استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

كيف تتم مناقشة «داعش» في أمريكا؟

الاثنين 23 مارس 2015 03:03 ص

قبل أشهر عدة، أعلن الرئيس الأميركي «أوباما» أن تنظيم داعش (ليس إسلامياً). ومنذ هذا الإعلان، والإعلام الأميركي في نقاش طويل حول ما إذا كان «داعش» فعلاً إسلامياً أم لا.

هذا طبعاً ليس نقاشاً علمياً يتحرى الحقيقة، إنما هو غطاء لصراع سياسي. من جهة يريد «أوباما» نزع أي شرعية عن «داعش» في حربه ضده، إذ لا يبدو وكأنه يحارب الإسلام. من الجهة الأخرى نحن في عام 2015، أي قبل الانتخابات الرئاسية بعام، فكل ما يقوله الرئيس سيستخدمه الجمهوريون ضده، ولهذا السبب يهاجمونه بأنه متساهل في التعاطي مع الجانب الديني لـ«داعش» وما إلى ذلك.

إلا أن غير السياسيين من كتاب صحافيين وأكاديميين ومثقفين دخلوا أيضاً هذا النقاش، محاولين الوصول إلى «حقيقة داعش».

إحدى هذه المقالات كتبها جريم وود بعنوان: «ما الذي يريده داعش؟». ونشرت بمجلة الأتلانتيك. ما إن كتبت هذه المقالة، حتى انتشرت كالنار على الهشيم ولاقت الكثير من الأصداء وردود الفعل.

إذا أردت تلخيص ما يريد جريم وود قوله، فهو يرى أن «داعش» يرى نفسه إحدى علامات الساعة، وأن كل ما تقوم به من أعمال إنما هو نابع من اعتقادها بأنها اللاعب الرئيس في أحداث نهاية الزمان، وأنها تسعى للتسريع من أحداث التاريخ، بدءاً بظهور المهدي، مروراً بعودة المسيح، وهكذا، وهي بذلك تمثل الإسلام بشكله الأكثر حقيقة ونقاء.

أثارت المقالة ردود فعل كثيرة، فهناك من انتقد بعض الحقائق الموجودة فيها، وأخرى انتقدت غياب ممثلين شرعيين للإسلام في المقالة، وهناك من حاول توضيح كيف أن «داعش» يتبنى تسويغاً العنف اتجاه غير المحاربين يخالف بشكل واضح وصريح القواعد الراسخة في الفقه الإسلامي. وآخرون كتبوا موضحين الفروقات بين «داعش» وبين عهد صدر الإسلام في ما يتعلق بأخلاق الحرب ومسوغاتها.

على رغم تشعب وتعقد هذا النقاش حول هذه المقالة، إلا أن مناقشة الحجة التي يذكرها أمر مهم؛ لأن أصداءها تتردد بشكل متكرر حتى من بعض الكتاب والمثقفين العرب. الجانب الأول من المناقشة يكمن في الخلط الأساسي الذي وقع فيه الكاتب بين الغاية والوسيلة. هو يرى أن تنظيم داعش يسعى لإنشاء دولة إسلامية باعتبارها وسيلة لتحقيق الغاية الدينية التي ليست شيئاً سوى التسريع بتحقيق علامات الساعة.

في تاريخ الولايات المتحدة هناك مفهوم مشهور اسمه «القدر المحتوم - Manifested Destiny». ظهر هذا المصطلح في القرن التاسع عشر؛ لتبرير التوسع الاستعماري للولايات المتحدة باتجاه الغرب، باعتبار أن هذا التوسع (بحروبه، ودمويته، وإبادته لقبائل هندية بأكملها) نوع من القدر المحتوم الذي كتبه الله على الأمة الأميركية بأن قارة أميركا الشمالية ملكها.

هذا المفهوم هو ديني في جوهره. ابتدأ أولاً من اعتقاد تشكل لدى المهاجرين الأوائل لأميركا بأن الله اختارهم؛ لتحقيق غاية محددة، ولكن هذا المفهوم اختفى فيما بعدُ ولم يعد إلى الواجهة مجدداً، إلا مع موجة ما سمي «الصحوة الدينية الكبرى»؛ إذ تم اعتبار نهاية الألفية (أي عام 2000) هي نهاية التاريخ الذي سيعود فيها المسيح ويملأ ملكوته في الأرض، حيث لن تكون نقطة الانطلاق سوى أميركا.

