استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

النكبة والجذور الفاشية للمشروع الصهيوني

الأحد 13 مايو 2018 06:05 ص

في الذكرى السبعين للنكبة، وهي استطراد تصادف الذكرى السبعين لإقامة الكيان الصهيوني الذي سوف ينقلب إلى دولة احتلال واستيطان وتمييز عنصري؛ ثمة حقائق يتوجب استذكارها على الدوام، ليس من زاوية المضامين الكارثية التي اقترنت بالنكبة وحاقت، يومذاك، بما يزيد على 850 ألف فلسطيني.

فهذه صارت أدبيات تاريخية راسخة ومفتوحة على المزيد من البحص والتوثيق؛ بل من زاوية التشديد على ما يحتاج دائماً إلى إعادة تشديد: التراث الفاشي للصهيونية، الذي توجب أن يستولد الشخصية الفاشية المعاصرة لدولة الاحتلال.

وليس الحديث عن هذا التراث محض نزوع رغبوي من جهة معادية للكيان الصهيوني على طول الخطّ، كما قد يفترض قائل، بل هو وجهة نظر باتت واسعة الانتشار لدى كتّاب ومعلّقين إسرائيليين؛ وآخرين صهاينة.

(نعم!) هنا وهناك في أوروبا وأمريكا، باتوا يشفقون على «المشروع الصهيوني»، «العلماني» و«الديمقراطي» و«المدني»، من مغبة الانحدار إلى مستويات أكثر انحطاطاً في السلّم الفاشي.

وهكذا نقرأ معلّقاً مثل جدعون ساميت، يجزم بأنّ «هذه الدولة» تسير حثيثاً إلى أكثر السيناريوهات عنصرية وفاشية، وبالضبط إلى الحلول التي يطرحها اليمين الفرنسي المتطرّف؛ ذاك الذي ينبغي أن تمقته الصهيونية أكثر من أيّ فرنسي آخر، لا لشيء إلا لأنّ الإسرائيليين على يقين تامّ من أنه يمقتهم أكثر من أيّ مجموعة بشرية أخرى على وجه الأرض!

ولعلنا لن نعدم، في غمرة السعار الذي سيقترن باحتفالات الذكرى السبعين، من يعيد إحياء ذكرى أبا أخيمئير (1897 ـ 1962)، أحد كبار قادة الحزب «التنقيحي» الذي أسّسه زئيف جابوتنسكي، وصاحب المواقف المتشدّدة ضدّ «الصهاينة الكاذبين» من مجموعة «أحباب صهيون».

ومنذ أواخر عشرينات القرن الماضي أعلن أخيمئير أنّ المنظمة الصهيونية (أي تلك «العلمانية» و«الاشتراكية» و«الإنسانية»…) باتت جثة هامدة ينبغي أن تُدفن سريعاً قبل أن تزكم رائحتها أنوف «الصهاينة الأطهار».

وهؤلاء كانوا شباب الحركة الصاعدين، من أمثال مناحيم بيغين وإسحق شامير، أبطال العمليات الإرهابية القادمة ضدّ الفلسطينيين والبريطانيين على حد سواء، وقادة أحزاب إسرائيل ورؤساء وزاراتها في العقود التالية.

وكان الأمر سيبدو صراعاً عقائدياً داخل أبناء الصفّ الصهيوني الواحد، لولا أنّ أخيمئير كان في الواقع فاشيّ الهوى، علانية، دون مواربة، وبحماس منقطع النظير؛ واعتاد على كتابة عمود بعنوان «من يوميات فاشيّ» في مجلة «دوار هايوم»، التي كانت تصدر بالعبرية في فلسطين.

فاشية أخيمئير لم تكن مجرّد إعجاب بالفاشية الأمّ، بل كانت دعوة إلى تطابق تامّ ومباشر مع العقيدة الفاشية الإيطالية، ومع شخصية بنيتو موسوليني؛ حتى أنه لم يتردد في إطلاق لقب «دوتشي يهودا والسامرة» على جابوتنسكي.

أكثر من ذلك، اعتبر أخيمئير أن صعود النازية الألمانية يقدّم خدمة خماسية للحركة الصهيونية، لأنه يخلصها من ميوعة الصهاينة الإنسانيين من أمثال آحاد هاعام، ومن يسير في ركابه ضد فكرة الدولة اليهودية في فلسطين.

ويبرهن أن الدوس على روح الأمة سوف يطلق أفضل ما فيها: أبطالها الأشبه بالأنبياء؛ ويثبت إفلاس الذين يفضّلون تحسين أوضاع اليهود في الشتات، بدل نقلهم إلى فلسطين.

ويقدّم دليلاً جديداً على استحالة اندماج اليهود في مجتمعاتهم «المضيفة»؛ وأخيراً، يُضعف الشيوعية السوفييتية، ويطهّر ألمانيا، أعظم الأمم في عالم «الأغيار»، من شبح الشيوعية كما تنبأ به «اليهودي العاقّ كارل ماركس»…

وليست دورة الزمان طويلة بين عشرينيات القرن الماضي، حين تماهت الصهيونية مع الفاشية والنازية معاً، والعقود الأولى من هذا القرن؛ حين تقول استطلاعات الرأي إنّ غالبية 46٪ من الإسرائيليين يقرّون ما كان أخيمئير نفسه يتحرّج من إعلانه، أي تنظيم «ترانسفير» جديد، وطرد قرابة مليونَي عربي فلسطيني خارج أراضي 1948.

ذلك لأنّ جذور المشروع الصهيوني لم تضرب أصلاً إلا في تربة كهذه، فاشية واستيطانية وعنصرية.

- صبحي حديدي كاتب سوري.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

نكبة فلسطين الصهيونية جذور فاشية «المشروع الصهيوني» العلمانية الديمقراطية الدولة المدنية أبا أخيمئير الصهيونية «التنقيحية» زئيف جابوتنسكي