لماذا قطعت السعودية علاقاتها مع كندا وصمتت أمام الأوروبيين؟

الثلاثاء 7 أغسطس 2018 05:08 ص

لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تتعرض فيها السعودية إلى انتقادات لسجلها بحقوق الإنسان من جهات وحكومات دولية، لكنها المرة الأولى فعليا التي تنتفض فيها حكومة المملكة ضد أحد تلك الانتقادات بشكل بدا استعراضيا ومبالغا في إرسال رسالة ما، وبشكل سريع.

وبدون مقدمات يبرز سؤال يبدو لحوحا في البحث عن إجابات، لماذا قطعت السعودية علاقاتها التجارية وطردت السفير الكندي، بعد انتقاد أوتاوا لاعتقال الرياض الحقوقية "سمر بدوي"، بينما لم تفعل نفس الأمر مع دول أحرى كبريطانيا والاتحاد الأوروبي، اللذين انتقدا السجل الحقوقي بالمملكة، أو ألمانيا التي هاجم وزير خارجيتها السابق ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" ووصفه بالرعونة؟

في 7 مارس/آذار من العام الجاري، قالت رئيسة الوزراء البريطانية "تيريزا ماي"، في كلمة أمام البرلمان البريطاني، إنها ستناقش "بواعث القلق لدى حكومتها" بشأن حقوق الإنسان عندما تلتقي ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، الذي كان يزور بريطانيا في ذلك التوقيت.

كانت الجلسة صاخبة، وخلالها تحدث عدد من أعضاء البرلمان البريطاني بغضب عن السعودية، وطلبوا من "ماي" الضغط على الرياص لإطلاق سراح حقوقيين ورموز مدنية وأخرى، تم اعتقالها في أواخر 2017، وأوائل 2018.

وفي أواخر مايو/أيار الماضي، كان القرار الأعنف من الاتحاد الأوروبي، حينما أقر برلمانه مشروع قانون يدين انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، ويطالب السلطات السعودية بتسريع وتيرة الإصلاح والإفراج عن الناشطين المعتقلين، بأغلبية 525 نائبا، مقابل اعتراض 29 فقط، وامتناع 71 عن التصويت.

وطالب القرار الرياض بوقف جميع أشكال التضييق على ناشطي حقوق الإنسان، وبالإفراج "الفوري وغير المشروط" عن المعتقلين، بمن في ذلك الناشطات السعوديات اللائي اعتقلن في وقت سابق من ذلك الشهر، في القضية التي عرفت إعلاميا في المملكة بـ"خلية السفارات".

عبارات البرلمان الأوروبي كانت عنيفة، وأشد من العبارات التي استخدمتها وزارة الخارجية الكندية في بيان الأحد 5 أغسطس/آب الجاري، والذي فجر الأزمة.

بعد استعراض المثالين السابقين، يمكن الشروع في استنتاج الأسباب التي دفعت المملكة إلى التصعيد المفاجئ مع كندا، وعدم فعل الشئ نفسه مع أطراف أخرى.

يرى الصحفي والمحلل "رائد صالحة" أن السبب الأبرز يكمن في أن "قطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع كندا سيكون أقل تعقيدا وأكثر فاعلية من بريطانيا، وهي هدف سهل للرياض"، بحسب "القدس العربي".

ووفقا لمحللة الشؤون الدولية في جامعة واترلو "بسمة مومنى"، فإن التجارة الثنائية بين السعودية وكندا "لا تكاد تذكر"، مشيرة إلى أن كندا تبيع الكثير من المعدات العسكرية للسعودية، التى تعتبر أكبر مشتر للأسلحة في العالم، في حين تبيع السعودية لكندا بعض المنتجات البتروكيماوية والوقود.

وفي حين أن كندا قد تجد صعوبة بالحصول بسرعة على مشتر جديد، إلا أن السعودية ستجد منتجين آخرين للأسلحة بهدف تزويد حربها المستعرة في اليمن.

وأشارت "مومني" إلى أن توقيت الإجراء السعودي المثير قد يشكل إجابة أخرى على هذا السؤال المحوري، حيث يتفق معها محللون في أن ولي العهد السعودي بادر باتخاذ القرار كقنبلة دخان يغطي بها على سلسلة إحراجات وتراجعات طالت سياساته إقليميا، حيث تراجع، بضغط من والده، عن حماسته الكبيرة لتأييد "صفقة القرن"، ولم يتعاط بشكل جيد مع مهندسها "غاريد كوشنر"، لكنه عاد وأكد قبل أيام عن تأييده لخطة "كوشنر" للسلام التي أقرها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".

ووفقا لتقديرات خبراء في الشؤون الدولية ، فإن الضجة السعودية حول كندا هي محاولة للحصول على فوز محسوس في مجتمع السياسة الخارجية السعودي، و"إلهاء مفيد" جاء في وقته تماما.

هناك سبب آخر شجع الرياض على المواجهة مع أوتاوا، حيث من المعروف أن العلاقة حاليا متوترة بشكل ملحوظ بين إدارة الرئيس الأمريكي، والحكومة الكندية برئاسة "جاستن ترودو"، بسبب مشكلات في اتفاقيات تجارية وبعض النقاط السياسية، وبناء على ذلك لن يهب الرئيس الأمريكي ليدافع عن كندا –ذات الحكومة الليبرالية- ضد السعودية، الحليف الأكبر والأبرز له بالشرق الأوسط.

وفي الأخير، فإن طرد السفير الكندي، يتماشى مع طبيعة ولي العهد السعودي المتهورة، والذي احتجز من قبل رئيس الوزراء اللبناني في الرياض وأجبره على الاستقالة، في خطوة لقيت انتقادات أوروبية ودولية عنيفة، وكذلك افتعل أزمة شديدة العنف مع قطر أثرت على استقرار منطقة الخليج، وتردد صداها في العالم بالكامل، علاوة على أن اعتقاله 200 من رجال أعمال وأمراء ووزراء السعودية بشكل دراماتيكي، أثار مخاوف اقتصادية وسياسية في المملكة والعالم.

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السعودية كندا بريطانيا الاتحاد الأوروبي البرلمان الأوروبي حقوق الإنسان العلاقات السعودية الكندية

تفاعل واسع مع عودة العلاقات السعودية الكندية.. فمن الذي فرض شروطه؟