هكذا تهرب رؤوس الأموال من الخليج.. والسعودية المتضرر الأكبر

الاثنين 9 أبريل 2018 12:04 م

«أموال تهرب».. هكذا يمكن الحديث عن أحوال الخليج خلال الأشهر الأخيرة الماضية، بعد تصاعد تحويلات الأجانب بدول مجلس التعاون، وهروب الاستثمارات، ورجال الأعمال، وذلك على الرغم من سعي دول الخليج، إلى جذب الأموال، لمواجهة الأزمة التي تضرب هذه البلاد التي كانت تعتمد على النفط، بهدف إعادة تشكيل اقتصاده لما بعد النفط.

وحسب التقرير السنوي لمركز الإحصاء الخليجي، فإنه من حيث النسبة إلى حجم الاقتصاد، تشكل قيمة تحويلات الوافدين إلى خارج دول مجلس التعاون ما يقارب 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لكتلة دول المجلس، ما يشكل تقريبا 111.5 مليار دولار، خلال عام.

المتضرر الأبرز

وتعد السعودية، المتضرر الأبرز لهروب الأموال، وهو ما كشف عنه بحث جديد أوردته مجلة «ميدل إيست آي» البريطانية، حين قالت إن النقد يهرب من السعودية بمعدل أسرع بسبب الاقتصاد المتعثر، واعتبر ذلك أخبارا سيئة.

وأظهر البحث، أن المملكة شهدت مغادرة عشرات المليارات من الدولارات كل عام منذ 2012 وحتى نهاية العام الماضي.

ومن المتوقع أن يكون هناك المزيد من هذا الأمر العام الجاري.

ويقدر تقرير أن ما يصل إلى 64 مليار دولار من رأس المال الأساسي غادرت السعودية في عام 2017، بعد أن كان المبلغ 55 مليارا في 2016، وبالنسبة لهذا العام فمن المتوقع أن يستمر هذا التدفق خارج البلاد والذي يقدر بـ26 مليار دولار.

وشككت المجلة، في أن تكون الاستيلاءات المالية من الأمراء وغيرهم من العائلة المالكة قد أخذت في الاعتبار، والسبب هو أن «الأمراء كانوا محتجزين وبالتالي لم تكن لديهم حرية التحرك لنقل أموالهم خارج المملكة»، كما قال أحد المحللين.

وبعد أن انتهت واقعة «الريتز كارلتون»، حيث كان الأمراء محتجزين، يبدو من المرجح أنه سيكون هناك المزيد من هروب رؤوس الأموال، لأن كل شخص معني حر في القيام بذلك، ومع ذلك فقد يكون السبب الأهم لهذا الهروب هو الاقتصاد المحلي الباهت.

يأتي ذلك، في الوقت الذي ارتفعت في تحويلات الأجانب المقيمين في المملكة خلال شهر فبراير/شباط الماضي، بنسبة 19% لتبلغ 12.8 مليارات ريال (3.2 مليار دولار)، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، والتي شهدت تحويل 10.7 مليارات ريال (2.7 مليارات دولار)، حسب بيانات رسمية.

ومنذ شهور، تنشط حركة نزوح العمالة الأجنبية من المملكة، مدفوعة بإجراءات السلطات هناك، من فرض رسوم تصاعدية على المقيمين وضرائب متنوعة، علاوة على تزايد تطبيق سياسة السعودة للوظائف، وهو ما يؤدي لنشاط عمليات تحويل الأموال إلى الخارج، والتي تمثل مستحقات هذه العمالة.

وعلى الرغم من التحركات الأخيرة للابتعاد عن الاعتماد على صادرات النفط، لا تزال المملكة مقيدة بشكل كبير بالتغيرات في سوق الطاقة الدولي، ولا تزال الطاقة والمنتجات ذات الصلة تمثل 87% من ميزانية الحكومة وتسعة أعشار الصادرات.

الإمارات وعمان

لم يقف الأمر عند السعودية، بل كشف التقرير السنوي لمركز الإحصاء الخليجي، أن حجم تحويلات الوافدين في الإمارات 32.7 مليارات دولار.

وتستحوذ شركات الصرافة على الحصة الأكبر من تحويلات العاملين بنسبة 72%، فيما وصلت حصة البنوك من الإجمالي إلى 28% فقط.

