«المونيتور»: (إسرائيل) تشعر بالإحباط بعد الضربة الأمريكية على سوريا

الأربعاء 18 أبريل 2018 02:04 ص

انتهى الهجوم الأمريكي البريطاني الفرنسي الذي تم في 14 أبريل/نيسان الجاري، على البنية التحتية الخاصة بالأسلحة الكيماوية لنظام «بشار الأسد»، إلى كابوس طويل ومؤلم للقيادة السياسية والعسكرية لـ(إسرائيل).

وقال عضو رفيع في مجلس الوزراء لـ«المونيتور» شريطة عدم الكشف عن هويته: «من الواضح لنا أن هذا الهجوم لا يزيد بحال من قدرة أمريكا الرادعة في المنطقة بأي طريقة معتبرة، كما إنه لا يشير إلى أن الرئيس دونالد ترامب يخطط إلى ما نحب رؤيته في المستقبل. وبمجرد أن ينقشع الغبار، سيتضح أن الرئيس ترامب فعل أدنى ما يمكنه فعله، وهو بعيد كل البعد عما يجب أن يحدث فعلا لكبح بشار الأسد وبوتين ونصر الله».

حالة النشوة اختفت

في المرة الأخيرة التي شن فيها «ترامب» هجمات على سوريا  في أبريل/نيسان 2017- كان المزاج السائد في (إسرائيل) مختلفا للغاية، حيث كان يمكن أن يطلق عليه حالة نشوة، وكانت (إسرائيل) مقتنعة بأن «ترامب» كان يرسل إشارة إلى أنه ليس لديه خطط للتنازل عن الساحة لـ«بوتين».

وذهب التفكير إلى أن «ترامب» كان عازما على استعادة النظام في سوريا، على عكس الرئيس «باراك أوباما»، وأنه لن يسمح للحلف الشيعي بتولي السيطرة وإقامة محور من الخليج الفارسي إلى البحر المتوسط، لكنهم علموا لاحقا، أن الحقيقة هي أن «ترامب» لا يختلف عن «أوباما»، على الأقل في هذه المنطقة بالتحديد.

تم تشكيل التحالف الشيعي، وتقوم إيران الآن بوضع جسر بري يمد من طهران إلى طرطوس (ميناء سوري كبير)، ولن يكون للأمريكيين في سوريا تعامل مع أي من ذلك.

تعزية الذات

وبالنظر إلى هذه الخلفية، فإنه يمكننا فهم ترحيب (إسرائيل) بالضربة الأمريكية الأخيرة كمحاولة من المسؤولين لإقناع أنفسهم أن العملية الأمريكية في نهاية هذا الأسبوع كانت أكثر جرأة وأهمية مما تبدو عليه. ولكن هذه التصريحات أيضا كانت نوعا من التعزية الذاتية، فـ(إسرائيل) تدرك جيدا أن «ترامب» عازم على مغادرة سوريا عاجلا وليس آجلا، وكل المحاولات لإقناعه بالبقاء قد فشلت.

وقد استخدم رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» مواهبه الكبيرة في الإقناع، في حين أعلن الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» في 15 أبريل/نيسان أنه تمكن من إقناع «ترامب» بالبقاء، ومع ذلك، فإن الانطباع العام هو أن «ترامب» لم يكن مقتنعا تماما.

وقال مصدر دفاعي إسرائيلي طلب عدم ذكر اسمه إن «مصادر ترامب في سوريا أوضحت له أنه من المستحيل المغادرة على الفور، فأولا، عليه أن يكمل عملياته ضد الدولة الإسلامية، وما يعنيه هذا هو أن كل شيء يمكن تأجيله لبضعة أشهر. من ناحية أخرى، من الواضح أن الأمريكيين لن يكونوا هنا في النهاية، لأن الرئيس يعتقد أن قوات أمريكا بحاجة إلى أن تكون في أمريكا، ويجب على أي شخص يريد مشاركة أمريكية في المنطقة أن يدفع مقابل ذلك».

