استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«فصام» حكام العراق وسوريا حول «التدخل الخارجي»!

الثلاثاء 17 أبريل 2018 04:04 ص

هناك شيء مضحك إلى حد البكاء في موقف النظام العراقي مما يجري بسوريا، من قصف وقتل للشعب وتدمير للبلد. موقفه من حزب البعث السوري، وأنشوطة التواجد الإيراني ـ الروسي من جهة والأمريكي ـ البريطاني ـ الفرنسي من جهة ثانية.

فضلا عن الدول الفاعلة على الارض، من خلال ميليشيات وقوات قتالية و«جهادية» بأحجام تتناسب، طرديا، مع مدى الدعم العسكري و«الإنساني» الذي تتلقاه من عديد الدول، من بينها دول عربية «شقيقة»، تمتد من لبنان إلى السعودية ودول الخليج.

تمتد تفاصيل مهزلة الموقف السياسي، المعبر عنه بتصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري إلى ما هو أعمق من التصريحات بصدد أحداث آنية.

تبين التفاصيل موقف حزب الدعوة باعتباره ممثلا للطائفة الشيعية من جهة ومعاديا لحزب البعث الذي حكم العراق لعقود، واستجارته بالقوى الخارجية لمساعدته على التخلص من النظام.

وفر الاحتلال الأمريكي للعراق وقوانين الحاكم العسكري بول بريمر فرصة لا تعوض لحزب الدعوة، مع آخرين، للتخلص الجسدي من حزب البعث عن طريق التطبيق لقانون اجتثاث البعث، ولاتزال حملته في الاجتثاث مستمرة، حيث أصدر، أخيرا، قرارا بمصادرة املاك كل من يشك بانه كان بعثيا، وضمت القائمة اسماء شخصيات غادرتنا إلى العالم الآخر قبل وصول البعث إلى الحكم.

استعادة هذه النقطة مهمة لفهم موقف حزب الدعوة الحاكم، بالعراق، متمثلا بتصريحات اثنين من قيادييه هما العبادي والجعفريّ، الداعم بقوة لنظام حزب البعث السوري سياسيا وعسكريا.

لماذا؟ كيف يبرر حزب الدعوة موقفه من نظام البعث السوري وهو الذي لم يدخر سبيلا في الـتآمر، والتفجيرات، ومحاولات الاغتيال، والقتال في صفوف القوات الإيرانية ضد العراقية، للقضاء على حزب البعث العراقي؟

ترى، يتساءل السذج منا، هل هناك بعث أخضر وآخر أسود، للتمييز بين الموقفين، هل هي المهارة السياسية أم أنه الولاء الطائفي المتجذر أبعد من الموقف السياسي؟

جوابا، يقول ابراهيم الجعفري في تصريح صحافي بعد اجتماع وزراء الخارجيَّة العرب في السعوديَّة «يجب أن نتكلـَّم بحجم شعبنا، فهذه ليست قضيَّة رئيس، أو وزير، أو رئيس وزراء، أو رئيس جمهوريّة، نحن نُدافِع عن الطفولة، والنساء، والشُيُوخ، والشباب».

مما يجعلنا، ونحن نعيش ذكرى مرور 15 عاما على غزو واحتلال العراق، وصدور احصائيات جديدة تدل على سقوط 3 ملايين عراقي نتيجة الاحتلال والإرهاب الناتج عن الاحتلال، إلى التساؤل عن السبب الذي منعه عن الدفاع عن «الطفولة، والنساء، والشُيُوخ، والشباب» العراقيين، ضد غارات «الصدمة والترويع» الأمريكية، عام 2003، مادامت القضية ليست قضية رئيس؟

وتبلغ أقوال ابراهيم الجعفري، مرحلة تضع حدا لأي تساؤل منطقي، حين يقول محذرا أمريكا « هذا النوع من الأسلحة، وهذا النوع من السياسات الخرقاء لا يُمكِن منع تداعياتها، وتأثيرها». مُضيفا قبل ساعات من قصف سوريا «لا نسمح أن تتكرَّر هذه الحماقات».