وتعتبر الهند أكبر دولة في العالم متلقية للتحويلات من مواطنيها العاملين في الخارج، خاصة أن الإمارات تستضيف ما يصل إلى 2.65 مليون مهاجر هندي.

وتعتبر سلطنة عمان، من أعلى دول العالم، في مؤشر تحويلات العاملين كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، حيث احتلت المرتبة الثانية عالميا في عام 2015، وبلغت هذه النسبة ما يقارب 15.7%، في حين بلغت بعد ذلك بنحو 15.5%.

طفرة بالكويت

وفي الكويت، ارتفع حجم التحويلات المالية للوافدين في الكويت بنسبة 3% بنهاية الربع الأول من العام الجاري، لتصل إلى 3.3 مليارات دولار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، الأمر الذي أرجعه خبراء إلى الخوف من فرض ضرائب على التحويلات.

وأشارت بيانات صادرة عن حصر للمركز الخليجي للدراسات الاقتصادية، إلى أن نمو التحويلات جاء بشكل غير مسبوق مقارنة بالأعوام العشرة الماضية، لافتا إلى ارتفاع عمليات الاقتراض من البنوك الكويتية بغرض التحويل.

ويأتي ارتفاع التحويلات المالية، بينما وافقت لجنة الشؤون المالية في مجلس الأمة (البرلمان) قبل أسبوعين على مقترح بفرض ضرائب على تحويلات الوافدين، متوقعة تحقيق إيرادات للدولة تصل إلى ما يقرب من 230 مليون دولار سنويا.

من جانب آخر، حذر خبراء اقتصاد ومسؤولون في شركات صرافة من التداعيات السلبية على الاقتصاد جراء فرض ضرائب على التحويلات، مؤكدين أنها ستخلق سوقا سوداء دائمة، تخرج الغالبية العظمى من أموال الوافدين خارج النظام المالي برمته.

وأوضحوا أن التحويلات ارتفعت بنسب غير مسبوقة، عقب قرار لجنة الشؤون المالية الاقتصادية بمجلس الأمة بشأن فرض رسوم على تحويلات الوافدين.

ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمة في 17 أبريل/نيسان الجاري، مشروع القانون، وإذا تمت الموافقة على المسودة، فستتم إحالتها إلى الحكومة، وفي حال قبولها، يصبح المشروع قانونا، وبالتالي ستصبح الكويت أول دولة في «مجلس التعاون الخليجي» تفرض مثل هذه الضريبة.

وعبرت الحكومة عن قلقها من خلال مسؤوليها من أن يؤدي المشروع في حال الموافقة عليه إلى إضعاف السمعة الدولية للكويت وقدرتها على مكافحة غسيل الأموال، بالإضافة إلى الضرر الذي ستحدثه بجهود الكويت الرامية للتحول إلى مركز مالي إقليمي.

قطر أيضا

وعلى الرغم من الحصار المفروض على قطر، تظهر البيانات الرسمية، أن قيمة تحويلات العاملين بلغت 11.02 مليار ريال (3.02 مليار دولار)، بنهاية الربع الأول من العام الجاري.

وذكرت بيانات وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، أن تحويلات الوافدين زادت 0.4% مقارنة بالربع الأول من العام الماضي، وبلغت 10.98 مليارات ريال (3 مليارات دولار).

وخلال العام الفائت، بلغ إجمالي تحويلات العاملين في قطر حوالي 43.1 مليار ريال (11.8 مليار دولار)، وذلك حسب بيانات وزارة التخطيط.

ويزيد عدد الوافدين في قطر عن 2.1 مليون نسمة، من قرابة 100 جنسية حول العالم، ويمثلون 88% من التركيبة السكنية في البلاد، معظمهم من جنسيات آسيوية.

وأمام الوفرة الكبيرة في أعداد العمال والموظفين الوافدين، نشطت سوق التحويلات المالية من الدوحة إلى كامل أنحاء الدول، وخاصة من خلال شركات الصرافة العاملة وعددها 20 شركة.

ويعيش أكثر من 17 مليون أجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي الست، ويرتفع العدد الكلي إلى 23 مليونا أو أكثر، بعد إضافة أفراد أسر العمالة الوافدة، أي ما يعادل قرابة نصف سكانها البالغ عددهم 48.8 ملايين، بحسب أرقام رسمية.

ويضم مجلس التعاون الخليجي 6 دول، هي السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تحويلات الوافدين الخليج هروب رؤوس الأموال رجال الأعمال فساد