محللون: صفقة عسكرية وراء اشتعال الأزمة السعودية الكندية

الثلاثاء 7 أغسطس 2018 01:08 ص

اعتبر محللون أن صفقة عسكرية قيمتها 15 مليار دولار، وراء الأزمة المشتعلة بين السعودية وكندا مؤخرا.

فالصفقة التي كانت ستدخل المليارات إلى كندا بعقود الصناعة والصيانة والتدريب لمدة 14 عاما، هي نفسها أحد أكبر أسباب انتقاد حكومة "جاستن ترودو" عقد اتفاقية من هذا النوع وبهذا الحجم مع المملكة من قبل رئيس الوزراء السابق "ستيفن هاربر".

سرية الاتفاقية التي طلبتها السعودية عند إبرام الصفقة مع شركة General Dynamics دفعت الساسة الكنديين إلى التحفظ على الإفصاح عن معلوماتها وتفاصيلها، فكانوا يصفون السيارات العسكرية والمدرعات بأنها شاحنات تارة وسيارات جيب تارة أخرى.

لكن الشبهات حول الصفقة لم تمنع ناشطين كنديين من مراقبة استخدام ما تبين لاحقا أنه مدرعات وعربات عسكرية ثقيلة، بعدما تسربت فيديوهات في صيف 2017، تُظهر استخدام هذه المدرعات في منطقة العوامية بالمنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية.

ونشرت صحف كندية تسريبات عن جانب من الصفقة ونوع المركبات، منها:

  • 928 مركبة مدرعة خفيفة حديثة تُعرف باسم LAV 6  354، منها حاملات جنود.
  • 119 عربة LAV 6 من نوع "الاعتداء الثقيل"، مع مدافع قوية بعيار 105 ملليمترات.
  • 119 سيارة أخرى مدرعة ومضادة للدبابات، كما تم تصنيف 119 أخرى على أنها دعم للتدخل الفوري، مع برج من طابقين وبندقية من 30 مليمترا.

وتشمل المركبات المتبقية سيارات إسعاف ومراكز قيادة متنقلة ووسائل نقل كبار الشخصيات ومركبات استرداد مزودة بالرافعات.

حقوق الإنسان

ونقل موقع "عربي بوست" عن رئيس تحرير جريدة "البلاد" الصادرة في أونتاريو، "ليث الحمداني"، قوله إنّ "سجل الحزب الليبرالي الحاكم في ملف قضايا حقوق الإنسان جعله أكثر عرضة لضغط منظمات المجتمع المدني، مقارنة بالحكومة المحافظة السابقة التي تمت الاتفاقية في عهدها".

وقال "الحمداني" إن التصريحات تتجانس مع مبادئ الحزب الليبرالي الكندي فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، وإن كانت تُطبّق بـ"خجل" في مواقع أخرى مثل قطاع غزة.

ولفت "الحمداني" إلى أن التلويح بإيقاف المعاملات التجارية يهدد بتسريح آلاف الموظفين، وهو ما يعطي السعودية يدا عليا في هذه الأزمة.

وبدأت الأزمة عندما نشرت وزارة الخارجية الكندية بيانا قالت فيه إن كندا تشعر بقلق بالغ إزاء الاعتقالات الإضافية للمجتمع المدني وناشطي حقوق المرأة في المملكة السعودية، بما في ذلك "سمر بدوي"، شقيقة الناشط المعتقل "رائف بدوي"، التي تم اعتقالها الأسبوع الماضي.

وأضاف البيان الكندي أنها تحث السعودية على الإفراج عنهم فورا، إضافة إلى جميع الناشطين الآخرين في مجال حقوق الإنسان.

واستدعت السعودية، سفيرها لدى كندا، واعتبرت السفير الكندي لديها "شخصا غير مرغوب فيه"؛ على خلفية ما اعتبرته الرياض "تدخلا صريحا وسافرا في الشؤون الداخلية للبلاد".

كما أعلنت ‏وزارة التعليم السعودية، إيقاف برامج الابتعاث والتدريب والزمالة إلى كندا، وإعداد خطة عاجلة لنقل جميع الملتحقين بهذه البرامج إلى دول أخرى.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الكندية "ماري بيار بيريل"، في تغريدة ردا على طرد السفير الكندي وسحب السفير السعودي، إن "كندا ستدافع دائما عن حماية حقوق الإنسان، وضمن ذلك حقوق المرأة، وحرية التعبير في جميع أنحاء العالم. ولن تتردد حكومتنا أبدا في تعزيز هذه القيم، وتعتقد أن هذا الحوار ضروري للدبلوماسية الدولية".

