استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ليس لفلسطين إلا دمها.. والعرب يخسرون فيها هويتهم ومستقبلهم

الجمعة 6 أبريل 2018 06:04 ص

ليس لفلسطين إلا دمها تؤكد به قدرتها على مقاومة خطر الاندثار، والسقوط من الذاكرة الرسمية العربية.

خلال الأيام القليلة الماضية، وبينما فتية فلسطين يحيون “يوم الارض” فيكتبون بدمائهم حقهم الثابت فيها، تاريخياً وثقافياً وانسانياً، كان العديد من القادة العرب يتبرأون من فلسطين ويجتهدون في نفي اسباب العداء مع الكيان الصهيوني والاستعداد لمباشرة “علاقة أخوية” معه!

في القاهرة وعبرها، وعلى هامش الاستفتاء التاريخي الذي تم بموجبه التجديد ـ ديمقراطيا ـ للرئيس عبدالفتاح السيسي، كانت دولة الكيان الصهيوني (إسرائيل) تعلن إتمام اضخم صفقة مع مصر تبيعها بموجبها كميات من الغاز بمبلغ 15 مليار دولار..

علماً أن القاهرة قد أعلنت، قبل أسابيع، عن اكتشاف أضخم حقل للنفط والغاز (ظهر) على ساحل البحر الأبيض المتوسط، غير بعيد عن منطقة قناة السويس، بالشراكة مع “ايني” الايطالية و”توتال” الفرنسية.

من واشنطن وعبر زيارته التاريخية المغطاة بالذهب، كان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان يعلن أن العلاقات مع الكيان الاسرائيلي تتطور إلى الافضل متخطية اسباب العداء والقطيعة، وانه يأمل في زيادة التعاون مع “هذه الدولة المتقدمة” في المجالات كافة.

وكان بين الشواهد فتح الاجواء السعودية للطيران الهندي إلى إسرائيل..

يتهافت أمراء الخليج العربي وشيوخه على عتبات الكيان الإسرائيلي.. يتقاطر الشيوخ والوزراء الخليجيون إلى كيان العدو في زيارات تجاوزت السياحة الدينية إلى التبشير بعصر جديد عماده الاخوة والمصالح المشتركة..

بالمقابل، تنسحب دول عربية أخرى من ميدان الصراع مع العدو الاسرائيلي، وتجدد السلطات المغربية التواصل معه، فيزور بعض وزرائها الارض المحتلة، تحت عنوان الاطمئنان إلى سلامة الاماكن المقدسة…

هل كان العداء لإسرائيل سحابة صيف، سقطت ككذبة مع اول نيسان؟!

هل ذهبت وتذهب وستذهب هدراً كل التضحيات الغوالي، بالأرواح والارض وحق الحياة في فلسطين التي حفظ الاهل قداستها وردوا عنها الغزاة والطامعين وحفظوها مطهرة ببركة الانبياء جميعاً، من موسى إلى السيد المسيح إلى محمد بن عبدالله؟

هل سقط جدار الخوف من “الشعب”؟

هل انتصر النفط المجلل بالسيف على حق الشعوب في الكرامة والتحرر وتأكيد جدارتهم بالحياة في ارضهم التي كانت دائماً ارضهم؟

هل خرج العرب من التاريخ الذين لم يدخلوه بسيوفهم فقط، بل بالرسالة المقدسة ورفعهم شعارات حق الانسان بالكرامة والحرية والايمان والعلم وفتح باب المستقبل بالمعرفة؟

*  *  *

يتساقط الفتية المرتفعة هاماتهم بحقهم في أرضهم فيحملهم بعض رفاقهم ويسعون بهم إلى مدافن الشهداء، بينما يتابع الآلاف غيرهم رفع أذرعتهم بالحجارة، ورفع اصواتهم بالهتاف لفلسطين..

فلا يجد شهداؤهم مساحات لنعيهم في أجهزة الاعلام العربية، أو في خطب القادة من ملوك ورؤساء وامراء، مشغولين بالتودد إلى “العدو” عبر مصدره ومزوده بالسلاح والقدرات العلمية فضلاً عن المال، واستجرار حكام العرب إلى اسقاط العداء والتودد إلى اسرائيل باعتبارها شريكا في صنع المستقبل عبر مكافحة “الإرهاب” الذي كان له في الماضي اسم الثورة المباركة وتحرير الأرض والإرادة..

صارت إسرائيل في موقع “الحليف” شريك الغد الأفضل والتقدم والرفاه في ظل رايات السلام المهين التي توشك أن ترفرف فوق هذه الارض العربية التي باتت ـ بأهلها ـ رهينة غاصبيها..

صار المواطن العربي يخجل بهويته الجامعة، وبات يفضل عليها دينه بل طائفيته التي تفرق بين الإخوة إلى حد الاشتباك في حرب أهلية بلا نهاية.

المعادلة قاطعة في وضوحها: تقاتل عدوك حتى الانتصار، أو تفقد شرعية انتمائك إلى أرضك وحقك في هويتها وشرف المشاركة في صنع مستقبلها الأفضل.

فهؤلاء الشهداء الذي يضيفون بدمائهم المزيد من الشرف إلى قداسة الأرض إنما يفتدونك حيثما كنت: في أنحاء شبه الجزيرة العربية من صنعائها إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، فإلى بغداد التي بناها المنصور، فإلى دمشق التي تحولت إلى مركز جيوش الفتح التي بلغت الأندلس غربا، فإلى قاهرة المعز لدين الله الفاطمي وخلفائه الذين قاتلوا الغزاة الصليبيين حتى أجلوهم بسيف صلاح الدين الأيوبي.

فلسطين هي غدك لا أمسك، فإن خسرتها لن تكون أنت: ستسقط هويتك معها، وستغدو نكرة يحتقرك عدوك الإسرائيلي، وينكرك السيد الأمريكي ويعيرك الأوروبي بجاهليتك ومجافاتك للعصر وانكارك لأصلك وتاريخك وحقك بمستقبل يليق بإنسانيتك وبتاريخك؟

أليس بين العرب من “يجدد” الهتاف، بعد تصحيحه:

“لتنسني يميني إن نسيتك يا فلسطين؟!”

..لسوف يبقى الأمل مشعاً طالما بقي في فلسطين من يخرج إلى العدو الاسرائيلي المدجج بالسلاح شاهراً دمه.. حتى النصر.

ولن يكون للإسرائيليين الحق بعيش في سلام، كما بشر الأمير محمد بن سلمان في واشنطن، وهو الجاهل بالتاريخ جهله بالإسلام وجهله بالجغرافيا.

* طلال سلمان كاتب قومي مخضرم مؤسس ورئيس تحرير "السفير" البيروتية.

المصدر | السفير العربي

  كلمات مفتاحية

فلسطين العرب إسرائيل التطبيع بن سلمان الذاكرة العربية