«ستراتفور»: الجهاديون يقتنصون فرصة عدم استقرار اليمن

السبت 21 مارس 2015 10:03 ص

يقدم الصراع بين المسلحين الحوثيين وحكومة الرئيس «عبد ربه منصور هادي» فرصة فريدة للجهاديين في اليمن المضطرب لتأجيج صراع طائفي يترتب عليه زيادة نفوذهم. ويمكن للطائفية في نهاية المطاف أن تعطي فرصة لهذه الجماعات بنفس الطريقة التي لاحت للجهاديين العاملين في سوريا المجاورة، حيث نجد أن السنة في دمشق ورعاتهم أدركوا منذ أمد بعيد أنهم غير قادرين على محاربة «بشار الأسد» ونظامه المدعوم من إيران من دون تعزيز التشدد والدفع وراء من يحملونه. وفي نهاية المطاف، ليس هناك مستفيد من انهيار النظام في اليمن سوى الجهاديين.

وفي أحدث موجة من العنف في اليمن، قتل 137 شخصا على الأقل وأصيب نحو 345 بجروح في 20 مارس إثر أربعة تفجيرات منفصلة استهدفت مساجد. وتعود المساجد الثلاثة المستهدفة بالتفجيرات إلى الطائفة الزيدية التي يقودها قائد الحوثيين «عبدالملك الحوثي» الذي يتخذ من صعدة الشمالية مقرا له في الوقت الراهن. ويقال إن مهاجما انتحاريا رابعا هاجم مبنى حكومي في بلدة صعدة الخاضعة للسيطرة الحوثية تماما. وتم ترتيب وتنسيق التفجيرات جيدا، الأمر الذي كشف أن الهدف من ورائها إلحاق أكبر قدر من الضرر بالأفراد أثناء وقت صلاة الجمعة.

وبالفعل، أعلن تنظيم «الدولة الاسلامية» مسؤوليته عن الهجوم الدامي. ومن الجدير بالذكر أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو التنظيم الجهادي الأكثر رسوخا وتأثيرا في اليمن منذ فترة بعيدة. ونظرا للطبيعة الطائفية للهجوم والاستهداف المتعمد للمساجد الزيدية، فإن إعلان «الدولة الإسلامية» مسؤوليتها يبدو مناسبا ومقبولا. وكانت القيادة المركزية لتنظيم القاعدة وقادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أنفسهم قد انتقدوا تطرف «الدولة الإسلامية» مرارا، فضلا عن انتقاد عملياتها التي قالوا إنها تطال أو تستهدف إخواننا من المسلمين. وبسبب هذا، فإن طبيعة هذه الهجمات تجعلها أكثر اتساقا مع استراتيجية «الدولة الإسلامية»، على الرغم من أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد هاجم القادة الحوثيين بشكل مستمر.

وتأتي هذه الهجمات في الوقت الذي يعمل يعمل فيه الحوثيون على ترسيخ السلطة واستقرارها بعد الإطاحة بـ«هادي» ليظهروا وكأنهم نجحوا في تحقيقه ولم تهتز البلاد بقدومهم، كما تأتي في وقت تسعى فيه هذه الطائفة الزيدية للسيطرة على مساحات واسعة من الأراضي في شمال ووسط اليمن.

وفي الوقت نفسه، فإن القوات الموالية لـ«هادي»، الذي فر إلى مدينة عدن الجنوبية، تقاتل القوات الموالية لسلفه «علي عبد الله صالح» المتحالف مع الحوثيين. وانحاز الكثير من القبائل المحافظة أيضا إلى «هادي» ضد الحوثيين. وقد أدى ذلك إلى حالة من الفوضى العارمة  في اليمن. لقد انضم العديد من القبائل المحافظة التي تعارض الحوثيين إلى الجهاديين، وخاصة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وتعود هذه الظروف غير المستقرة بالفائدة على الجماعات الجهادية التي لا يمكنها إسقاط حكومة قوية بنفسها من دون مساعدة غيرها. ولكونها تدرك ذلك، فقد سعت تلك الجماعات إلى خلق ظروف فوضوية لتحقيق أهدافها. لقد انزلق اليمن منذ فترة طويلة إلى الفوضى. والآن، مع سقوط حكومة «هادي»، فإن الظروف لا يمكن أن تكون أفضل للجهاديين أنفسهم.

وكما رأينا في العراق من قبل وفي سوريا مؤخرا، كان الجهاديون المرتبطون بـ«الدولة الإسلامية» على موعد من الاستفادة من الصراعات الطائفية التي تلقى فيها المسلحون السنة الدعم من القوى السنية الإقليمية ضد المسلحين الشيعة المدعومين من إيران. وقد أظهرت الجماعات السلفية الجهادية على وجه الخصوص نفسها بقوة في هذه المعركة الطائفية المشحونة، لا سيما «الدولة الإسلامية» وجبهة النصرة في سوريا.

ومن السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت «الدولة الإسلامية» سوف تستفيد من الحرب المعقدة في اليمن أم لا. لكن مع ذلك يمكننا أن نقول إنه حتى الآن نجح تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بشكل شبه مؤكد في استقطاب العديد من العناصر المعارضة للحوثيين، ما رفع من أعداد أفراده. وعلى المستوى الإقليمي، كلما زادت التفجيرات، كلما زادت فرص انحياز الولايات المتحدة وإيران لبعضهما البعض ضد الجماعات الجهادية. وهذا، بلا شك، لا يصب في صالح المملكة العربية السعودية التي علقت في المنتصف بين الحوثيين الموالين لإيران من جانب والجهاديين في جانب آخر.

  كلمات مفتاحية

اليمن الدولة الإسلامية ميليشيات الحوثيين إيران السعودية

إدانات خليجية ودولية لتفجيرات صنعاء وسط دعوات لضبط النفس والعودة للحوار

اليمن: عبء البنية والجغرافيا

«هادي» يدين تفجيرات صنعاء .. ويؤكد: هدفها جر اليمن إلي حرب طائفية

"مجلس التعاون" واليمن المنكوب

قاعدة اليمن تتبرأ من تفجيرات صنعاء وتؤكد: ملتزمون بتوجيهات «الظواهري»

اليمن حتى لا يكون سوريا ثانية

الطائفية والانفصالية والقاعدة والفقر.. مخاطر تؤرق اليمن

«ستراتفور»: «القاعدة» يزدهر على أنقاض اليمن و«صالح» يواصل الرقص على رؤوس الأفاعي

«ستراتفور»: ماذا يعني الانتقال من «عاصفة الحزم» إلى «إعادة الأمل»؟

ليس بالبندقية وحدها يحيا «القاعدة»

الحركة الجهادية في اليمن: تاريخ طويل .. ومستقبل أطول