«هآرتس»: لماذا فشلت الإمارات والسعودية في حرب اليمن؟

الأربعاء 18 يوليو 2018 02:07 ص

في تقرير «تصنيف النفوذ» الذي صدر الأسبوع الماضي، تم تصنيف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في المرتبة التاسعة والعاشرة من بين دول العالم على التوالي، بينما تتورط هاتان القوتان العسكريتان الآن للعام الرابع في نزاع في إحدى أفقر البلدان في العالم، اليمن، ضد « الحوثيين» المدعومين من إيران، والذين لا يبدو أنه يمكن هزيمتهم قريبا.

ويعد الجيشان السعودي والإماراتي من أفضل الجيوش الممولة والمجهزة في العالم، ووفقا لمعهد «ستوكهولم» الدولي لأبحاث السلام، تجاوزت السعودية روسيا عام 2017 لتصبح ثالث أكبر الدول من حيث الإنفاق العسكري في العالم، حيث بلغ مجموع ما أنفقته ذلك العام 69.4 مليارات دولار، كما صنف مركز الأبحاث المملكة باعتبارها ثاني أكبر مستورد للأسلحة في عامي 2015 و2016، مشيرا إلى أن هذه الواردات العسكرية زادت بأكثر من 200% في الأعوام الستة الماضية.

ومع ذلك، فإن حدود الجيش السعودي معروفة، فعلى الرغم من ميزانيته الضخمة، ومشترياته من الأسلحة، إلا أنه يعاني من نقص الخبرة والاعتماد على إعادة التزود بالوقود وإعادة الإمداد على الولايات المتحدة، فضلا عن ضعف جودة رأسماله البشري.

ويقول الدكتور «يوئيل غوزنسكي»، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب: «لم يخوضوا حربا منذ عام 1991، بينما على الجانب الآخر يمتلك الحوثيون عقودا من تجارب حرب العصابات والقتال في هذه التضاريس، الأمر صعب».

طريق مسدود

ووصل التحالف العربي الذي يقاتل في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إلى طريق مسدود في الأسابيع الأخيرة، بعد محاولة السيطرة على مدينة الحديدة الرئيسي من «الحوثيين» المدعومين من إيران. ويتم توجيه الاتهامات إلى إيران، التي تحارب في مختلف الحروب بالوكالة في الشرق الأوسط، كل من وكالات الاستخبارات الأمريكية والسعودية بتسليح «الحوثيين» بالأسلحة والصواريخ، التي تستهدف حاليا مدينة جازان الاقتصادية السعودية، حيث تلبي «أرامكو» السعودية دعوات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» للمساعدة في تحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية، وبناء مصفاة جديدة بقدرة 400 ألف برميل يوميا من المتوقع أن تصبح كاملة التشغيل في عام 2019.

وكانت الرياض وأبوظبي قد وعدتا بحملة سريعة في ما أصبح الآن من أشد المعارك ضراوة في هذا الصراع المدمر.

ويدعي التحالف أن هدفه هو قطع خط الإمداد الرئيسي لـ«الحوثيين»، وإجبار المجموعة على الجلوس على طاولة المفاوضات، ومع ذلك، لم يتم إحراز سوى تقدم طفيف منذ إطلاق الحملة في 12 يونيو/حزيران، حيث يتم الدفاع عن المدينة الواقعة على البحر الأحمر بشدة من خلال الألغام الأرضية والبحرية. وتخشى الأمم المتحدة من أن تؤدي الحملة إلى انتشار المجاعة على نطاق واسع، لأن الميناء هو شريان الحياة للدولة الفقيرة التي يُعتقد أن 8.4 ملايين نسمة فيها على وشك المجاعة.

من يرفع الأحمال الثقيلة

ويلاحظ «غوزانسكي» أنه في اليمن، فإن الإماراتيين، وليس السعوديون، هم من يقومون برفع الأحمال الثقيلة. ويضيف أن السعوديين يقدمون بالدرجة الأولى الدعم الجوي، في حين أن الإمارات لديها قوات فعلية على الأرض، وإن كان العديد منها مرتزقة من دول مثل السودان، والتي تشكل قوة مقاتلة لا يستهان بها. بل إن الإمارات قد اكتسبت لنفسها لقب «اسبرطة الصغيرة» من قبل في الجيش الأمريكي، كما يقول «غوزانسكي»، نقلا عن وزير الدفاع الأمريكي الحالي «جيمس ماتيس».

وتعد الإمارات، مثل السعودية، مجهزة بشكل جيد للغاية بأحدث أنظمة الأسلحة، والتي يتم شراؤها بمواردها المالية الهائلة. ويرى معهد أبحاث «ستوكهولم» أن الإمارات يجب أن تكون مدرجة ضمن أفضل 15 من المنفقين العسكريين في العالم، لكنه يلاحظ أن نقص البيانات المتاحة للجمهور قد أدى إلى غياب البلاد عن المسح.

وبالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس السعودية، اكتسبت الإمارات خبرة عملية واسعة في دول مثل أفغانستان والصومال والبوسنة. ويقود قواتها، على الأقل جزئيا، الجنرال الأسترالي السابق «مايك هندمارش»، الذي يشغل حاليا منصب قائد الحرس الجمهوري لدولة الإمارات، وهو قسم عسكري يضم وحدات تقليدية ومتخصصة تعمل في اليمن.

ويشرح «غوزانسكي» مدى انتشار القوات المسلحة للإمارات، مشيرا إلى أنها الدولة العربية الوحيدة التي فتحت قاعدة عسكرية خارج حدودها، مع قاعدتها البحرية والجوية في إريتريا، في حين تتطلع إلى مزيد من القواعد على البحر الأحمر وفي ليبيا.

ومع ذلك، فإن مشاركة الإمارات في اليمن ينتقدها بعض القادة المحليين، وهو ما تم تسليط الضوء عليه الأسبوع الماضي، بعد تقارير عن انشقاق أمير إماراتي وهروبه إلى قطر في مايو/أيار، حيث كان يخشى على حياته بعد انتقاده للحرب، واتهم الإمارات بإخفاء العدد الحقيقي للقتلى من الجنود الإماراتيين في اليمن. وأعلنت الإمارات الأسبوع الماضي أنها مددت الخدمة العسكرية الإجبارية للرجال الإماراتيين من 12 إلى 16 شهرا.

المشكلة السعودية

ويمتلك الجيش السعودي بنية تشغيلية مركزية للغاية، وهي سمة مشتركة في العديد من البلدان غير الديمقراطية، حيث تأتي القيادة والولاء من الأعلى. ولا يخدم الأمراء وغيرهم من أفراد العائلة المالكة كجنود، وفقا لـ«غوزانسكي»، وهو عدم مساواة لا تساعد في رفع الروح المعنوية بين القوات.

وفي فبراير/شباط، مهد العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» الطريق لابنه ولي العهد الأمير «محمد» لمزيد من توطيد السلطة قبل صعوده إلى العرش، وأقال كل كبار قادته العسكريين. وكان ولي العهد، الذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع، قد علق سمعته وحكمه على كسب الحرب في اليمن وتراجع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

ويشير «غوزانسكي» إلى أن ولي العهد «يخاف من نشر أرقام الإصابات بين الجنود السعوديين، وهذا هو السبب في أنه خلال 4 أعوام من الحرب لم يكن هناك أي إحصاء رسمي من قبل السعوديين».

وتعكس عدم فعالية الجيش قضايا أعمق في المجتمع السعودي بشكل عام، لا سيما تلك المتعلقة بالاقتصاد. وكانت الولايات المتحدة تساعد في تجهيز وتدريب القوات المسلحة السعودية منذ أن قام الرئيس الأمريكي «فرانكلين روزفلت» والملك السعودي «عبدالعزيز آل سعود» بصياغة تحالف النفط مقابل الأمن عام 1945. وحتى يومنا هذا، تعتمد المملكة بشكل كبير على الولايات المتحدة لتزويدها بالوقود والإمدادات وصيانة أصولها العسكرية.

وفي السبعينيات من القرن الماضي، قام عالم النفس الاجتماعي الهولندي «جيرت هوفستيد» بإنشاء مؤشر يصنف البلاد من حيث قوة التسلسل الهرمي. ووجد «هوفستيد» أن دولا مثل السعودية والإمارات من بين أكثر الدول تراتبية في العالم، ونتيجة لذلك، فإن قدرتها على الابتكار والمرونة في حل المشكلات الكبيرة والصغيرة على السواء تكون ضعيفة.

واحتلت (إسرائيل)، التي تحظى بالثناء على قوتها العسكرية واقتصادها المبتكر، المرتبة الثانية بين جميع الدول في مؤشر «هوفستيد» عام 2009. إلا أن «غوزانسكي» يحذر من أنه على الرغم من مزاياها العسكرية، إلا أنه من حيث قدرتها على التكيف في ساحة المعركة وتجربة القتال ضد تمرد داخل المدن، فإن (إسرائيل) ستواجه العديد من المشاكل نفسها في اليمن، مثل السعوديين والإماراتيين، ولن تكون بالضرورة أكثر نجاحا ضد مقاتلي حرب العصابات ذوي الخبرة.

ونتيجة لذلك، فإن عدم قدرة التحالف العربي على الفوز أو حتى التقدم في اليمن لديه تشخيص ذي شقين؛ الأول أن «الحوثيين» في موقع جيد لصد القوات الأجنبية المقاتلة، والثاني أن الجيش السعودي يعاني من عدم فعاليته النظامية، على الرغم من الجهود التي تبذلها الإمارات لتعزيز قوتها على الأرض في الحرب.

  كلمات مفتاحية

حرب اليمن الجيش السعودي الجيش الإماراتي الحوثيين