بعد «احتجاجات المترو».. قبضة أمنية حديدية على المحطات

الأحد 13 مايو 2018 05:05 ص

«مدرعات متراصة.. وجنود متأهبون، بذلاتهم واقية للضربات.. وعصيهم غليظة، أما أصحاب الرتب الكبيرة فهم على الأبواب جالسون، عيونهم لا تغيب عن وجوه الداخلين والخارجين كأنها تستنطق ما في أذهانهم وضمائرهم».

إنه ليس مشهدا لأحد السجون والمعتقلات أو مدخل أحد المقرات الأمنية المهمة في مصر، لكنه واقع غريب أمام كل محطة من محطات «مترو الأنفاق» (وسيلة المواصلات الأكثر شعبية في القاهرة) غداة احتجاج شعبي أصبح نادر الحدوث، على خلفية زيادة أسعار تذاكر المترو بنسب وصلت إلى نحو 350% في بعض الحالات.

«الأمن أكثر من الركاب».. بذلك التعبير الساخر ألمح أحد الركاب إلى التعزيزات الأمنية القوية عند مداخل المحطات، ومع قلة أعداد الركاب عن المعتاد خاصة يوم الأحد الذي يعد بداية الأسبوع، بدت أعداد الركاب عند مداخل المحطات أقل كثيرا من حشود الأمن.

وشارك في الاحتجاجات قليلة العدد قصيرة العمر، السبت، عشرات ركاب مترو الأنفاق، وفي أعقابه عززت السلطات المصرية تواجدها الأمني خارج محطات المترو ومددت أوامر احتجاز بعض المحتجين على ذمة التحقيق، لكنه لم يظهر أثر على تجدد الاحتجاجات الأحد.

وقال شهود عيان إن ما لا يقل عن 3 مدرعات و3 سيارات كبيرة ناقلة للجنود رابضت أمام كل محطة من محطات مترو الأنفاق، وتراصت أعداد من الجنود داخل كل محطة بالقرب من بوابات دخول الركاب منعا لأي محاولة للاحتجاج أو الركوب دون شراء تذكرة، لكن بعض المحطات حظيت بتشديدات وأعداد أكبر، مثل محطة مترو «أنور السادات» بميدان التحرير، ومحطة مترو المرج، وجامعة حلوان وغيرها.

وعززت السلطات الأمنية وجودها بشكل لافت للنظر عن المحطات، الأحد 13 مايو/أيار، وقالت مصادر أمنية إن الشرطة ألقت القبض على 22 شخصاً على الأقل خلال «احتجاجات محدودة ومتفرقة» السبت في عدة محطات للمترو.

وكان الركاب المحتجون يطالبون بالعدول عن زيادة الأسعار، فبعد أن كان سعر التذكرة (جنيهين فقط) موحدا لجميع المحطات، جرى تقسيم المحطات ورفع أسعار التذاكر، لتصبح 3 جنيهات لـ9 محطات، و5 جنيهات لـ16 محطة، و7 لما هو أكثر من ذلك.

وأضافت المصادر الأمنية أن الشرطة أفرجت عن معظم المقبوض عليهم لكن صدرت أوامر باحتجاز ثلاثة لمدة 24 ساعة على ذمة التحقيق.

وتقول الحكومة إن رفع أسعار التذاكر إجراء ضروري للحفاظ على استمرار الخدمة التي تتكبد خسائر ولتمويل زيادة عدد المحطات لخدمة المزيد من سكان العاصمة التي يعيش فيها 25 مليون نسمة.

وكانت الحكومة قد تعهدت بخفض الدعم الحكومي إلى حد كبير في إطار اتفاق أبرمته مع صندوق النقد الدولي عام 2016 للحصول على قرض وهو ما تسبب في معاناة ملايين المصريين من ارتفاع تكاليف المعيشة.

ووصلت زيادة أسعار تذاكر المترو، التي دخلت حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضية، لأكثر من ثلاثة أضعاف السعر السابق لبعض الفئات.

وقال وزير النقل المصري «هشام عرفات» في تصريحات تليفزيونية مع قناة «صدى البلد» الفضائية الخاصة في وقت متأخر، مساء السبت، إن «الزيادة ستوفر حوالي مليار جنيه».

وكانت الحكومة أغضبت سكان العاصمة، الذين يستخدم أكثر من ثلاثة ملايين منهم مترو الأنفاق، عندما ضاعفت سعر تذكرة المترو العام الماضي، وقالت الحكومة بعد قرار زيادة الأسعار الأخير إنها ستبقي على الاشتراكات المخفضة للطلاب ولكبار السن ولذوي الاحتياجات الخاصة.

وفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية فقد وصلت خسائر المترو إلى 618 مليون جنيه (نحو 35 مليون دولار).

ولم تظهر مؤشرات على اندلاع احتجاجات جديدة الأحد وهو أول يوم عمل في الأسبوع لكن شهود قالوا إن عدد ركاب المترو خلال ساعات الذروة الصباحية بدا أقل من الأيام السابقة.

وأضافوا أن عربات الأمن المركزي كانت تقف خارج عدة محطات في وسط القاهرة بينما تزايدت أعداد رجال الشرطة داخلها.

وطيلة النهار، ظلت الإذاعة الداخلية بجميع المحطات تكرر تسجيلا لصوت هادئ لسيدة تعيد مرارا الأسعار الجديدة للتذاكر، لكن هدوء الصوت لم يفلح في تخفيف التوتر والغضب لدى الركاب المتجهمين.

كما كرر الصوت مرارا للركاب إمكانية حصولهم على اشتراكات شهرية، كما دأب العاملون في محطات المترو على تشجيع الركاب على الحصول على اشتراكات شهرية مُخفضة.

وخلال احتجاجات السبت، أظهرت مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أشخاصاً يقفزون على الحواجز التي تضم ماكينات التذاكر في بعض المحطات.

وفي مقاطع أخرى كان عشرات الركاب يرددون هتافات في حين كان رجال الشرطة يتابعون، وذكر شاهد عيان لـ«رويترز» أن الشرطة ألقت القبض على شخصين في إحدى المحطات السبت بعد وقوع اشتباكات.

ولم يتسن الوصول لمسؤولين في وزارة الداخلية للتعليق، كما لم يتسن التحقق من مصداقية التسجيلات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وارتفع معدل التضخم في مصر إلى مستويات غير مسبوقة بعد أن خفضت مصر قيمة العملة المحلية «الجنيه» في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 ووصل إلى مستوى قياسي في يوليو/ تموز الماضي بفعل خفض دعم الطاقة.

لكن السلطات الرسمية تقول إن ذلك التضخم انخفض تدريجياً بعد يوليو/تموز حتى الشهر الماضي الذي شهد ارتفاعا طفيفا في التضخم الأساسي الذي لا يدخل في حسابه البنود المتقلبة مثل الغذاء.

  كلمات مفتاحية

مترو أسعار التذكرة الأنفاق القاهرة احتجاجات الأمن

الحكومة المصرية تطرح نظاما جديدا للاشتراك بـ«المترو»

من مصر للجزائر.. قبضة القمع تواصل ملاحقة المعارضين العرب