أكاديمية بريطانية: علاقات إيران بروسيا.. من التكتيكية إلى الاستراتيجية

الأحد 6 مايو 2018 05:05 ص

تتقلب علاقات طهران مع روسيا بشكل عام بين التكتيكي والاستراتيجي، ومن وجهة نظر إيرانية يرجع هذا في الغالب إلى عاملين، من هو في السلطة في إيران، وما هي حالة علاقات البلاد مع الغرب.

وتميل الحكومات المحافظة إلى بناء شراكة استراتيجية مع روسيا. فعلى سبيل المثال، سعى الرئيس السابق «محمود أحمدي نجاد» إلى القيام بذلك كجزء من سياسته الخارجية «نظرة إلى الشرق»، وعادة ما تكون العلاقات مع الغرب متوترة في ظل هذه الإدارات، الأمر الذي يسهل تعزيز العلاقة الإيرانية مع روسيا، التي تشارك إيران معاداتها للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعلى النقيض من ذلك، يعطي المعتدلين والإصلاحيين أولوية كبيرة لتحسين علاقات إيران بالغرب، مما يؤدي إلى ظهور مفهوم محور طهران وموسكو على أنه تكتيكي وقائم على القضايا الآنية.

وبالنظر إلى حقيقة وجود إدارة معتدلة، بقيادة الرئيس «حسن روحاني»، الآن في السلطة، بينما في نفس الوقت تنخفض طبيعة العلاقات الإيرانية مع الولايات المتحدة إلى مستوى تاريخي من الانخفاض، يجعل ذلك من الصعب على طهران تحديد شكل علاقاتها الحالية مع روسيا.

ومنذ انتخابها في يونيو/حزيران 2013، وبشكل مضاعف في أعقاب الإعلان عن الاتفاق النووي في يوليو/تموز 2015، ركزت إدارة «روحاني» على الحد من التوترات مع الغرب، وزيادة التعاون السياسي والاقتصادي الثنائي. وهذا بدوره يعني أن روسيا كان ينظر إليها في الأساس على أنها حليفة في الوقت الذي تتسق فيه المصالح (كما هو الحال في سوريا)، ولكن دون طموح أو رغبة في التحرك نحو شراكة استراتيجية.

وعلى مدار العام الماضي، يبدو أن الأمور تغيرت تدريجيا، وتفاقمت العلاقات مع الغرب منذ انتخاب الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، ووسط الموقف العدواني للولايات المتحدة تجاه إيران، يتوسع التعاون الروسي الإيراني، وقد أصبحت مقاومة الزعماء المعتدلين أو الإصلاحيين للتقرب من موسكو، سواء على الصعيد الإقليمي أو في الاتفاق النووي، ضئيلة الآن.

وفي الواقع، على مدار الأشهر القليلة الماضية، أقر المسؤولون الإيرانيون بالدعم الذي قدمته روسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عندما استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد القرار المقدم للضغط على إيران بسبب الاستخدام غير القانوني للصواريخ إيرانية الصنع من قبل المتمردين «الحوثيين» في اليمن. وبالمثل، عندما انتقدت موسكو الولايات المتحدة بسبب طلب عقد اجتماع طارئ للأمم المتحدة لمناقشة المظاهرات التي خلفت 21 قتيلا على الأقل في إيران في يناير/كانون الأول.

ونتيجة لذلك، ظهرت المزيد من الإشارات إلى الطبيعة الاستراتيجية لتحالف إيران مع روسيا. وعلى سبيل المثال، خلال زيارته الـ23 لموسكو، أكد وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف» «عمق العلاقات الاستراتيجية بين إيران وروسيا، التي لا تزال تلعب دورا رئيسيا في إرساء الأمن والاستقرار في المنطفة».

وبالمثل، أشار «علي أكبر ولايتي» مستشار الشؤون الخارجية للمرشد الأعلى «علي خامنئي»، إلى معارضة روسيا لقرار مجلس الأمن المذكور آنفا باعتباره «مؤشرا على تنامي العلاقات الاستراتيجية بين إيران وروسيا».

وبعد ترشيح «ترامب» لـ«مايك بومبيو» كوزير للخارجية و«جون بولتون» كمستشار للأمن القومي، وكلاهما من المتشددين تجاه إيران، صرح رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني «علاء الدين بروجردي» بأن على قادة إيران «تعزيز نظرتهم نحو الشرق، وخاصة الصين وروسيا».

ولا يزال مسار طهران نحو التوافق التام مع موسكو، رغم هذه التصريحات، يواجه عقبات كبيرة. وأهمها هو المرونة التي تظهرها موسكو في تعاونها مع خصوم طهران، بما في ذلك (إسرائيل) والمملكة العربية السعودية.

وعلى الرغم من محاولات روسيا لتصوير شراكاتها الموازية كدليل على نهجها القائم على السياسة الواقعية في السياسة الخارجية، تشعر إيران أن مثل هذه العلاقات تؤدي إلى تفاقم التوترات الكامنة في العلاقة الروسية الإيرانية، وتزيد من شكوك طهران بشأن أهداف موسكو طويلة المدى في الشرق الأوسط، ويعني هذا أن صانعي السياسة الإيرانيين لا يستبعدون إمكانية التخلي عنها لصالح شريك آخر، إذا أصبحت ضرورية أو جديرة بالاهتمام، ولا سيما في حالة سوريا، حيث إنه على الرغم من المصالح المتقاربة، فإن الاثنين يفتقدان إلى رؤية استراتيجية مشتركة، وقد ظهر المزيد من عدم الثقة في طهران على مدى الأشهر القليلة الماضية، حيث اعتبرت روسيا أنها استفادت من الوضع في سوريا دون أن تدفع الثمن نفسه بالدم والأموال.

فهل تقرر إيران التغاضي عن هذه العقبات، مع اختيار محور كامل نحو شراكة استراتيجية مع روسيا خلال الأعوام الـ3 المتبقية من رئاسة «روحاني»؟ يعتمد هذا إلى حد كبير على السياسة التي ستتبناها الولايات المتحدة في المنطقة، وبشكل أكثر تحديدا تجاه طهران. وعلى سبيل المثال، من المرجح أن يؤدي قرار للولايات المتحدة بالرد العسكري ضد نظام «الأسد» إلى تعزيز محور طهران وموسكو في سوريا، وبالتالي تعزيز شراكتهما.

وبالمثل، فإن إعادة فرض العقوبات الأمريكية وما يترتب على ذلك من تهديد لبقاء الاتفاق النووي من المرجح أن يدفع الحكومة الإيرانية إلى إعادة النظر في محاولاتها لتحسين العلاقات مع الغرب، وبدلا من ذلك يجعلها تتجه شرقا، نحو روسيا والصين. وقد تكون الأشهر القادمة بمثابة لحظة حاسمة في تشكيل سياسة طهران تجاه روسيا لأعوام مقبلة.

  كلمات مفتاحية

روسيا إيران الشراكة الاستراتيجية الولايات المتحدة الاتفاق النووي

إيران تفرج عن أكاديمية بريطانية مدانة بالتجسس