اليوم الثاني للزحف الأكبر.. الفلسطينيون يواصلون كتابة التاريخ بدمائهم

الثلاثاء 15 مايو 2018 10:05 ص

«اليوم.. نحن نصنع التاريخ» بهذه الكلمات عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» عن فخره بخطوة افتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، متجاهلا أن التاريخ ليس ملكا لقوات الاحتلال، بل إنه سيسجل بحروف من نور كفاح الفلسطينيين الذين رووا بدمائهم تراب وطنهم السليب.

فرغم آلام اليوم الأول من الزحف الأكبر، بدأ الفلسطينيون، صباح الثلاثاء، بالتجمع في مخيمات العودة على الشريط الحدودي لقطاع غزة، للمشاركة في فعاليات مسيرة العودة، تزامنًا مع الذكرى الـ70 لاحتلال فلسطين.

ودعا عضو الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار، «خالد البطش»، الفلسطينيين، لأكبر مشاركة في تشييع الشهداء الذي قتلهم الاحتلال الإسرائيلي، أمس الإثنين، على حدود غزة.

وقال «البطش» إن فعاليات مسيرة العودة على طول الشريط الحدودي مستمرة، ولن تتوقف.

وأضاف: «تاريخ 14 مايو/آيار، سيظل وصمة عار في جبين كل من تخاذل أو طبّع مع العدو الصهيوني وتخلى عن نصرة شعبنا».

وتابع: «هذه الدماء الزكية لن تزيد كل شرفاء الأمة إلا إصرارًا على استمرار مسيرة العودة حتى كسر الحصار وتحقيق العودة».

ويستعد الفلسطينيون لتشييع جثامين الشهداء الذين قضوا بنيران قوات الاحتلال على طول الشريط الحدودي شرقي قطاع غزة، أمس الإثنين، خلال مشاركتهم في مليونية العودة.

 

 

 

 

إضراب شامل

وعمّ الإضراب الشامل والعام اليوم الثلاثاء، قطاع غزة، حيث أغلقت كل المؤسسات الحكومية والخاصة الجامعات والمدارس أبوابها، كما لم تفتح المحال التجارية أبوابها وخلت الشوارع من السيارات.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في نهاية فعاليات أمس ارتقاء 58 شهيدًا وإصابة 2771 آخرين.

وعن تصنيف حالات الإصابة، فقد أصيب 1359 شخصاً بالرصاص الحي، و14 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و155 شظايا بالجسم، و263 إصابات أخرى، و980 بالغاز.

وكشفت الوزارة أن عدد المصابين من الطواقم الطبية والصحفية بلغ 29 شخصا.

واستشهدت في ساعة مبكرة من فجر اليوم الثلاثاء طفلة فلسطينية جراء استنشاقها للغاز شرقي مدينة غزة خلال مشاركتها في مسيرة العودة ليرفع ذلك عدد شهداء الإثنين إلى 59 شهيدا.

وبعد ذلك بقليل، أعلنت وزارة الصحة، استشهاد المواطن «عمر جمعة أبوفول» 30 عاما، متأثرا بجراحه، صباح اليوم في المستشفى الإندونيسي شمالي القطاع.

كما أعلنت استشهاد الطفل «طلال عادل إبراهيم مطر» 16 عاما متأثرا بجراحه في مجمع الشفاء الطبي.

وبهذا يرتفع عدد شهداء المجزرة الإسرائيلية الدامية بحق المتظاهرين الفلسطينيين في غزة منذ أمس، إلى 61 شهيدا، حتى كتابة هذا التقرير.

واختارت واشنطن 14 مايو/آيار الجاري، موعدا لافتتاح سفارتها في مدينة القدس المحتلة، والذي يصادف عشية الذكرى السنوية السبعين للنكبة وتهجير (إسرائيل) لما يقارب 760 ألف فلسطيني من ديارهم عام 1948.

 

 

 

مشهد مهيب

من جانبها، قالت هيئة مسيرة العودة إن «مشهد الجماهير التي انطلقت اليوم، بمئات الآلاف نحو السياج الفاصل بيننا وأرضنا المحتلة عام 1948، تلبية لمليونية العودة، هو مشهد عز وفخار سجله هذا الشعب العظيم، عندما استجاب طوعاً لداعي العودة والكرامة».

وحملت الولايات المتحدة وإدارة رئيسها «دونالد ترامب»، مسؤولية هذه الدماء التي سالت من عشرات الشهداء، وقالت: «سيظل هذا التاريخ الأسود وصمة عار في جبين كل من تواطأ أو تخاذل عن نصرة شعبنا».

وأكدت أن هذه الدماء التي سالت لن تزيدنا ولن تزيد كل شرفاء الأمة إلا إصراراً على استمرار مسيرة العودة حتى كسر الحصار وتحقيق العودة.

وأضافت: «سنجعل من تاريخ النكسة في 5 يونيو/حزيران المقبل، ذكرى احتلال القدس تاريخاً لاسترداد الكرامة الوطنية، واستعادة الأرض والمقدسات، فالاحتلال الصهيوني إلى زوال، والحقوق لا تسقط بالتقادم».

يشار إلى أن الفلسطينيين اعتادوا في 15 مايو/آيار من كل عام إحياء ذكرى ضياع وطنهم وقيام (إسرائيل) على أنقاضه.

وكانت الأنشطة التي يجرى تنظيمها في الضفة الغربية وغزة وأراضي 48، وفي أماكن انتشار اللاجئين، تركز على إنعاش الذاكرة، وتنوير الجيل الجديد بأحداث النكبة ومعانيها.

غير أن الذكرى السبعين حملت إيقاعا مختلفا للحدث لأول مرة، خاصة مع الكشف عن صفقة أمريكية تسلب الفلسطينيين وطنهم بالكامل، بدأت معالمها بقرار واشنطن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، في نفس يوم ذكرى النكبة.

لكن الفلسطينيين منذ 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي، نزلوا إلى الشوارع في القدس والضفة وغزة ومناطق أخرى؛ تعبيرا عن رفضهم للصفقة.

وبحلول ذكرى يوم الأرض في 30 مارس/آذار الماضي، قرروا تجديد كفاحهم السلمي، وإصرارهم على تثبيت حق العودة.

وسبق أن توقعت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، تصعيدا عسكريا، في حال وقع عدد كبير من الضحايا في ذروة مسيرات النكبة أمس واليوم، حيث من المتوقع أن يقتحم المئات السياج الأمني، وهو ما حدث بالفعل.

وأضافت أن الجيش رسم سيناريوهين مختلفين للأحداث: الأول، أن يخلق عدد الخسائر وضعا تفقد فيه «حماس» المزيد من القدرة على كبح جماح جناحها العسكري، وخوض مواجهة عسكرية، ما سيدفع الأمور إلى حرب جديدة.

أما السيناريو الثاني، هو أنه بعد أحداث 15 مايو/آيار، الذي لم يعد من الممكن منعه، ستظهر مبادرة سياسية واقتصادية في الساحة توفر حلا للحصار، وهذا هو الأساس في تنفيذ الخطة الإسرائيلية الدولية، التي طرحت سابقا لتحسين الوضع بغزة بعيدا عن السلطة.

  كلمات مفتاحية

مسيرة العودة السفارة الأمريكية شهداء مصابون اللاجئون التاريخ غزة الضفة الغربية