ما بعد الانتخابات.. سيناريوهات التحالف لتشكيل الحكومة العراقية

الثلاثاء 15 مايو 2018 08:05 ص

خلفت النتائج المعلنة للانتخابات العراقية مشهدا سياسيا شديد التعقيد فيما يخص التحالفات المحتملة لتشكيل الحكومة المقبلة، حيث سيتوجب على كافة القوى التسابق لجمع «التحالف الأكبر» لتشكيل الحكومة، وفقا للتفسير الذي طرحته المحكمة الاتحادية لهذا المفهوم الوارد في الدستور.

وتقدمت كتلة المرجع الشيعي «مقتدى الصدر» (سائرون) على سائر القوى الأخرى، فيما تراجعت كتلة رئيس الوزراء «حيدر العبادي» (النصر)، منذ التسريبات الأولية التي رجحت تقدمها، لتدخل في الساعات الأخيرة لعد وفرز أصوات الاقتراع الخاص وبقية المدن غير المعلنة رسميا، في منافسة مع كتلة «الفتح» التي يتزعمها القيادي بـ«الحشد الشعبي»، «هادي العامري» على المركز الثاني.

وعلى رغم تفاوت نتائج بقية القوى السياسية، إلا أن خريطتها لم تكن مفاجئة، بانتظار حل أزمة نتائج التصويت في إقليم كردستان وكركوك، حيث ترفض قوى سياسية كردية الاعتراف بالنتائج، وتتهم الحزبين الكرديين بعمليات تزوير واسعة عبر اختراق نظام العد والفرز.

وشكلت النتائج في بغداد فارقا كبيرا في تقدم «الصدر»، الذي عقد تحالفا مع علمانيين وشيوعيين، على أقرب منافسيه بضعف المقاعد، ما رفعه ليتصدر القوائم المتنافسة.

كما منحت بغداد تيار «الفتح» وائتلاف «دولة القانون» برئاسة «نوري المالكي» نسبا كبيرة من الأصوات، فيما جاءت نتيجة تحالف «العبادي» في بغداد أقل من المتوقع، على رغم تحقيقها المركز الأول في مدينة الموصل، ونتائج جيدة في صلاح الدين والأنبار وديالى، ما حولها أكبر الكتل المتنوعة طائفيا.

وتطرح الأرقام الأولية إشكالية تشكيل الحكومة المقبلة، إذ لن يكون بإمكان كتلة «الصدر» تشكيلها بناء على فوزها في الانتخابات، وسيكون عليها وعلى بقية القوى التسابق لجمع «التحالف الأكبر» الذي يكلف تلقائيا تشكيل الحكومة، ويفترض أن يعلن عن نفسه في الجلسة الأولى للبرلمان، وهو التفسير الذي طرحته المحكمة الاتحادية لمفهوم «الكتلة الأكبر» الوارد في الدستور.

ويفرض التفسير الذي طبق في تجربتين انتخابيتين سابقتين، على الكتل السياسية البدء بحوار لتشكيل الكتلة الأكبر، وسط خمسة سيناريوات، وفقا لصحيفة «الحياة» السعودية.

ويذهب أول السيناريوهات إلى اجتماع كتل «الصدر» و«العبادي» و«علاوي» وعدد من القوى الكردية وأحزاب صغيرة أخرى لإعلان الكتلة الأكبر التي تشكل الحكومة برئاسة «العبادي»، وهو تحالف يقود الوضع السياسي، بعد دفع بقية الفائزين، مثل «الفتح» و «دولة القانون» إلى المعارضة.

لكن هذا السيناريو تعيقه احتمالات التصادم مع الأطراف المستبعدة والقريبة من النفوذ الإيراني، خصوصا أنه قد يتطلب شروطا يفرضها «الصدر»، كانسحاب «العبادي» من «حزب الدعوة»، وأخرى تفرضها الأطراف السنية والكردية، تنتج حكومة أكثر ضعفا من سابقتها.

دفع «الصدر» للمعارضة

أما السيناريو الثاني، فيذهب إلى تحالف «العبادي» مع «المالكي» و «الفتح»، واستقطاب قوى سنية وكردية لتشكيل الكتلة الأكبر، ودفع «الصدر» إلى المعارضة، وهو احتمال ليس سهلا أيضا، لأن من الصعب العودة إلى جمع «العبادي» و«المالكي» في كتلة واحدة، ناهيك عن اجتماعهما مع الفصائل المسلحة الفائزة، والتي تصادم معها «العبادي» قبيل الانتخابات.

