استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مسماران في نعش (إسرائيل)

الخميس 17 مايو 2018 08:05 ص

يعيش كيان العدو الصهيوني في فلسطين هذه الأيام أزهى أيامه، أو هكذا يبدو الأمر، فكثير مما كانوا يحلمون به في غابر الأيام أصبح واقعا، حيث يتودد لهم حثالة ممن انسلخوا عن عروبتهم، وتنكروا لمائة عام من التخريب الذي أحدثه هذا الكيان في جسد الأمة، ناهيك عن جرائمه التي غدت تستعصي على العد.

ولن يكون آخرها مذبحته البشعة في قطاع غزة، وإعدام أكثر من ستين متظاهرا سلميا، عبروا بطريقة مشروعة عن حقهم في العودة إلى ديارهم التي سلبها منهم، ولا عجب والحالة هذه، أن ترى كثيرين من سكانه في حالة نشوة بـ«النصر» حيث يرون «عدوهم» المفترض وقد خلّع أسنانه بيديه، وكسر قناته، وجرد شعبه من الرجولة، وأسلم مقدرات أمته كي تكون لعبة بيديه.

أما من يمكن أن نطلق عليهم لقب «حكمائه» فلهم شأن آخر، ووجهة نظر مختلفة، إذ يرون ما لا يرى هؤلاء، سواء كانوا من المنتشين أو المستسلمين، بل إنهم يضعون الكيان في حالة ميئوس منها!

فكيف هذا؟

الأمر متعلق بنقطتين على جانب كبير من الأهمية، وهما ليستا من بنات أفكاري، ولا «مزاعمي» بل هما من بنات أفكار هؤلاء «الحكماء» الذين يرون النصف الفارغ من كأس الكيان، بل هما مسماران خطيران يُدقان بكل قوة في نعش «إسرائيل».

وسيبدو أثرهما الكبير الذي لا يمكن السيطرة عليه، أو تداركه على الإطلاق، خلال السنوات القليلة القادمة، حتى مع مزيد من الاستسلام العربي الرسمي لإملاءات الصهاينة، والتوسل لرضاهم!

الأمر الأول، جاء في سياق اجتماع نادر عبر مقابلة مشتركة وغير مسبوقة مع ستة من قادة الموساد أجرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، لعدد عشية عيد الفصح من ملحق «7 أيام»، وقبل أيام من احتفالات ما يسمونه «عيد الاستقلال السبعين» للكيان، ونشرت ملخصا لها يديعوت يوم 27/3/2018 بعنوان «الرؤساء يتحدثون».

فماذا قالوا؟ وكيف يرون مستقبل «دولتهم» بعد سبعين عاما على قيامها؟

المسمار الأول، تحدث عنه بإفاضة كل الستة «الحكماء» وكلهم أعمارهم تفوق عمر «دولتهم» باستثناء الأخير، وهم تسفي زمير (93)، ناحوم أدومي (88)، شبتاي شفيت (78)، داني ياتوم (73)، افرايم هليفي (83) وتمير باردو (65)..

 خلاصة قمة رؤساء الموساد هي: «الدولة في وضع ميؤوس منه»، نعم هكذا، وهي خلاصة كم أتمنى أن يقرأ تفاصيلها بتمعن كل من يتحدث عن مستقبل واعد من التعاون «العربي الإسرائيلي» ويسرف في رسم صورة وردية عن علاقات مشتركة وشراكة بين العرب واليهود!

 «أشعر بسوء شديد في ما يحصل في الدولة اليوم. فالخراب عميق وشامل جدا. لا توجد خطوط حمراء، لا يوجد محظور». هكذا يصف شبتاي شفيت المشهد، فيما يعرب الستة «عن تخوف شديد من الاتجاه الذي تسير فيه الدولة في مستهل العقد الثامن من وجودها».

ويشرح شفيت: «كرجال استخبارات، فان القدرة الأهم لدينا هي توقع المستقبل، ولهذا أجدني اسأل نفسي أي دولة أنا سأخلف لأحبابي، ولا أستطيع أن أجد جوابا»، «المشكلة هي مشكلة القيم، الشروخ»، يقول باردو بقلق. «نحن بحاجة الى زعامة يمكنها أن توجه الدفة بين الأزمات إلى الأماكن الصحيحة. ولأسفي الشديد، هذا ليس موجودا اليوم»!.

*  *  *

هؤلاء الستة، لا يخشون أن يقولوا أمورا قاسية جدا في معيار صحافتهم، مثل: «اليوم أنظر بقلق وبألم الى ما يبدو كقيم أساسية توجه قرارات الزعيم»، يقول زمير. «لست واثقا بأنه لدى رئيس الوزراء وكبار المسؤولين في محيطه تتغلب المصالح العامة على المصالح الشخصية بمزيد من القوة ومزيد من المال. أنا قلق من المستقبل، فنتنياهو سيذهب ذات يوم.

