8 أيام في عدن.. المدينة المنسية في الحرب اليمنية (فيديو)

الخميس 24 مايو 2018 04:05 ص

وصفت مديرة مشروع الخليج وشبه الجزيرة العربية في «مجموعة الأزمات» الدولية، «أبريل لونغلي آلي»، العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بـ«المدينة المنسية في الحرب اليمين» وذلك في معرض شهادتها عن الأوضاع المزرية في المدينة، في ظل تنازع السلطات والنفوذ والسيطرة على المدينة.

ومجموعة الأزمات الدولية (International Crisis Group) هي منظمة دولية غير ربحية وغير حكومية تتمثل مهمتها في منع حدوث وتسوية النزاعات الدموية حول العالم.

ورغم أنه لا يوجد الكثير من القتال في مدينة عدن على الساحل الجنوبي لليمن، فإن «أبريل» قالت إن ترتيب رحلتها استغرق أكثر من سنة، فيما يوضح إلى أي حد أدّت ثلاث سنوات من الحرب إلى تحطيم وتقسيم هذا البلد.

ولفتت «أبريل» إلى أنه جرى تحذيرها في القنصلية التابعة للحكومة اليمنية برئاسة «عبدربه منصور هادي»، بشكل غير رسمي بأن المدينة غير آمنة على الإطلاق بالنسبة لها، وإنها ظلت في مساعيها لدخول المدينة منذ يناير/كانون الثاني 2017 بسبب متاهات الإجراءات البيروقراطية، إلى أن حصلت على تأشيرة الدخول أثناء زيارة لها في أمريكا أواخر خريف العام 2017 من دبلوماسي يمني.

وأضافت «أبريل» أن الواقع على الأرض هو أن تحالفاً تقوده المملكة العربية السعودية وتدعمه الولايات المتحدة هو الداعم الرئيسي لحكومة «هادي» المعترف بها دولياً، والتي أطاح بها المتمردون الحوثيون وحلفاء الرئيس السابق «علي عبدالله صالح» وأخرجوها من العاصمة صنعاء في العام 2015.

بعد ثلاث سنوات من الحرب، باتت البلاد في الواقع مقسمة إلى عدة مراكز قوى متنافسة، يحتفظ الحوثيون بالسيطرة على الشمال الغربي، بما في ذلك صنعاء، وتسيطر مكونات حكومة «هادي» المتحالفة مع السعودية على مأرب، شرق صنعاء.

القوى المتحالفة مع الإمارات العربية المتحدة تركز على أراضي اليمن الجنوبي السابق، والذي كان دولة مستقلة قبل 1990، التحالف الذي تقوده السعودية والمكوّن من كتلة واحدة رسمياً وحلفاؤه اليمنيون منقسمون في الواقع، حيث يسود الخلاف بين القوات الجنوبية المتحالفة مع الإمارات العربية المتحدة من جهة وحكومة «هادي» من جهة أخرى، خصوصاً حول السيطرة والنفوذ في عدن.

يعد الحصول على تأشيرة دخول من حكومة «هادي» مجرد خطوة واحدة في رحلتي إلى عدن، قبل السفر، أقوم بإبلاغ المسؤولين الإماراتيين برحلتي وأحصل على موافقة قوات الأمن اليمنية المتحالفة مع الإمارات والتي تسيطر على المطار ومعظم أجزاء المدينة.

تهبط الطائرة بأمان وأخرج لأرى عدن وقد تغيرت، لم أزرها منذ يناير/ كانون الثاني 2015، قبل التدخل الذي قادته السعودية ببضعة أشهر. حينذاك، كان الجنوبيون يستعدون لصد الهجوم الوشيك للحوثيين، لكن حتى ذلك الحين لم تكن أية معارك قد اندلعت، أما الآن فهناك مبانٍ تعرضت للقصف في المطار وحوله وهناك شعور بالعسكرة في كل مكان، ثمة سياج ذو طابع عسكري مكوّن من أكياس كبيرة مملوءة بالرمل يتم بناؤه حول محيط المطار.

من المقرر أن أقضي الجزء الأول من أيامي الثمانية في عدن في مديرية البريقة، وهي شبه جزيرة تقع على بعد 15 كم غرب المدينة، التي تشكل هي نفسها جزيرة تقريباً في خليج عدن، هذه هي المرة الوحيدة التي أرى فيها قوات إماراتية. تتمتع الإمارات بسلطة كبيرة في عدن، لكن يبدو أن جنودها يظلون غالباً متمترسين في مجمعهم.