ويأتي التصعيد بعد سنوات من التوتر بسبب الصفقة العسكرية.

ونقلت صحيفة "جلوب أند ميل" الكندية عن "عمر علام"، وهو مستشار أعمال في كندا يقدم المشورة للشركات التي تتطلع إلى القيام بأعمال تجارية مع السعودية، قوله إن "العلاقات السعودية - الكندية توترت في السنوات الأخيرة؛ بسبب نقاش عام حول ما إذا كان سيتم بيع ما قيمته مليارات الدولارات من العربات المدرعة إلى الرياض، واستمرار سجن رائف بدوي".

وتلقت وقتها حكومة "ترودو" انتقادات كثيرة بشأن الصفقة التي وصفها السعوديون علنا بأنها هدية لتثبيت العلاقات بين البلدين، لافتين إلى أن الرياض كان بإمكانها إبرام اتفاق في أي مكان آخر بالعالم.

واعتبر "علام" أن السعوديين شعروا بنوع من العزل؛ ما دفعهم لرفع أيديهم للأعلى والقول: "كفى".

ليست المرة الأولى

الخطوة الدبلوماسية السعودية تعيد إلى الذاكرة ما أقدمت عليه عام 2015، عندما وقع خلاف دبلوماسي مشابه مع السويد، استدعت وقتها المملكة سفيرها في ستوكهولم، التي ألغت بدورها اتفاقية دفاعية مع المملكة.

وجاءت القطيعة التجارية بعد ما هاجمت السعودية وزيرة الخارجية السويدي "مارغوت والستروم"؛ لحديثها عن قرار جلد "بدوي"، معتبرة إياه من "ممارسات العصور الوسطى".

من جهتها، ذكرت الأكاديمية بجامعة "واترلو" الكندية، "باسمة موماني"، في تغريدة لها على «تويتر»، أن السعودية تود إرسال رسالة إلى شركائها الآخرين عبر كندا.

وقالت "موماني": "رأينا الكثير من الدعم للمعارضين السعوديين في المملكة المتحدة وكندا والكونغرس الأمريكي وغيرهم. لكن من الأسهل أن تقطع السعودية علاقاتها مع كندا أكثر من البقية. ليس هناك علاقة تجارية ثنائية قوية، ومن المرجح أن يتردد صدى وخز حكومة ترودو مع الحلفاء الإقليميين الصقور للسعوديين".

واعتبرت "موماني" أن الخطوة الدبلوماسية السعودية أكبر بكثير من قضية "بدوي"، قائلة لقناة CBC الكندية: "أعتقد أنه يتعين على المرء أن يتراجع خطوة للوراء، ويرى أن هناك قدرا كبيرا من الحرارة على المملكة العربية السعودية، لا سيما معاملتها عناصر المجتمع المدني وأنشطة حقوق الإنسان. أعتقد أن القصد هو جعل كندا مثالا أو عبرة للآخرين".

وإلى جانب الصفقة، يترقب 15 ألف سعودي في كندا التطورات من كثب

وبلغ حجم التجارة الثنائية بين السعودية وكندا 3.9 مليارات دولار كندي في عام 2016 وتخطت 4 مليارات دولار في 2017.

وتعتبر السعودية من أهم منابع الطلاب الدوليين في كندا مع وجود أكثر من 15 ألف مبتعث، خصوصا في الدراسات العليا؛ يدرّون ملايين الدولارات سنويا على الجامعات الكندية، وضمنهم 800 طبيب سعودي يمارسون المهنة.

كما تعتبر السعودية ثاني أكبر سوق تصدير لكندا في المنطقة.

وأعلنت ‏وزارة التعليم السعودية، الإثنين، إيقاف برامج الابتعاث والتدريب والزمالة إلى كندا وإعداد خطة عاجلة لنقل جميع الطلبة السعوديين الملتحقين بهذه البرامج إلى دول أخرى.

المصدر | الخليج الجديد + عربي بوست

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية الكندية أزمة دبلوماسية طرد السفير صفقة عسكرية