لماذا تفشل التحالفات السعودية؟

الأحد 13 مايو 2018 07:05 ص

يتطلب إنشاء الاتفاقات والتحالفات الأمنية بين البلدان مستويات عالية من التعاون من جانب أعضائها، للتعامل بفعالية مع مختلف التهديدات.

وعلى سبيل المثال، دعت المملكة العربية السعودية ومصر إلى «حلف الناتو العربي»، بهدف مواجهة الإرهاب.

ويواجه هذا التحالف المقترح بالفعل العديد من التحديات الداخلية والخارجية، مثل الخلاف حول مستقبل حكومة «الأسد» في سوريا، وكيفية التعامل مع النزاعات في ليبيا واليمن.

ويمكن لهذا أن يجعل بقاء مثل هذه الترتيبات على المدى الطويل أمرا بالغ الصعوبة، خاصة في البيئات التي تتغير بسرعة وتحت الضغوط الهائلة.

وتتطلب التحالفات من الدول الأضعف قبول قيادة الدول الأقوى.

ومع ذلك، لم تتمكن الثروة السعودية من شراء الأمن وحماية مصالحها، على سبيل المثال، صوت برلمان باكستان على عدم الانضمام إلى حرب اليمن، على الرغم من الضغوط السعودية، وأعلنت «إسلام آباد» أنها لن تنضم إلى الحرب إلا إذا هاجم الحوثيون الرياض مباشرة.

وفي حالة أخرى، رفض الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، الذي يتمتع بمساعدات مالية من الرياض، تزويد السعوديين بقوات برية في اليمن، ولم يوافق إلا على هجمات جوية في خليج عدن.

وكنتيجة لقدرات المملكة المحدودة في الإقناع، يعتبر تحالف المملكة - بشكل عام - غير رسمي، وهو تحالف تكتيكي وليس استراتيجيا.

وقد حاولت السعودية إنشاء تحالفات متعددة الأطراف مع العرب والمسلمين وبعض الدول الأخرى، وكان أول تشكيل هو التحالف العربي في اليمن في مارس/آذار عام 2015.

وفي وقت لاحق، تم إنشاء التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب في ديسمبر/كانون الأول 2015، وكان آخرها، التحالف الذي اجتمع في يونيو/حزيران 2017، لإجبار قطر على الخضوع لهيمنة المملكة على مجلس التعاون الخليجي.

وتواصل التحالفات الثلاثة تحت قيادة المملكة العربية السعودية مسار الانحدار والضعف، وتثبت هذه التحالفات عدم جدواها يوما بعد يوم، ولا يتفق جميع الأعضاء بشكل متساوٍ على نفس المقاصد.

ولا توجد قيود على مدة هذه التحالفات، ولكن إلغاءها يكون دائما ممكنا، ويضم تحالف اليمن المغرب والسنغال والولايات المتحدة، وجميعهم يقف على بعد آلاف الأميال من ساحة المعركة، ويقع عدد من أعضاء التحالف الإسلامي المؤلف من 40 عضوا ضد الإرهاب بعيدا جدا عن مركز القيادة في الرياض.

احتواء ايران

ويعتبر منع إيران من التوسع غربا أحد الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية الحالية للمملكة، ويخشى السعوديون من توسع إيران وتأثيرها الإقليمي.

وأنشأت المملكة تحالفا غير رسمي لمنع امتداد نفوذ إيران وقطر إلى أفريقيا، وتحقيقا لهذه الغاية، وصلت السعودية إلى موريتانيا والسنغال من ناحية، وليبيا وتشاد من ناحية أخرى.

وسافر رئيسا السنغال وموريتانيا إلى الرياض لمناقشة هذه المسألة في أبريل/نيسان 2015، وقد التزما بإرسال الآلاف من قواتهما للانضمام إلى القتال ضد اليمن تحت قيادة المملكة.

وعلى الرغم من أن الدول تلك تتشارك في هوية إسلامية مشتركة، لكنه ليس كل الأعضاء الـ41 في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب هم في الواقع مسلمون.

