقلت وسائل إعلام عن مصادر برلمانية من «تكتل 25/30» أن قوام الحزب الجديد يبلغ نحو 76 ألف كادر سياسي، ولم يتم الاستقرار على اسم الحزب بعد.

وقالت المصادر إن الحزب يعتمد في تكوينه على العناصر النشطة التي أبدت حماسا ونشاطا في حشد الناخبين لمراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية قبل أيام، ومعظمهم من أبناء «الحزب الوطني» الذي تم حله عقب ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

وكشفت المصادر أن «السيسي» لن يرأس الحزب، كما لن يشغل مناصب قيادية فيه أي من العسكريين السابقين الذين يحتلون معظم المناصب المدنية في مفاصل الدولة، غير أن التشكيل تشرف عليه الحملة الانتخابية لـ«السيسي» التي شرعت فور الانتهاء من الانتخابات في تحويل نفسها لنواة للحزب الجديد.

وفي مصر حاليا أكثر من 100 حزب سياسي أعلنت معظمها دعمها لـ«السيسي» في انتخابات الرئاسة، بينما يعتبر مراقبون معظم هذه الأحزاب «ديكورا سياسيا» بلا فاعلية حقيقية على الأرض.

وتتعالى أصوات مؤيدي «السيسي» بضرورة حل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية مثل «الوسط»، «البناء والتنمية» لتلحق بحزب «الحرية والعدالة» الذي حله بعد الانقلاب على الرئيس «محمد مرسي» عام 2013.

وحصدت الأحزاب الإسلامية خلال الفترة التي تلت ثورة يناير/كانون الثاني 2011 معظم مقاعد البرلمان بغرفتيه النواب والشورى.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي انتخابات الرئاسة الأحزاب المعارضة