«ن.تايمز»: السعودية تستعين بقوات خاصة أمريكية لحماية حدودها مع اليمن

الخميس 3 مايو 2018 09:05 ص

لسنوات، سعى الجيش الأمريكي إلى الابتعاد عن الحرب الأهلية الوحشية في اليمن حيث تقاتل السعودية مجموعة من المتمردين الذين لا يشكلون أي تهديد لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

لكن في أواخر العام الماضي، وصل فريق يضم نحو 12 من ذوي القبعات الخضراء (الكوماندوز الأمريكي) على حدود المملكة العربية السعودية مع اليمن في تصعيد مستمر للحروب السرية الأمريكية.

وتساعد قوات الكوماندوز في الجيش في تدمير المخابئ للصواريخ البالستية والتعرف على المواقع التي يستخدمها المتمردون الحوثيون في اليمن لمهاجمة الرياض والمدن السعودية الأخرى.

وقدمت تفاصيل عن عملية ذوي القبعات الخضراء، التي لم يتم الكشف عنها سابقا، إلى «نيويورك تايمز» من قبل مسؤولين أمريكيين ودبلوماسيين أوروبيين.

ويتناقض هذا الوجود الأمريكي مع تصريحات البنتاغون بأن المساعدة العسكرية الأمريكية للحملة التي تقودها السعودية في اليمن تقتصر على تزويد الطائرات بالوقود واللوجستيات وتبادل المعلومات الاستخبارية العامة.

و ليس هناك ما يشير إلى أن الكوماندوز الأمريكي عبر الحدود إلى اليمن كجزء من المهمة السرية، لكن إرسال قوات برية أمريكية إلى الحدود هو تصعيد ملحوظ للمساعدة الغربية لاستهداف مقاتلي الحوثي.

تغير المهمة

بعد سنوات من استخدامها كقاعدة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أصيبت اليمن بالاضطرابات الأهلية منذ عام 2014، عندما اقتحم المتمردون المسلمون الشيعة من شمال البلاد العاصمة، صنعاء، وأطاح الحوثيون، المدعومون من إيران، بحكومة الرئيس «عبد ربه منصور» هادي المعترف بها دوليا.

وفي عام 2015، بدأ تحالف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية في قصف الحوثيين، الذين ردوا بإطلاق الصواريخ على المملكة.

ومع ذلك، لا يوجد دليل على أن الحوثيين يهددون الولايات المتحدة مباشرة، ولم تصنف الولايات المتحدة جماعة «الحوثي» كمنظمة إرهابية.

وقد تم نشر «القبعات الخضراء»، وهي قوات الجيش الأمريكي الخاصة، على الحدود في ديسمبر/ كانون الأول، بعد أسابيع من سقوط صاروخ باليستي أطلق من اليمن بالقرب من الرياض، العاصمة السعودية.

وقال الجيش السعودي إنه اعترض الصاروخ فوق مطار المدينة الدولي وهو ادعاء تم التشكيك فيه من خلال تحليل للصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالضربة، لكنه كان كافياً لولي العهد «محمد بن سلمان» كي يجدد طلباً طال انتظاره بأن ترسل الولايات المتحدة قوات لمساعدة المملكة على مكافحة تهديد «الحوثي».

وقال ستة من المسؤولين - من الجيش الأمريكي وإدارة «ترامب» والدول الأوروبية والعربية - إن القوات الخاصة الأمريكية تدرب قوات برية سعودية لتأمين حدودها، كما أنهم يعملون بشكل وثيق مع محللي الاستخبارات الأمريكية في نجران، وهي مدينة في جنوب السعودية تعرضت لهجمات متكررة بالصواريخ، للمساعدة في تحديد مواقع الحوثيين داخل اليمن.

على طول الحدود المليئة بالثغرات، يعمل الأمريكيون مع طائرات مراقبة يمكنها جمع إشارات إلكترونية لتعقب أسلحة «الحوثي» ومواقع إطلاقها، بحسب المسؤولين، الذين تحدثوا جميعًا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

وخلال اجتماع في الكابيتول هيل في مارس/آذار، ضغط أعضاء مجلس الشيوخ على مسؤولين في البنتاغون للإفصاح عن تفاصيل حول دور الجيش الأمريكي في الصراع الذي تقوده السعودية، مطالبين بمعرفة ما إذا كانت القوات الأمريكية معرضة لخطر الدخول في أعمال عدائية ضد الحوثيين.