ما الذي سيخلفه لنا؟

معاييره تغلغلت الى كل محيطه. يحزنني جدا أن مثل هذه المجموعة يمكنها أن تدير لنا الدولة، إذ ان لدينا هنا أبناء وأحفاد وأبناء أحفاد، وأريد أن يعيشوا في بلاد سليمة ومعافاة – والبلاد مريضة. نحن في وضع طبي ميؤوس منه. نتنياهو قد يكون تلقى الدولة مع اعراض المرض، ولكنه جلبها الى وضع خطير من المرض الخبيث». «نحن في منحدر سلس جدا»، يحذر ياتوم.

«توجد هنا شرور مريضة بشدة. الناس حول رئيس الوزراء والناس في مناصب أساسية يخضعون للتحقيق على الفساد العام، وكل هذا لأنهم يضعون مصالحهم قبل مصالح الدولة. يقلقني الانفلات على حماة الحمى وانعدام الفعل في المجال السياسي مما يؤدي بنا الى دولة ثنائية القومية، وهذه هي النهاية للدولة اليهودية والديمقراطية. ولهذا فاني اعتقد ان على نتنياهو أن يرحل الى بيته».

أما أدموني فقلق جدا مما يسميه الشروخ في كيانهم: «هذا أقوى الآن مما كان في أي وقت مضى. الشرخ بين المتدينيين والعلمانيين، بين الشرقيين والاشكناز. وهذا ليس فقط لا يلتئم منذ سنين بل يتسع».

 المسمار الثاني في النعش، هو ما أشار له عرضا ياتوم، بالحديث عن «دولة ثنائية القومية» والأمر متعلق هنا بتساوي عدد اليهود والعرب في فلسطين التاريخية، وهي حقيقة صدمت أعضاء لجنة «الخارجية والأمن» في برلمان الكيان.

فحسب وسائل إعلام العدو، فإن عدد السكان اليهود والسكان العرب يتساويان الى هذا الحد أو ذاك في حجمهما في كل فلسطين من شاطئ البحر المتوسط وحتى نهر الأردن.

حيث في هذه البلاد يعيش اليوم أكثر من 13 مليون نسمة، منهم اكثر من 6.5 مليون يهودي، نحو 400 الف ابناء عائلات يهودية ليسوا يهودا حسب الحاخامية، اكثر من 1.8 مليون عربي مواطن أو «مقيم في الدولة» حسب تصنيف الاحتلال(!)، بما في ذلك 350 الفا في القدس، 2.6 مليون في الضفة الغربية (بدون القدس) واكثر من 1.8 مليون في غزة.

ويقولون أن هناك أغلبية يهودية طفيفة لا تزال موجودة هنا، ولا سيما حسب تعريف اليهود وفقا لقانون العودة وليس وفقا للفقه اليهودي. هذه الأغلبية الطفيفة ستتقلص أكثر من ذلك بل وستختفي في السنوات القادمة، بسبب معدل الزيادة الطبيعية الأعلى للفلسطينيين. ولا ينبع هذا فقط بالزيادة الاعلى للخصوبة العربية فقط، بل اساسا لمعدل الوفيات الأقل، مما يعكس تركيبة العمر الاكثر شبابا للجمهور العربي في كامل أراضي فلسطين.

 ووفق إعلامهم العبري، يلعب الميزان الديموغرافي وسيلعب دورا حرجا في تعريف الهوية القومية للكيان الصهيوني، وهو المسمار الثاني في نعشه، فمع هذا التوازن السكاني لن يكون بإمكان كيانهم الزعم بأنه كيان ديمقراطي، بل نظام فصل عنصري «أبرتهايد» سيكون مستقبله كمستقبل نظام الفصل العنصري المنقرض في جنوب أفريقيا!.

 وتنقل صحافة العدو عن النائب عوفر شيلح من حزب «يوجد مستقبل»  قوله: «كل الخبراء يقولون انه بين النهر والبحر بالكاد توجد اليوم أغلبية يهودية. وهذه الأرقام معناها واحد: الانفصال – وإلا خطر على وجود الحلم الصهيوني!»

والحقيقة أن الأمر لا يتطلب أعواما كثيرا، كي نرى هذا «الخطر» وقد اقترب أكثر فأكثر لتدمير حلمهم، فثمة عوامل أخرى، ستقرب ذلك اليوم الذي نرى فيه تحقيق الحلم الفلسطيني، حتى بدون تنفيذ حق العودة، الذي جعله الفلسطينيون عنوانا لإحيائهم يوم النكبة السبعين!

- حلمي الأسمر كاتب صحفي من الأردن.

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية

إسرائيل الشرخ العلماني الديني الأشكيناز السفرديم مستقبل الكيان الصهيوني قادة الاستخبارات الإسرائيلية دولة ثنائية القومية التشكيل السكاني