الإماراتيون يدعمون ويمولون قوات الحزام الأمني، جزئياً لأنهم يعرفون أن كثيرين في المدينة يعتبرون «هادي»، المتحالف بشكل وثيق مع السعوديين، فاسداً وغير فعال، حكومة «هادي» تضم الحزب الإسلامي، «الإصلاح»، الذي يضم النسخة اليمنية من «الإخوان المسلمون».

الإمارات وحلفاؤها اليمنيون الجنوبيون ينظرون إلى حزب الإصلاح بتشكك كبير ويربطون الحزب بالتطرف السياسي والعنف، العديد من الجنوبيين يكرهون «هادي» وحزب «الإصلاح»، وتتمتع المجموعات المحلية المتحالفة مع الإمارات بالتفوق العسكري على الأرض.

وكشفت أن الاحتكاكات اندلعت بين معسكري الإمارات و«هادي» وتطورت إلى اشتباكات مفتوحة في يناير/كانون الثاني 2018 واستمرت يومين أو ثلاثة أيام قبل أن تتدخل الإمارات والسعودية لفرض وقف لإطلاق النار ظل هشاً ومتوتراً.

ورأت «أبريل» أن مسؤولي الحكومة اليمنية، وكثيرين في المجتمع بشكل عام، يعانون من نقص المعلومات حول ما تستطيع الإمارات العربية المتحدة فعله وما لا تستطيع فعله، أو حول ماهية الأهداف بعيدة المدى لهذا البلد الخليجي؛ إذا كانت الإمارات ترغب بتحقيق نفوذ أكبر، فإن عليها أن تعلن بشكل أفضل عن أهدافها العسكرية والسياسية وعن ماهية قدراتها.

وزير داخلية «هادي» كان العضو الوحيد في الحكومة الموجود في عدن أثناء زيارة «أبريل»، يعمل في موقع محصن خلف جدران اسمنتية في منطقة يحرسها مقاتلون موالون لـ«هادي»، يرفض مغادرة عدن، حتى بعد أن كشفت المعركة التي دارت في يناير/كانون الثاني عن عمق النزاع بين القوات المتحالفة مع «هادي» والمجموعات المدعومة من الإمارات والتي تأكدت فيها السيطرة العسكرية للأخيرة. رغم ذلك فإنه واثق من نفسه ويتطلع الى رواية جانب الحكومة من القصة.

وأضافت أن انعدام الحكم واضح في كل مكان، صديق يعيش بالقرب من المطار اشتكى لي من أنه لم يكن بالإمكان فعل شيء عندما بدأ أحدهم مشروعاً إنشائياً قطع أنبوب الصرف الصحي المحلي الرئيسي، وباتت مياه الصرف الصحي الآن تتدفق إلى الشارع، يقول: «في مديريتي، البقاء للأقوى».

رجل أعمال يشكو من كيف أن رجال مسلحين يحتلون أبنية لا علاقة لهم بها ويطردون مالكيها الحقيقيين، ويخبرني أن: «المقاتلين يقولون إنهم ضحوا بالدماء من أجل هذه الأبنية وهم يقاتلون الحوثيين، وقد أخذوها كغنائم حرب».

يطلب رجل الأعمال المساعدة من المحاكم، ويقال له إن بوسعه التقدم بدعوى وكسبها، لكن لا أحد سينفذ حكم المحكمة، لا يستطيع أحد فعل شيء حيال هذا الوضع.

عائلات عدن التقليدية، والعديد منها في قطاع الأعمال، طالما شعرت بالإهمال أو سوء المعاملة من قبل الشماليين خلال سنوات حكم صالح ومن قبل مواطنيهم الجنوبيين الريفيين، الذين هيمنوا سياسياً خلال فترة حكم الاشتراكيين قبل العام 1990، يقولون إن التاريخ يكرر نفسه، حيث يتصارع المقاتلون الريفيون ضد بعضهم بعضاً على السلطة في عدن الآن وقد طرد الحوثيون منها.

الجيل الشاب في عدن، وكثير منهم حملوا السلاح ضد الحوثيين، لا زالوا مسلحين، بعضهم متحالف مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وبعضهم مع «هادي»، وهناك البعض لا مع هؤلاء ولا مع أولئك.

 

 

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الإمارات اليمن عدن منسية مدينة