كيف؟ ما الذي سيقوم به النظام العراقي ليضع حدا لتكرار الحماقات الأمريكية، حسب الجعفري، على الرغم من تعاون حزب الدعوة مع أمريكا، سابقا، عبر سكوته على ضرب العراق بأسلحة سيبقى تأثيرها المميت، على مدى اجيال مقبلة، مثل اليورانيوم المنضب، أو حاليا عبر استمرارية وجود القواعد العسكرية والقصف الأمريكي تحت مسمى «التحالف الدولي»؟

وكيف ستكون العلاقة بين النظامين في ظل التحالفات، والنزاعات الدولية، والاقليمية والعربية، ومع ازدياد شيزوفرينيا الطائفية الدينية والعرقية والقبائلية، والاستعداد للتعاون مع الاجنبي على حساب القطيعة مع ابناء البلد الواحد، المصنفين بالإرهاب، فور اختلافهم مع اي نظام حاكم؟

في 5 كانون الاول/ ديسمبر 2017، قال العبادي، أن الحكومة تمتلك مشروعا كاملا لتأمين الحدود العراقية السورية، وأن القدرة العسكرية الكبيرة التي يمتلكها العراق، في الوقت الحالي، تنافس قدرات دول المنطقة.

إلا أن هذ التصريح يتناقض مع تواجد فصائل من ميليشيا الحشد الشعبي، التابعة لإيران، داخل سوريا لحماية النظام. ويتناقض مع صرف الحكومة العراقية رواتب المقاتلين البالغة ضعف رواتب مقاتلي الحشد داخل العراق.

ويتناقض مع استقبال الرئيس السوري بشار الأسد، مبعوث رئيس الوزراء مستشار الأمن الوطني العراقي، فالح الفياض، في 14 آذار/مارس 2018، واستلامه رسالة شفهية من حيدر العبادي، أكد فيها على «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات ولا سيما في الجانبين السياسي والأمني».

تدل هذه التصريحات المتناقضة مع الواقع، الذي تتحكم به إيران وأمريكا، كل حسب مصلحته، على ازدواجية المواقف ونجاح الساسة في تبني لغة موحدة، هدفها النهائي تضليل الشعوب أو الاستهانة بها.

تضم هذه اللغة مفردات لها وهجها الشعبي، الذي يعود إلى مرحلة التحرر الوطني، مثل «السيادة» و«عدم التدخل الاجنبي». ومن يراجع خطب حيدر العبادي وابراهيم الجعفري سيجد صعوبة في العثور على خطبة بدون هذه المفردات التسويقية.

والحال مماثل لدى معظم ساسة الحكومات العربية، خاصة تلك التي توجد فيها قواعد عسكرية وقوات (عنوانها: مستشارون ومدربون) أمريكية وشركات أمنية خاصة. ومن اتيحت له فرصة الاستماع إلى كلمة مندوب سوريا الدائم لدى مجلس الأمن الدولي بشار الجعفري، يوم السبت الماضي، لأستوقفه تأكيده «أن بلاده لن تسمح لأي تدخل خارجي برسم مستقبل سوريا».

وهو ما يجب ان يكون بطبيعة الحال، لولا انه حاول ذلك، أما استغباء الناس أو تمرير تعريف جديد للتدخل الخارجي، يستثني فيه التواجد الإيراني ومقاتلي حزب الله والقواعد العسكرية الروسية، مما يعيد إلى الاذهان خطاب دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي السابق، يدين فيه التدخل الاجنبي بالعراق متصرفا وكأن العراق ملكا للدولة الغازية أمريكا.

هنا، في العراق وفلسطين، علينا التوقف لفهم معنى المساعدة الغربية «الإنسانية» بقيادة أمريكا مع أي شعب عربي، ولنراجع معا قوائم خسارتنا البشرية والمادية كلما أنجز «التدخل الخارجي» واحدا من مهامه «الإنسانية». نتيجة الجرد معروفة: نحن الذين ندفع تكلفة قتلنا.

٭ د. هيفاء زنـﮔنة كاتبة من العراق

  كلمات مفتاحية

التدخل الخارجي حكام العراق وسوريا السياسيون الشيعة حزب البعث الغزو والاحتلال الأميركي الاحتلال الإيراني الولاء الطائفي الميليشيات الطائفية بول بريمر إبراهيم الجعفري حيدر العبادي