وعلى سبيل المثال، فإن معظم المواطنين في الجابون من المسيحيين، ولا يضم الأعضاء حكومات يسيطر عليها الشيعة، مثل إيران أو العراق أو سوريا، وأيضا، لا أحد من أعضاء هذه التحالفات على استعداد لقبول هيمنة المملكة العربية السعودية.

فبعد كل شيء، فإن المال السعودي غير قادر على منع التهديدات المباشرة ضد مصالحهم في حين تكون هذه التحالفات مشروطة بالدعم المالي والإذعان المطلق للرياض.

ولقد حاولت الرياض تغيير مجلس التعاون الخليجي إلى تحالف للأمن الجماعي منذ إنشائه في الثمانينات.

وقد رفض حلفاء الرياض (الكويت وعمان وقطر وحتى الإمارات العربية المتحدة) هذه المحاولات، كما حاولت المملكة الارتقاء بمستوى التعاون العسكري بين دول المجلس والولايات المتحدة، ونقل تصنيف المنظمة إلى نظام للدفاع المشترك مثل حلف الناتو.

لكن العلاقات بين دول المجلس وواشنطن لم تكن دائما وردية، فعلى سبيل المثال، أضرت الولايات المتحدة بمصداقيتها بين أعضاء المجلس عندما طالب «باراك أوباما» الزعيم المصري «حسني مبارك» بالتنحي، بعد الاحتجاجات العامة عام 2011، وكذلك، عندما كان أعضاء المجلس يحاولون التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن أنظمة دفاع صاروخي جديدة، وعندما طالب «أوباما» بأن يحافظ المجلس على سلام بارد مع إيران.

ومن خلال الذهاب إلى الحرب في اليمن، التي كانت ظاهريا لمقاومة المتمردين المتحالفين مع إيران، أبدت السعودية اهتماما ضئيلا بمثل هذا السلام البارد.

ولقد انخرطت القوات السعودية في اليمن لفترة طويلة دون نجاح يذكر، على الرغم من امتلاكها لأحدث التقنيات والأسلحة، وذلك بفضل الولايات المتحدة، ومن غير المرجح أن تواجه الرياض طهران بشكل مباشر بدون ضوء أخضر من واشنطن، وحتى الآن، تقوم سياسة الولايات المتحدة في المنطقة على منع الحرب المباشرة ضد إيران.

ميزان القوى ضد إيران

وقد واجهت المحاولات السعودية لتحدي قوة إيران الإقليمية عقبات عديدة، أولا، توسع النفوذ الإيراني ليشمل العراق وسوريا والبحرين واليمن وبعض أجزاء لبنان، وثانيا، تمتلك صواريخ إيران قوة ردع كبيرة.

وردا على ذلك، حاولت المملكة توسيع نفوذها في دول مثل العراق وسوريا، وكلاهما تقدم لها إيران المساعدة، وقد استهدفت هذه العملية العمق الاستراتيجي لإيران، من خلال دعم جماعات المعارضة في سوريا، والتقرب من القوى العراقية.

وعلى الرغم من المحاولات السعودية، لكن طهران رسخت نفسها في المستقبل السياسي لكل من العراق وسوريا، وعلى الرغم من تدخلات دول مجلس التعاون الخليجي، لم يتم القضاء على الحركات الشيعية في البحرين، وفي اليمن، يبدو أن المملكة قد تعثرت في حرب مكلفة مع القليل من المكاسب.

لذا، تبقى إيران اللاعب الرئيسي في المنطقة على الرغم من التحالفات المختلفة ضد طهران، وتسبب الصداقة بين السعودية و(إسرائيل) شيئا من الإحراج في العالم الإسلامي، وقد تكون محاولة غير مجدية من قبل الرياض لتدعيم قوتها المتناقصة إقليميا.

وإذا قرر ولي العهد «محمد بن سلمان» الاستمرار في سياسة «الصداقة» مع الإسرائيليين، فستكون النتيجة رفض السعوديين وإنكار زعامتهم من قبل العديد من المسلمين.

المصدر | جواد حيران - لوب لوغ

  كلمات مفتاحية

التحالف العسكري الإسلامي حرب اليمن اليمن ترامب