«ستراتفور»: الانتخابات التركية تمنح «أردوغان» المزيد من السيطرة

الأربعاء 27 يونيو 2018 05:06 ص

لم يصدر بعد المجلس الانتخابي الأعلى في تركيا النتائج الرسمية، لكن الانتخابات الوطنية في 24 يونيو/حزيران، البرلمانية والرئاسية، قد انتهت، وحصل «رجب طيب أردوغان» على فترة رئاسية جديدة مدتها 5 أعوام.

وبفوزه، يمكن لـ«أردوغان» أن يظل رئيسا لفترتين إضافيتين، حتى عام 2028، وقد يتبع حتى نموذج الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بمبادلة الموالين من حزبه بولاية رئاسية واحدة قبل الترشح مرة أخرى عام 2033 أو بعده.

الصورة الكبيرة

وفي توقعات الربع الثاني من عام 2018 في «ستراتفور»، لاحظنا أن الحكومة التركية قد تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة، من أجل منع التوتر الاقتصادي المتدهور من تحويل الناخبين ضد الحكومة، والاستفادة من شعبية الحملات العسكرية ضد المتطرفين الأكراد.

ومع انتهاء الانتخابات، أصبح النظام الرئاسي التركي الجديد في كامل قوته، تاركا للرئيس «رجب طيب أردوغان» وحزبه «العدالة والتنمية» في وضع أقوى لتنفيذ جدول أعمالهما، والذي يشمل المزيد من الحملات العسكرية والاحتكاك المتزايد مع الحلفاء الأوروبيين وحلف الناتو.

والسبب الرئيسي في هذه الانتخابات هو منح «أردوغان» الآن سلطات رئاسية موسعة للغاية، وخلال فترة وجوده في منصبه، قام بإجراء تعديلات دستورية لمنحه واحدة من أقوى الرئاسات في التاريخ التركي الحديث.

وعلى الرغم من أنه من الناحية النظرية لا تزال هناك بعض الضوابط الداخلية على سلطته، لكنه من الناحية العملية لا يمكن فعل الكثير لإعاقة برنامجه وجدول أعمال حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ومن بين أمور أخرى، يمتلك «أردوغان» الآن سلطة الحكم بمرسوم، وتعيين أعضاء مجلس الوزراء، وكتابة ميزانية تركيا، وتعيين القضاة، وكل ذلك بدون موافقة البرلمان.

علاوة على ذلك، لا تستطيع المعارضة حشد ما لا يقل عن 360 صوتا تشريعيا ضروريا للطعن في رئاسة «أردوغان»، أو الأصوات الـ400 اللازمة لمحاكمة أعلى منصب في البلاد.

لكن لا تزال هناك بعض الضوابط على سلطته، فهو لا يستطيع إجراء انتخابات جديدة دون دعم ثلاثة أخماس البرلمان (أو 360 مشرعا)، ولا يزال البرلمان مسؤولا عن الموافقة على ميزانية الرئيس، واستمراره في استخدام سلطات الطوارئ.

والآن، بعد أن حققوا الفوز الانتخابي، ألمح «أردوغان» وحزب العدالة والتنمية إلى أنهما سيخففان من حالة الطوارئ الحالية، وعلى الرغم من أن هذا سوف يرضي المعارضة، لكن الحكومة قد تعيد فرضها بسهولة.

المشهد السياسي الحالي

وداخليا، سيظل السياسيون والناشطون المعارضون مرتابين من سيطرة حزب العدالة والتنمية على قطاع الإعلام والقطاع الأمني، ​​وقدرته على استخدامها لضمان الانتصارات السياسية.

وعلى الرغم من المعارضة السياسية الموحدة بشكل ملحوظ، واستراتيجية محاولة الدفع إلى جولة الإعادة، من خلال منع الرئيس من الفوز بنسبة 50% من الأصوات، لم يتمكن المعسكر المناهض لـ«أردوغان» من الحصول على ما يكفي من الزخم لمنع الرئيس من ذلك.

وكانت النسبة العالية جدا (87%) ممن لهم حق التصويت في تركيا بمثابة التوازن لصالح الموالين لحزب العدالة والتنمية، وحصل «أردوغان» على فوز واضح من الجولة الأولى، بنسبة 52.38% من الأصوات، وفقا للأرقام غير الرسمية.

وفي البرلمان، ضعفت قوة حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه «أردوغان» قليلا، وانتهى الأمر به بـ295 مقعدا، على بعد 6 مقاعد من الأغلبية الـ301 التي يحتاجها ليحكم بنفسه، وهذا يعني أنه يجب عليه الآن الاعتماد على التحالف مع حلفائه في حزب الحركة القومية، لتنفيذ أجندته التشريعية.

