شاهد.. «المرأة العارية» يثير الجدل بين الإسلاميين ووزير الثقافة الجزائري

الاثنين 2 أبريل 2018 06:04 ص

تحول تمثال لامرأة عارية يقع في قلب مدينة «سطيف» شرقي الجزائر إلى معركة جدلية بين إسلاميين يطالبون بنقله إلى المتحف، ووزير الثقافة، الذي هاجم أصحاب الفكرة في رد اعتبره منتقدون «عنيفًا»، (شاهد الفيديو).

وتمثال «عين الفوارة»، الذي يقابل المسجد العتيق في «سطيف»، هو مجسم لامرأة عارية تطفو على صخرة عالية، ويتدفق منه الماء، بحسب «الأناضول».

وقد أنجزه النحات الفرنسي، «فرنسيس سان فيدال»، في باريس عام 1898، ثم نقل إلى «سطيف» في 1899، أي بعد 69 سنة من بدء احتلال فرنسا للجزائر (1830 – 1962).

وتقول إحدى الروايات إن الفرنسيين وضعوا التمثال في هذا المكان لمضايقة المصلين المترددين على المسجد.

جدلية المتحف

في 18 من ديسمبر/كانون الأول 2017 تعرض التمثال لتخريب جزئي من شخص ملتح أوقفته الشرطة على الفور، وقالت السلطات بعدها إنه «مختل عقليا».

كما سبق أن تعرض هذا المعلم لمحاولات تحطيم عامي 1997 و2006.

وبعد هجوم العام الماضي تعالت أصوات يقودها إسلاميون تطالب بنقل التمثال إلى المتحف، لتفادي عمليات تخريب مماثلة، فضلًا عن كونه «مخلًا بالحياء»، ويتنافى مع تقاليد المجتمع، لكن السلطات رفضت، وقامت بترميمه، وتستعد لإعادة نصبه.

وفي 22 من مارس/آذار الجاري صرح وزير الثقافة، «عزالدين ميهوبي»، في مقر البرلمان، أن «مسألة نقل التمثال إلى المتحف سابقة خطيرة تفتح الباب أمام عمليات نقل كل التماثيل إلى المتحف».

واقترحت «سامية بلدية خمري»، النائبة عن حزب «جبهة العدالة والتنمية» (إسلامي)، أن يحل مكانه تمثال لضحايا مجازر 8 من مايو/آيار 1945، التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي بحق متظاهرين بالمدينة.

غير أن الوزير رد، خلال وجوده في البرلمان، بقوله إن «الذين يطرحون مسألة نقل تمثال عين الفوارة إلى المتحف هم أولى بالدخول إلى المتحف».

حسابات سياسية

رد الوزير عقبت عليه البرلمانية بقولها، في بيان: «تفاجأت وصعقت لطريقة إجابة السيد الوزير المحترم».

وتابعت: «تمنيت أن ينتصر السيد الوزير للبعد الروحي الوطني الجزائري، ولا يرسل رسائل سياسية مشفرة للوبي الفرنسي قصد الاستجداء للاستحقاقات المقبلة»، دون التفصيل حول ما تقصده بهذه الاستحقاقات.

وتوالت ردود أفعال من سياسيين إسلاميين وعبر شبكات التواصل الاجتماعي تنتقد رد الوزير، الذي وصف بـ«العنيف»، فيما سانده آخرون، ودعوا إلى عدم استغلال هذا المعلم في الجدال السياسي.

ودافع حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ووزير الثقافة، عن مواقف الوزير، وانتقد ما وصفها حملة ضده من جانب الإسلاميين.

وصرح «بلعباس بلعباس»، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بأن «الوزير يعمل وفق ما ينص عليه القانون الجزائري، ولا يخدم أي جهات خارجية، مثلما تم الترويج له من قبل نواب وممثلي الأحزاب الإسلامية».

وذهب «بلعباس» إلى أن «التمثال، وما أحدثه من ضجة، ما هو إلا عمل مدبر من قبل الإسلاميين من أجل الحصول على تأييد شعبي»، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.

وزاد بقوله مخاطبًا الإسلاميين: «ألستم مَن كُلّف بالوكالة بتنفيذ أفكار سياسية إخوانية (؟!)»، مضيفًا في هجومه: «يُقال إنكم قبضتم نصيبكم بما يعادل هذه المهمة».

تساؤلات عديدة

أما «بشير فايد»، أستاذ التاريخ في جامعة سطيف، فقال إن «الجدل حول هذا الموضوع بالنسبة للمختصين يجب أن يتم تناوله من جوانب معمقة، وفي إطار هادئ، وليس بالطريقة الحالية».

ورأى أن ذلك يكون بالإجابة على أسئلة عديدة بينها «السياق العام المتمثل في السياسة الفرنسية في الجزائر في جانبها الحضاري، ووجود خلفيات من عدمها تقف وراء إقامة المعلم (التمثال)، والظرف الزماني الذي أقيم فيه المعلم، ولماذا خُصت مدينة سطيف دون غيرها من مدن الجزائر بهذا المعلم».

وختم «فايد» بالتشديد على أن تناول مثل هذه القضايا بمنهج علمي لا يكون «بحكم الظرفية والمستجدات الآنية، التي قد تدفع آخرين إلى تحريك قضايا ومسائل نائمة، لأهداف وغايات قد لا تكون بالضرورة هي ذاتها أهداف وغايات المؤرخ الباحث عن الحقيقة».

مواقف تتجاوز التمثال

ووفق «يوسف حنطابلي»، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الجزائر، فإن «النقاش الدائر هو مشكل دون معنى في حد ذاته، لأنه يخفي مواقف تتجاوز التمثال في حد ذاته».

تابع «حنطابلي»، أن «الوزير له تصور سياسي للقضية مرتبط بنوع من المداهنة وكسب الرضا من قبل جماعات الضغط لكسب رهان سياسي أيديولوجي ضد الإسلاميين».

وفي المقابل، وفق الأكاديمي الجزائري، فإن «الإسلاميين وجدوا في قضية التمثال وسيلة لتعرية وكسب رهان حيال الوزير».

المصدر | الخليج الجديد+الأناضول

  كلمات مفتاحية

الجزائر سطيف تمثال الاحتلال عين الفوارة امرأة عارية إسلاميون نقل المتحف