بعد الصحوة الكبرى، جاءت «الصحوة الدينية الثانية»، التي ربطت نهاية الألفية وعودة المسيح بنشر الديموقراطية والحرية، أي بتوسع أميركا غرباً، إذ يقول أحد دعاتها المشهورين ليمان بيشر إن الله اختار أميركا؛ لتحرير بقية العالم أخلاقياً وسياسياً.

الآن، لو أخذنا هذا السياق كله واستنتجنا أن أميركا دولة نشأت للتسريع من نهاية الزمان، ألا يكون هذا الكلام مضحكاً؟ الجواب: بلى. الأمر نفسه مع مقالة جريم. إن كل استحضار سرديات أشراط الساعة إنما هدفه أمر واحد: التجنيد، هو وسيلة وليس غاية، والغاية هي: الدولة. هذا الخلط بين الغاية والوسيلة الذي وقع فيه جريم ناتج من -وهذا هو الجانب الثاني- مشكلة في فهم الحداثة نفسها، فالحداثة هرباً من كل ما وراء الطبيعة أنتجت إلهها الخاص:

الدولة الحديثة (يسميها هوبز-أهم منظري الدولة الأوائل هوبز- «الإله الفاني»). والحركات الإسلامية حداثية بهذا المعنى، أي أنها تسعى لتحقيق أو الوصول إلى دولة حديثة تبرر سلطتها بمبررات مستمدة من الإسلام.

الدولة الحديثة، سواء أكانت أميركا أم غيرها، لها غاية واحدة: أن تبقى، وأن تزدهر، وكل ما يمكن استخدامه من أجل تحقيق هذه الغاية، (سواء الاعتقاد بأن الكنيسة الكاثوليكية تتآمر على الأميركان، أو نشر الديموقراطية ومحاربة الإرهاب) يمكن استخدامه. و«داعش» في سعيه لتحقيق هذه الغاية، يعتمد كل ما يجده في طريقه من هذه الوسائل، بل حتى إن توظيفه لأحاديث وآيات آخر الزمان انتقائي.

مثلاً هناك حديث عن أنه لا تقوم الساعة حتى ينحسر نهر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل عليه الناس مع نهي الناس عن الأخذ منه. هذا الحديث يؤكد أن سبب الاقتتال دنيوي، ومنع الدخول فيه. من النادر أن نجد «داعش» يستحضر هذا الحديث، على رغم وروده في البخاري، والسبب بسيط: لا يحقق الغاية، التي هي التجنيد من أجل البقاء.

بمعنى آخر، وبسيط، كل ما فعله جريم هو أنه صدّق البروباغندا الداعشية، واعتبرها معبرة عن غايات حقيقية، وهذا فيه من السطحية ما في من يصدق أن إسرائيل مثلاً دولة تريد الخير والسلام، فقط لأنها تقوله في إعلامها.

* سلطان العامر كاتب سعودي 

 

  كلمات مفتاحية

جريم وود «داعش» علامات الساعة اللاعب الرئيس نهاية الزمان تسريع التاريخ ظهور المهدي عودة المسيح الإسلام

«فورين بوليسي»: كيف أصبحت ضواحي تونس مصنعا لعناصر «الدولة الإسلامية»؟

البحرية الأمريكية تدعو طواقمها إلي «توخي الحذر» بعد تهديدات «الدولة الإسلامية»

«الدولة الإسلامية» ينشر عناوين 100 جندي أمريكي ويطالب أنصاره بقتلهم

البيشمركة: 20 عسكريا سابقا بالجيش الأمريكي يقاتلون معنا ضد «الدولة الإسلامية»

مباحثات سعودية أمريكية إيطالية لبحث محاربة الأنشطة المالية لـ«الدولة الإسلامية»

الحرب على «داعش» في العراق .. قراءة في الاستراتيجيات