وقد أخبر مسؤولو البنتاغون أعضاء مجلس الشيوخ بما سبق أن قيل علنا، وهو أن القوات الأمريكية المتمركزة في المملكة العربية السعودية تعمل فقط داخل حدود المملكة وتركز غالبا في مهام الدفاع عن الحدود.

وقال الجنرال «جوزيف إل فوتيل»، رئيس القيادة المركزية الأمريكية، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ يوم 13 مارس/آذار: «يؤذن لنا بمساعدة السعوديين في الدفاع عن حدودهم»، وأضاف: «إننا نقوم بذلك من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية، ومن خلال الدعم اللوجستي ومن خلال المشورة العسكرية التي نقدمها لهم».

وفي 17 أبريل/نيسان، أبلغ «روبرت س. كارم»، مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي، لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أن الولايات المتحدة لديها نحو 50 عسكريًا في المملكة العربية السعودية، يساعدون بشكل كبير في مسألة التعامل مع الصواريخ الباليستية.

وجاء تدخل القوات الخاصة بهدف التعامل مع مشكلة متزايدة الصعوبة بالنسبة إلى الجيش السعودي، ويعد وجودهم هو أحدث مثال على العلاقة المزدهرة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في عهد الرئيس «ترامب» والأمير «محمد بن سلمان».

علاقات مزدهرة

وكانت أول رحلة خارجية للسيد «ترامب» بعد توليه منصبه إلى الرياض، قبل عام تقريبًا، وعلى النقيض من ذلك، انتقد الرئيس «باراك أوباما» بشكل منتظم المملكة العربية السعودية بسبب الإصابات بين صفوف المدنيين الناجمة عن حملة القصف في اليمن، وحجب مبيعات الأسلحة إلى المملكة.

وفي شهر مارس/آذار، عندما التقى ولي العهد السعودي الرئيس «ترامب» وكبار مسؤولي الأمن القومي في واشنطن، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع ما يقدر بنحو 670 مليون دولار من الصواريخ المضادة للدبابات في حزمة أسلحة تضمنت أيضًا قطع غيار للدبابات الأمريكية الصنع وللمروحيات التي سبق للمملكة شراؤها.

«المملكة العربية السعودية أمة غنية جداً، وستمنح الولايات المتحدة بعض هذه الثروة على أمل الحصول على وظائف، في شكل شراء أجود المعدات العسكرية في العالم»، وفق ما قاله «ترامب» في ذلك التوقيت، عارضا لوحة تضم طائرات عسكرية بقيمة 12.5 مليار دولار وافقت الولايات المتحدة على بيعها إلى المملكة العربية السعودية.

حملة غامضة

ولكن دعم الجيش الأمريكي للحملة السعودية ضد الحوثيين يختلف عن حملة البنتاغون ضد المتشددين الآخرين في اليمن.

خلال العامين الماضيين، وسعت القوات اليمنية والإماراتية المدعومة من الولايات المتحدة حربا غامضة في المناطق الوسطى والجنوبية في اليمن، واستهدفت هذه الجهود أكثر من 3000 عضو في فرع القاعدة وحلفائها القبليين، ما دفعهم إلى المناطق الجبلية الوعرة.

وفي العام الماضي، وكجزء من حملة «ترامب» المكثفة ضد المنظمات الإرهابية، شنت الولايات المتحدة أكثر من 130 غارة جوية في اليمن، بحسب القيادة المركزية الأمريكية، واستهدفت معظم الغارات تنظيم القاعدة في حين تم إطلاق 10 منها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

وبالمقارنة، شن الجيش الأمريكي 38 ضربة فقط في اليمن في عام 2016.

وقال مسؤولون إن الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين، وهي حملة تشمل الإمارات العربية المتحدة والأردن ودولا أخرى، كان قد تم تحديده في البداية في وثيقة عام 2015 عُرفت باسم مذكرة رايس، والتي سميت باسم «سوزان رايس»، والتي كانت في ذلك الوقت مستشار «أوباما» للأمن القومي.

