تفاصيل مبادرة "مرزوق" لحل أزمة مصر.. وهكذا رد النظام

الاثنين 6 أغسطس 2018 05:08 ص

لم تمر ساعات على مبادرة مصرية جديدة، أطلقها دبلوماسي سابق، لحل الأزمة السياسية في البلاد، حتى تصاعد الهجوم عليه للدرجة التي دفعت محامين للتقدم ضده، ببلاغين للنائب العام، يتهمانه بالتطاول على القضاء.

المبادرة التي أطلقها السفير السابق «معصوم مرزوق»، تحت عنوان «نداء هام وفارق للشعب والدولة المصرية»، وضع خارطة طريق جديدة وغير مسبوقة لإنهاء الأزمة الحالية، هو الأمر الذي أثار غضب الأذرع الإعلامية الموالية للنظام، ودفعها للمطالبة بمحاكمته بدعوى إهانته للسلطة القضائية.

تفاصيل المبادرة

النداء الذي أطلقه "مرزوق"، الأحد، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أقر بشرعية نظام الحكم الحالي، في حال موافقة (50% + 1) من الناخبين المصريين على استمراره، ومن ثم تأييد سياساته المتبعة في كل المجالات.

أما إذا رفضت الأغلبية استمراره، فإن الاستفتاء يعد بمثابة إعلان دستوري يتوقف بمقتضاه العمل بالدستور، وإنهاء ولاية الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، وحل مجلس النواب، وإعلان استقالة الحكومة القائمة، وتولي مجلس انتقالي أعمال الحكم والتشريع لمدة 3 أعوام.

واقترح "مرزوق"، أن يتشكل المجلس الانتقالي من 13 عضواً، يمثلون بشكل متوازن من المحكمة الدستورية، ومجلس الدولة، والأحزاب السياسية غير المؤتلفة أو المتعاونة مع نظام الحكم الحالي، بحيث يتخذ مجلس القضاء الأعلى قراراً بتشكيل المجلس بعد أسبوع من ظهور نتيجة الاستفتاء، بناءً على ترشيح تلك الجهات، واختيار أعضاء المجلس رئيساً ونائبين بالانتخاب، واتخاذ قراراته بالأغلبية البسيطة.

ويتولى المجلس، حسب المبادرة، وضع وتنفيذ إجراءات الفترة الانتقالية، مع عدم جواز ترشح أي من أعضائه في أول انتخابات عامة تجرى بعد انتهاء السنوات الثلاث، وتعيين أعضائه مجلس وزراء، تمهيداً لإعداد انتخابات رئاسية وبرلمانية في الشهر الأخير من العام الثالث لولايته، إثر إجراء المجلس التعديلات اللازمة في قوانين الانتخابات، والمواد الدستورية ذات الصلة، وإجراء الاستفتاء عليها، في نهاية العام الثاني من ولايته.

ونص النداء، حظر الدعوة كذلك على كل من اشترك أو أسهم في ولاية عامة في مؤسسات الحكم أو البرلمان خلال الأعوام العشر السابقة على الاستفتاء "المشاركة في الترشح أو التعيين لأي منصب عام خلال العشرة أعوام التالية على انتهاء ولاية المجلس الانتقالي"، فضلاً عن إصدار "قانون عفو شامل يتضمن تحصينا قضائيا كاملا لكل من تصدى لمهام الحكم والتشريع في الفترة التالية لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وحتى بدء ولاية المجلس الانتقالي".

ودعا النداء، إلى تقنين أحكام العدالة الانتقالية، فيما يخص الحقيقة والمصارحة والمصالحة، والإفراج الفوري عن كل المحبوسين في قضايا الرأي، وإقرار تعويضات عادلة ومجزية لكل ضحايا هذه الفترة بواسطة لجنة قضائية مستقلة يحددها المجلس الأعلى للقضاء، مع عمل المجلس الانتقالي على مراجعة شاملة لكل القوانين واللوائح التي صدرت خلال السنوات التي تلت الثورة المصرية في العام 2011.

ونصت على مراجعة المجلس الانتقالي لكل سياسات نظام الحكم السابق، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الدعم للفقراء، وسن ضرائب تصاعدية عادلة، والتوقف عن مواصلة سياسة الاقتراض، وإعادة التفاوض مع المؤسسات المالية المقرضة، علاوة على مراجعة كل الاتفاقات الدولية التي أبرمتها السلطة الحالية خلال الأعوام الماضية، وفي مقدمتها اتفاقية التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، وترسيم حدود مصر في البحرين الأبيض والأحمر.

وختم "مرزوق" دعوته، بالقول: "إذا اختارت سلطة الحكم عدم الموافقة على هذا النداء، فعليها أن تتحمل نتائج الانسداد الكامل في الأفق السياسي، وما يمكن أن يترتب عليه.. وفي هذه الحالة يعقد مؤتمر شعبي في ميدان التحرير لدراسة الخطوات التالية، بعد صلاة جمعة يوم 31 أغسطس/آب الجاري، وحتى التاسعة من مساء نفس اليوم، بحضور المؤيدين للنداء، وتنسيق المؤتمر من خلال لجنة مشكلة من أحزاب المعارضة"، محملاً سلطات الأمن مسؤولية توفير التأمين والحماية اللازمة للمؤتمر.

بلاغان

وعلى الرغم من تأييد البعض، خاصة من المعارضين، لمبادرة "مرزوق"، لكن الأذرع الإعلامية الموالية لـ"السيسي"، شنت هجوما حادا على السفير السابق.