ويستعير السيناريو الثالث آلية تشكيل حكومة 2014، حيث تجتمع القوى الشيعية في نطاق ما يعرف بـ «التحالف الوطني» لتشكيل الكتلة الأكبر وترشيح رئيس الحكومة، وذلك خيار قد يفكك قائمتي «الصدر» و«العبادي» على حد سواء لضمهما شخصيات سنية وقوى علمانية ومدنية ترفض التحالف على أساس طائفي.

أما السيناريو الرابع، فيجمع «الصدر» و«العبادي» و«العامري» في تحالف واحد يشكل الكتلة الأكبر، إذ يستجيب هذا التحالف لشروط «الصدر» بعدم التحالف مع «المالكي» من جهة، ويحقق مرونة في التعاطي مع القوى المسلحة التي دفعتها الانتخابات إلى المقدمة.

لكن فرض هذا التحالف صعب أيضا، لأن علاقة «الصدر» مع القوى التي تشكل تحالف «الفتح» متوترة، وهو يطلق عليها بشكل دائم مصطلح «الميليشيات الوقحة». لكن اعتراضه عليها يبدو أقل من اعتراضه على «المالكي».

ويبقى سيناريو أخير، يتمثل بنجاح «المالكي» و«العامري» بتشكيل تحالف مع سنة وأكراد، وهو أمر مستبعد في ضوء نتائج الطرفين.

وبالرغم من أن القوى السياسية العراقية تطرح سيناريو أخيرا يتمثل بإعادة الانتخابات في حال العجز عن إنتاج حلول، فإن الآليات الدستورية لا تسمح بذلك، فيما تتيح التعقيدات التي فرضتها نتائج الانتخابات، وفق مراقبين، المزيد من التداخل الإقليمي والدولي في تجميع القوى المتحالفة خلال الأسابيع المقبلة.

ودعا «العبادي» كل الكتل السياسية إلى احترام نتائج الانتخابات، وقال إنه مستعد للعمل مع الكتل الفائزة لتشكيل حكومة خالية من الفساد.

ووجه «العبادي»، كلمة إلى الشعب العراقي دعا فيها «المواطنين والكتل السياسية إلى احترام نتائج الانتخابات والالتزام بالطرق القانونية السليمة المتعلقة بالمخالفات»، معربا عن «استعداده الكامل للعمل والتعاون في تشكيل حكومة عراقية خالية من الفساد والمحاصصة وغير خاضعة لأجندات خارجية».

وبحسب مراقبين، فإن كلمة «العبادي» جاءت ردا على المتحدث باسم ائتلاف «دولة القانون»، «عباس الياسري»، الذي حمل، في تصريحات حكومة «العبادي»، مسؤولية «الفوضى» خلال الانتخابات، معتبرا أن «ضعف الحكومة وضعف الأمن أديا إلى الفوضى التي حصلت في الانتخابات».

من جهة أخرى، دعا رئيس حكومة إقليم كردستان «نيجيرفان بارزاني»، الأطراف الفائزة في الانتخابات إلى البدء في محادثات تشكيل حكومة جديدة.

يشار إلى أن النتائج الجزئية الرسمية التي ظهرت، ليل الأحد الإثنين، لا تشمل تصويت عناصر القوات الأمنية البالغ عددهم 700 ألف عنصر، والمغتربين والنازحين البالغ عددهم نحو مليون عراقي.

ويمكن أن تؤدي هاتين الكتلتين إلى تغيير المعطيات بعد فرز أصواتهما، وبالرغم أن هذا التغيير قد يشمل اختلافا في ترتيب القوائم المتنافسة، فإن ذلك لن يحمل، فيما يبدو، حلا لمعضلة التحالفات.

  كلمات مفتاحية

الانتخابات العراقية العبادي الصدر المالكي الكتلة الأكبر الدستور العراقي العامري الحكومة العراقية

الانتخابات العراقية: اللعبة الكبرى للهيمنة على المنطقة