وجاء أداء «الحركة القومية» جيدا في الانتخابات، حيث فاز بـ49 مقعدا، وهو ما يشير إلى أن العديد من الأتراك لا يزالون يؤيدون حكومة وطنية، وهذه النتيجة، بدورها، تعني أن تحالف العدالة والتنمية مع الحركة القومية لديه القدرة على البقاء، ويعني هذا أيضا أن حزب الحركة القومية في موقع متميز للتأثير على البرلمان.

ماذا بعد؟

يشير أداء حزب الحركة القومية، بالإضافة إلى ظهور حزب قومي جديد في البرلمان، وهو حزب «الخير»، إلى أن تركيا ستواصل تعزيز سياستها القومية في الداخل والخارج.

وجزء من جاذبية «أردوغان» المستمرة للأتراك هو رسالته الأبوية والأمنية، وستكون الحكومة الآن متأكدة من تكثيف معركتها ضد التشدد الكردي (وغيره من أنواع التطرف) في تركيا وسوريا والعراق.

وعلى الرغم من أن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي تمكن من شق طريقه إلى البرلمان، وهو انعكاس لدعم حزب العدالة والتنمية الضعيف بين الأكراد، فإن سلطات «أردوغان» الجديدة، وقاعدته الوطنية القوية في البرلمان، نجحت إلى حد كبير في تلافي آثار هذا النصر على المستوى العملي.

كما يعطي انتصار «أردوغان»، وحزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم القدرة السياسية على تقويض حركة «كولن» الدينية في الخارج.

وهي الحركة التي يرى «أردوغان» أن شبكة نفوذها العالمية تشكل تهديدا قويا لسلطته، وقد بدأ بالفعل في إنشاء منافذ منافسة، جزئيا من خلال إدارة الشؤون الدينية التي تديرها الدولة، التي كانت ذات يوم إقطاعية تابعة لـ«كولن»، ومع مزيد من الفرص لتعزيز هذه المساعي، يمكن لـ «أردوغان» أن يضع تركيا في موقع أفضل كزعيم للعالم السني.

المشاكل الاقتصادية المستمرة

وعلى الرغم من أن الانتخابات وضعت حزب العدالة والتنمية في وضع سياسي أفضل محليا، لكنه لم يحل بأي حال من الأحوال كل مشاكل الحزب.

فبعد كل شيء، لا يمكن حتى للدستور المعدل إصلاح العديد من التحديات الاقتصادية الأكبر في البلاد، وفي الواقع، فإن إضفاء الطابع الرسمي على حكم «أردوغان» الأعلى ثقلا سيضع ضغطا على علاقة أنقرة مع الحلفاء والشركاء الخارجيين، لا سيما في أوروبا، أهم وجهة تصدير لتركيا ومصدر الاستثمار الأول.

وسيخضع «أردوغان»، الذي يكاد يكون مسيطرا بالكامل على المشهد الإعلامي والأمني ​​في بلاده، لرقابة أقل مما كان عليه من قبل، ولديه القدرة على اتخاذ سياسات أحادية الجانب، حتى لو تجاوزت معايير حقوق الإنسان التي تقيّمها أوروبا.

ومع ذلك، حتى لو واجهت بعض التوتر المتزايد مع أوروبا، فإن الحكومة التركية ستظل تركز على جذب المزيد من الاستثمارات (باستخدام الليرة كلما أمكن)، لمحاولة تحقيق الاستقرار في اقتصادها.

وتعد ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻤﻨﺨﻔﻀﺔ وارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﻏﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻘﺼﻮى اﻟﺘﻲ ﺗنتظرها اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، وسيتعين على المسؤولين، مثل رئيس البنك المركزي التركي، إيجاد طريقة لمعالجة هذه القضايا، مع التعامل مع عدم رغبة «أردوغان» في زيادة أسعار الفائدة.

وقد أصبحت الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بقيادة «أردوغان» مألوفة لدى الأتراك، على مدى الأعوام الـ16 الماضية، منذ أول فوز برلماني للحزب عام 2002، ويبقي الفوز الأخير على الوضع الراهن، لكن ذلك ليس بالضرورة أمرا جيدا بالنسبة للوضع الاقتصادي في تركيا.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

أردوغان تركيا رئاسيات تركيا 2018 الانتخابات التركية الاقتصاد التركي