وحرّض الإعلامي "أحمد موسى"، المحامي "سمير صبري"، على التقدم ببلاغ إلى النائب العام، ونيابة أمن الدولة العليا، ضد السفير السابق، يتهمه فيه بالتطاول على القضاء.

وتقدم "صبري"، بالبلاغ بالفعل، الإثنين، واعتبر ما كتبه "مرزوق" يعتبر "اتهاماً للقضاء بالخيانة، وتطاولاً على السلطة القضائية، وتشكيكاً في نزاهة رئيس المحكمة الدستورية، وتعدياً على حرمة القضاء، وتدخلاً في أعمال القضاء".

كما تقدم المحامي "طارق محمود"، ببلاغ لنيابات استئناف الإسكندرية (شمال)، ضد "مرزوق"، اتهمه فيه بإهانة الهيئة القضائية ممثلة فى رئيس المحكمة الدستورية العليا، على خلفية تدوينة كتبها، حول قرار تعيين المستشار "حنفي جبالي" رئيساً للمحكمة الدستورية، وهو من أصدر حكم "سعودية جزيرتي تيران وصنافير".

وكان "مرزوق" قد كتب في 3 أغسطس/آب الجاري: "القاضي الذي لم يقر حكم الإدارية العليا بشأن جزيرتي تيران وصنافير عُين رئيساً للمحكمة الدستورية.. والقاضي الذي حكم بمصرية الجزيرتين حرموه من حقه في رئاسة مجلس الدولة (القاضي يحيى الدكروري).. ولكن التاريخ يكتب سطوراً مختلفة، وسيدرج الأول مع قضاة دنشواي، ويضع الآخر في قائمة الشرف.. لعنة يحملها أولاد وأحفاد الأول، وفخر سيحمله أولاد وأحفاد الآخر".

كما شنت وسائل إعلام مصرية، حملة موسعة ضد "مرزوق"، متهماً إياه بإهانة مؤسسات الدولة المصرية، ومحاولات تنفيذ المخططات المريبة، بالتعاون مع أنصار جماعة الإخوان، وإهانة القضاء المصري صراحة.

في وقت هاجم فيه البرلماني الموالي للنظام "مصطفى بكري"، مرزوق قائلا إن "مرزوق كان عضواً في الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، ومعروف عنه مواقفه المعادية للرئيس السيسي".

وقال "بكري"، إن "دعوته للاستفتاء تتوافق مع دعوات الإخوان المستمرة، والجماعات التي تستهدف التشكيك في الدولة المصرية.. وأعتقد أنها بالون اختبار لجس نبض الشارع، ومدى تعاطيه مع المبادرة".

فيما طالب النائب "محمد أبوحامد"، بتفعيل نصوص القانون والدستور على كل من يخالف النصوص المتعلقة بنظام الحكم بهدف، هدم مؤسسات الدولة، في إشارة إلى دعوات التظاهر التى أطلقها "مرزوق".

وأضاف: "هذه دعوة لقلب نظام الحكم، وهدم المؤسسات الدستورية، ومثل هذه الأمور تطلب تفعيل القانون بمنتهى الحسم".

هذا الهجوم دفع كثيرين لتوقع اعتقال "مرزوق"، على خلفية مبادرته لتي أطلقها، والهجوم الإعلامي الذي صاحبها، بيد أن هذه الخطوة لم تحدث، حتى صباح الإثنين حيث كتب "مرزوق" عبر صفحته بموقع "فيسبوك": "أشكر كل من اهتم وسأل.. أنا بخير والحمد لله".

 

 

وتعاني مصر أزمة سياسية وانقساما مجتمعيا، وفق مراقبين، لم تفلح معها حتى الآن مبادرات محلية ودولية بين نظام حاكم يرفض عودة "الإخوان" إلى المشهد، وقطاع من المصريين يرفض بقاء "السيسي" في الحكم.

وعلى مدى أكثر من 5 سنوات، تبنت أطراف عدة، بينهم مفكرون مصريون وأحزاب ودبلوماسيون غريبون، مبادرات لتسوية سياسية تنهي حالة الانقسام المجتمعي في البلاد، وتقود إلى مصالحة شاملة، لكن دون جدوى.

وسبق أن كشف "مرزوق"، في أبريل/نيسان الماضي، نيته تأسيس حزب سياسي، يؤمن بأفكار وأهداف ثورة يناير/كانون الثاني 2011، تحت اسم حزب "الناس الديمقراطي".

وبرز اسم "مرزوق" كأحد المرشحين المحتملين للترشح في الانتخابات الرئاسية الماضية، لكنه تراجع عن هذه الخطوة؛ بسبب ما اعتبره "مسرحية" من قبل النظام المصري الحالي.

و"مرزوق" دبلوماسي وسياسي وكاتب مصري عمل خلال مسيرته كسفير لمصر في أوغندا وفنلندا وإستونيا، كما عمل قبل حياته البدلوماسية والسياسية بسلاح الصاعقة في الجيش المصري، وشارك في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وحصل على وسام الشجاعة من الطبقة الأولى.

وشغل منصب مساعد وزير الخارجية المصري، وعمل كدبلوماسي في الإكوادور ونيويورك والأردن.

  كلمات مفتاحية

معصوم مرزوق السيسي أذرع إعلامية أزمة سياسية اعتقالات بلاغات

مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية الشاملة في مصر

معارض مصري يعمل على خارطة طريق لحل الأزمة السياسية

هل يمكن قيام مصالحة بين «السيسي» و«الإخوان»؟

معارض مصري يعتزم تأسيس حزب جديد يحمل أهداف ثورة يناير