ووضعت المذكرة تفاصيل المساعدة العسكرية وكان الهدف منها منع الولايات المتحدة من القيام بعمليات هجومية ضد الحوثيين، مع التركيز على مساعدة السعوديين في تأمين حدودهم.

ولكن في ظل إدارة «ترامب»، يبدو أن نطاق هذه المبادئ التوجيهية قد نما، كما يتضح من إضافة طائرات المراقبة الأمريكية وفريق القبعات الخضراء.

كانت الحملة الجوية السعودية في عام 2015 في البداية موجهة إلى مخزونات الصواريخ الباليستية السوفيتية القديمة التي استخدمت لأول مرة في الحرب الأهلية في اليمن عام 1994، واعتبر الجيش السعودي أن تلك الأسلحة يمكن أن تقع في أيدي الحوثيين.

وفي أبريل/نيسان 2015، بعد شهر من الضربات، قال التحالف الذي تقوده السعودية إنه حقق أهدافه في تدمير الصواريخ والمعدات المستخدمة لإطلاقها، لكن في يونيو/حزيران الماضي، دشن المتمردون الحوثيون أول إطلاق للقذائف التسيارية التي استهدفت مدينة خميس مشيط، وهي مدينة سعودية تبعد حوالي 60 ميلاً عن الحدود اليمنية.

ومنذ ذلك الحين، أطلق الحوثيون عشرات الصواريخ، بما في ذلك صواريخ مضادة للطائرات قصيرة المدى معدلة وذخيرة إيرانية مستوردة، وقام البيت الأبيض ووزارة الخارجية بإدانة الهجمات موجهين أصابع الاتهام إلى طهران.

وقال وزير الخارجية «مايك بومبيو» خلال زيارة إلى الرياض يوم الأحد: «إيران تزعزع استقرار المنطقة بأكملها، إنها تدعم الميليشيات التي تعمل بالوكالة والجماعات الإرهابية وتعمل كمورد أسلحة للمتمردين الحوثيين في اليمن».

ومنذ عام 2015، قام المتمردون الحوثيون بإطلاق أكثر من 100 صاروخ باليستي والعديد من الصواريخ الأخرى ضد المراكز السكانية الرئيسية والمطارات الدولية والمنشآت العسكرية والبنية التحتية النفطية داخل السعودية.

وخلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام فقط، أطلق الحوثيون أكثر من 30 صاروخًا - تقريبًا نفس العدد الذي تم إطلاقه في عام 2017 - وفقًا للبيانات التي جمعها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

ويقول «مايكل نايتس»، زميل في معهد واشنطن، إن القوات السعودية تحاول التصدي لتهريب الأسلحة من الساحل الغربي لليمن، مثل الميناء الذي يسيطر عليه الحوثيون في الحديدة، حيث يعتقد المسؤولون في الرياض أن مكونات الصواريخ يتم شحنها من هناك.

ولا تمتلك المملكة في هذا الصدد سوى خيارين، الأول هو العثور على الصواريخ في أماكن تخزينها، الأمر الذي يتطلب قدرا كبيرا من الذكاء، والثاني أصعب بكثير، وهو الهجوم على مواقع الإطلاق.

وقد يتمكن المتمردون الحوثيون من إخفاء منصات إطلاق الصواريخ المحمولة في أي مكان، من قلب الجبال إلى أسفل الطرق السريعة حيث يتم نقلها بسهولة لأماكن الإطلاق.

ويتطلب التعامل مع هذه المشكلة وجود نظام جيد التنظيم من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، يمتد من الأقمار الصناعية إلى القوات على الأرض، لضمان قدرة الطائرات على العثور على قاذفات الصواريخ وتدميرها بسرعة.

«في بيئة صاروخية متنقلة، هذا تحدٍ»، وفق ما قاله الجنرال «ديفيد ل. غولدفين»، رئيس أركان القوات الجوية، في مقابلة صحفية.

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

السعودية الحوثي صواريخ الحوثي محمد بن سلمان ترامب الكوماندوز الأمريكي

لتحصين نفسها.. السعودية تتجه لإحياء مشروع بناء جدار عازل مع اليمن