أولا وقبل كل شيء، احتاجت (إسرائيل) إلى تدخل أمريكي لمساعدتها في تعاملاتها مع موسكو، وبينما تدرك أن العملية الأمريكية لا علاقة لها بالمصالح الإسرائيلية في سوريا، والتي تركز على منع إيران من إقامة وجود استراتيجي هناك، فإن «نتنياهو» ووزير الدفاع «أفيغدور ليبرمان» ما يزالان يتشبثان بفكرة أن صواريخ كروز التي نشرت الرعب في أفق دمشق نهاية هذا الأسبوع، هي إشارة إلى «بوتين» بأن هذه الجبهة لم يتم التخلي عنها كلية.

ووفقا لهذه النظرية، فإن «ترامب» يحفظ حق المشاركة متى كانت المصالح الأمريكية مهددة، وما تأمل (إسرائيل) الآن أن تحققه هو إقناع «ترامب» بأنه من مصلحة أمريكا أن تبقي إيران بعيدة عن السياج الحدودي مع (إسرائيل) ومن البحر الأبيض المتوسط ​​ومن القواعد الجوية السورية.

ويبقى أن التدخل الجراحي الأمريكي الأدنى، يبقي بعض الأمل على قيد الحياة، ويمكن لـ(إسرائيل) أن تستمر في الإيمان بوجود أحد يمكن الاعتماد عليه، على الرغم من الانسحاب السريع المتوقع للقوات الأمريكية من الساحة.

أحلام تصطدم بالواقع

ولكن الخلاصة هي أنه عندما يتعلق الأمر بالجبهة الشمالية، فإن أحلام اليمين الإسرائيلي الوردية التي صعدت إلى الواجهة عندما تم انتخاب «ترامب»، يتم تنحيتها بسرعة، وهم يرون أن «ترامب» أشبه بتاجر يبيع بضاعة عندما يتعلق الامر بالقدس (مثل مسألة نقل السفارة) أو الانسحاب المحتمل من الاتفاقية النووية مع إيران (ترامب سيفعل ذلك في مايو/أيار). فمن ناحية أخرى، وفيما يتعلق بسوريا، فإن (إسرائيل) تصحو على كابوس عنيف، بعد أن انتهت تغريدات «ترامب» العدائية عن سوريا بضربة خافتة لا تذكر.

وقيمت المخابرات الإسرائيلية هجوم نهاية الأسبوع بأنه لم يتسبب في إلحاق ضرر كبير بنظام «الأسد»، ولم يهدد استقراره، كما أنه لم يسبب أي ضرر طويل المدى للبنية التحتية للأسلحة الكيميائية في سوريا التي تبين أنها لم تتأثر كثيرا باتفاق التخلص من الأسلحة الكيماوية في عهد «أوباما».

وعلى الرغم من التقييمات الاستخبارية الغربية السابقة، احتفظ «الأسد» بالكثير من قدراته في مجال الأسلحة الكيماوية وقام في الآونة الأخيرة بإعادة إحياء البنية التحتية لتصنيع الأسلحة الكيميائية، وفي هذه الأثناء، كانت (إسرائيل) قد أوقفت تصنيع الأقنعة الواقية من الغاز منذ عامين، وجمعت جميع المعدات الواقية التي تم توزيعها على السكان، وهي الآن تواجه نظام دفاع مدني معقد وقرارات صعبة يتوجب عليها اتخاذها.

فـ«الأسد» ما يزال يمتلك أسلحة كيماوية، وإيران تكتسب موطئ قدم في قلب سوريا، و«حزب الله» يزيد قدراته، ما يدفع (إسرائيل) لإعادة تقييم خططها الاستراتيجية، والتدخل بين الحين والآخر لتخريب خطط «بوتين»، وتحدي استقرار «الأسد» ومنع إيران من ترسيخ نفسها في سوريا إلى أن تصل الدول العظمى إلى نتيجة مفادها أن الأمر متروك لها للتدخل أو ترك الأمور تتدهور لحرب شاملة في المنطقة.

المصدر | بن كاسبيت - المونيتور

  كلمات مفتاحية

سوريا (إسرائيل) ترامب ضربة سوريا حزب الله إيران