«هافينغتون بوست»: هل يمكن للشرق الأوسط أن ينهي إدمانه للنفط الرخيص؟

الأحد 1 مارس 2015 04:03 ص

الانخفاض الأخير في أسعار النفط بمثابة فرصة وحيدة في كل عقد بالنسبة لدول العالم النامي لإصلاح الهيكل الاقتصادي من أجل تحسين أحوال شعوبها. ويمكن لانخفاض تكلفة أسعار الوقود العالمية أن تُوفر وسيلة فريدة من نوعها للبلدان لتنفيذ إصلاحات دعم الطاقة وتطوير برامج كفاءة الطاقة مع آثار سلبية أصغر بكثير على السكان أكثر من أي وقت وفرصة أخرى.

ولكن لماذا يجب علينا أن نعمل الآن؟ حسنا ... على الصعيد العالمي؛ بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فإن المنطقة الآن ثاني أكثر المناطق من حيث كثافة استهلاك الطاقة في العالم بعد أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى؛ حيث تتحمل نسبة 6% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالطاقة على مستوى العالم (2005). وفي المتوسط؛ فإن كثافة الطاقة الآن أعلى بحوالي 60% من نظيرتها في دول منظمة التعاون الاقتصادي و 40% أعلى من المتوسط العالمي. وقد بدأت تكاليف عدم اتخاذ تدابير بيئية واقتصادية واجتماعية بالفعل التأثير بشكل كبير على سكان المنطقة. وتُقدر تكاليف الرعاية الصحية التي تُعزى إلى تلوث الهواء المحلي بشكل بالغ بحوالي 5.3 مليار دولار؛ أي ما يعادل 1% من الدخل القومي الإجمالي في عام 2004 أو 40.440 حالة وفاة مبكرة سنويًا. المعدلات العالية للانبعاثات المحلية التي هي أعلى من 50% من المتوسط العالمي في المناطق الحضرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى حرق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء والنقل والتصنيع.

في الماضي؛ كانت حالات الدعم على الغذاء والوقود بمثابة وسيلة للحكومات لتقاسم الثروة النفطية في المنطقة مع مواطنيها، وينظر إليها على أنها جزء من «العقد الاجتماعي» من دون أي نظر للآثار المتعلقة بتلوث الهواء المحلي. ومع ذلك؛ فإن الإعانات المُعممة لا تصل لمستحقيها بدقة، وليست ذات  كفاءة فاعلة مثل أي أداة حماية اجتماعية، كما فشلت في الوصول إلى أولائك الذين في حاجة إليها أكثر، وبدلاً من ذلك فقد استفاد منها أصحاب العيش الرغيد الذين استفادوا من الطاقة المدعومة.

ولنأخذ مثال بمصر في عام 2008؛ حيث إن أغنى 20% من السكان استفادوا بـ 93٪% من دعم البنزين؛ لأنهم يملكون معظم المركبات، في حين أن أفقر 40% من السكان لم يستفيدوا سوى بــ 3%. وبالمثل في اليمن؛ تلقى أغنى 10% من الأسر 40% من إجمالي الديزل المدعوم، في حين تلقى أفقر 2% منها حوالي 2% فقط. وفي حين أن دعم الطاقة ليس فقط غير كافي لدعم الفقراء، ولكنه أيضًا يُشكّل حصة كبيرة من التمويل العام في المنطقة، حيث بلغ متوسطه ما يزيد على 20% من الموازنة العامة للدولة في جميع أنحاء دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأكثر من 7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2006 قبل الجولة الأخيرة من ارتفاع أسعار النفط العالمية في 2008م.

إنه وقت التغيير، وينبغي على الحكومات الاستفادة من انخفاض أسعار النفط لإدخال السياسات التي تحدد تسعيرات الطاقة المحلية طبقًا لأسعار النفط العالمية. ومن أجل ضمان انتقال سلس؛ فلابد من تعزيز برامج المساعدة الاجتماعية للمستهلكين الفقراء والضعفاء في حين أن استراتيجيات الاتصالات الوطنية التي ترفع الوعي وتحشد الدعم لإصلاحات الدعم يجب أن تُنفذ الآن. وهذا من شأنه ضمان أن تسعيرات الطاقة ستنضبط تلقائيًا عندما تتعافى أسعار النفط، وأن الحكومات مُستعدة لتقديم المساعدة المناسبة فورًا، بدلاً من مواجهة ضغوط سياسية لإعادة تقديم دعم الأسعار. قرار عام 2014 الذي تبنته الحكومة المصرية للتخلص التدريجي من إعانات الوقود الأحفوري هو مثال جيد لبلد آخر - تمامًا مثل تونس في عام 2012م – اتخذ خطوة في الاتجاه الصحيح.

ومع ذلك؛ إذا بقيت منتجات الطاقة غير مُسّعرة بأقل من السعر المناسب ولم تتمكن الحكومات من اتخاذ إجراءات، فإن المستهلكين في الوقت الراهن سوف يكون لديهم حافز أقل تجاه استخدامهم للطاقة، وسوف يميلون إلى استخدامها لأغراض تنتج قيمة قليلة نسبيًا، ما يؤدي إلى استمرار خفض قيمة الناتج الاقتصادي الوطني. حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مَدينة لشعوبها في تجنب إغراء انخفاض عابر لأسعار النفط بشكل مباشر على المستهلكين من أجل الاستقرار على المدى القصير، وينبغي اقتناص هذه الفرصة في الوقت المناسب لفطام بلدانهم عن الدعم.

  كلمات مفتاحية

دعم الطاقة تهاوي أسعار النفط أسعار النفط النفط الرخيص

«هافينغتون بوست»: هل يمكننا حسم الحرب ضد «الدولة الإسلامية» من خلال الإعلام الاجتماعي؟

«ستراتفور»: اتجاهات السياسات العالمية وتحولات الشرق الأوسط خلال عشر سنوات قادمة

هل ينخر النفط الرخيص عظام النظام المالي العالمي؟

عصر النفط الرخيص .. الخليج يريد تركيع أميركا 

نفط الشرق الأوسط «الرخيص» يغرق أسواق آسيا على حساب الخام الأمريكي

هل ينعش النفط الرخيص اقتصاد العالم؟