استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مسؤولية السلفيين المعتدلين تجاه التطرف

الخميس 26 مارس 2015 06:03 ص

ترى، هل يدرك التيار الإسلامي السلفي مسؤوليته التاريخية بشأن ما يجري في أرض العرب على يد «القاعدة» و»داعش» وأخواتهما، من الجهاديين التكفيريين الممارسين للعنف والتوحش البربري باسم دين الإسلام؟

ذلك أن قادة وأفراد تلك الجماعات البدائية خرجوا من تحت أجنحة ومدارس التطرف داخل التيار السلفي نفسه، ونبذوا بازدراء ما طرحته الأجنحة الوعظية المعتدلة في التيار من شعارات الوسطية، عبر الحقب الطويلة من تاريخ الفكر السلفي الإسلامي، واستبدلوا الوسطية بأفكار أكثر المتزمتين والمتعصبين والمتخلفين من بعض فقهاء هذا التيار. 

وإذن فمطلوب من التيار السلفي المعتدل، قبل غيره، أن يرفض بصوت ناقد عال، لاغمغمة فيه ولاغموض، الفكر الإسلامي المتخلف المتوحش اللاإنساني، الذي تتبناه تلك الجماعات التكفيرية من جهة، وتندد بصور الممارسات الشيطانية الدموية التي يشاهدها العالم يوميا بحق الأبرياء من المصلين والمتسوقين والمارة وأطفال المدارس وغير المعنيين بسخافات وبلادات وجنون ما يجري في بلاد العرب. 

نطالب بذلك لأنُ الجماعات التكفيرية تلك لن تستمع لاحتجاجات القوى السياسية القومية، فهي تعتبر القومية بدعة، ولا نداءات القوى اليسارية الليبرالية، فهي تعتبرها علمانية ملحدة، ولا لانتقادات العالم، فهي تعتبره أرض وعالم الكفر، ولا حتى لتحفظات الإخوان المسلمين، فهي تعتبرهم أهل سياسة أكثر من أهل دين. ولا يوجد مصدر قد يؤثر ويردع، إلا المصدر الذي خرجت منه تلك الجماعات، التي لازالت تعتبر بعضا من تراثه ومدارسه وفقهائه مصدر إلهام يبرر بربربيتها ودمويتها. 

لكن، وبصراحة تامة، لن يستطيع التيار السلفي السياسي المعتدل المساهمة في القيام بتلك المهمة، لدحر هذا الجنون وإنقاذ الأمة العربية من الورطة التي تعيشها، إلا إذا بدأ أولا بتطهير ساحته الفكرية مما علق بها من أقوال وأفكار وقراءات بعض فقهائه ومنظريه، التي حتى لو كانت صالحة لأزمنة أصحابها، إلا أنها ما عادت صالحة لهذا الزمن الذي نعيش. إن القضيُة المفصلية بالنسبة لهذا الموضوع هو قبول التيار السلفي الوسطي المعتدل بشجاعة وموضوعية متزنة بأن كبار أئمة وفقهاء ومنظري التيار السلفي، مثل الإمام أحمد بن حنبل والفقهاء أحمد بن تيميُة وابن القيم الجوزي ومحمد بن عبدالوهاب وغيرهم، هم من البشر القابلين، كما أكد الإمامين أبوحنيفة والشافعي على سبيل المثال، للصواب والخطأ والشطط. 

لقد اجتهدوا بصدق وإخلاص من أجل ظروف أزمنتهم وحاجات مجتمعاتهم آنذاك، لكن بعضاَ من تلك الاجتهادات ما عادت صالحة لأزمنتنا وحاجاتنا. 

إن قول أحدهم بجواز قيام الأنظمة السياسية على أساس القوة والغلبة والقهر، أو قول آخر « بأن من غلبهم صار خليفة وسمي أمير المؤمنين» يضادد ويتناقض كليا مع تطلعات ملايين العرب، الذين خرجوا إلى الساحات مطالبين بالديمقراطية وتبادل السلطة سلميا عن طريق الانتخابات. 

والأمر نفسه ينطبق على ضرورة مراجعة فقه طاعة ولي الأمر، وتحريم الخروج على الحاكم، حتى لو كان ظالما، وموضوع إلزامية أو عدم إلزامية الشورى، وفقه الفرقة الناجية واستئصال أو تكفير الآخرين، وموضوع الصفات التي يجب أن تتوفر في ولي المسلمين، كالتركيز على صفتي القوة والأمانة وتهميش صفات العدالة والعلم والكفاءة ورضا الأمة، وموضوع وزن وأهمية وضرورة الرأي «بجانب النص، وموضوع تاريخية آيات السيف والجهاد التي نزلت لحماية الدين الوليد، ويريدها البعض طريقاَ مفتوحا للدخول في صراع أبدي مع غير المسلمين، وغير ذلك من القضايا الفقهية والسياسية التي تحتاج إلى قراءات جديدة تنسجم وتتناغم مع العدالة الإلهية ومقاصد الإسلام الكبرى وتطورات مجتمعات العرب الحديثة. 

والواقع أن تلك المراجعة المطلوبة للخروج من تجمد السلفية في أطر فقهية عفى عليها الزمن وأصبحت بحاجة للتمحيص والنقد والتجاوز لن تكون بدعة جديدة. فقد سبقتها منذ القرن التاسع عشر محاولات السلفيين الإصلاحيين من أمثال محمد عبده ومحمد رشيد رضا وعبدالرحمن الكواكبي، ومحاولات بناء مدارس فقهية أعطت وزنا كبيرا للبرهان والعقلانية وللإصلاحات الاجتماعية ولمقارعة الاستعمار وللاقتداء بالكثير من منجزات الحضارات والثقافات العالمية، وذلك من مثل المدرسة السنوسية والمدارس السلفية الوطنية الإصلاحية في مختلف بلدان المغرب العربي.

لسنا هنا معنيين بتأييد أو نقد أو معارضة هذا الفكر السلفي أو ذاك، أو المفاضلة بين هذه الحركة السلفية أو تلك. إنما نحن بصدد تذكير التيار السلفي، وعلى الأخص الحركي السياسي المعتدل منه، بمسؤوليته الجزئية، الفكرية والخطابية والتنظيمية، عما يحدث من بلاء في أرض العرب. 

من هنا لا يجوز للسلفيين أن يجلسوا على قارعة الطريق ويرددوا… لا حول ولا قوة إلا بالله»، أو يعارضوا هذا الجزء مما ترتكبه «القاعدة» وأولادها من حماقات ويباركوا ذاك الجزء الآخر. 

المطلوب خروج السلفيين المعتدلين من التشرذم والانقسامات وتكوين صوت واحد ضد جنون وبربرية «القاعدة» و«داعش» واخواتهما، ونقدهم بصوت مسموع، ومحاصرة وفضح فكرهم المتخلُف العنفي، ووضع اليد في يد الآخرين لإخراج أمة العرب ودين الإسلام من محنة تاريخية كارثية تهدد وجود هذه الأمة ومستقبل هذا الدين. 

 

٭ د. علي محمد فخرو مفكر بحريني ووزير سابق. 

 

  كلمات مفتاحية

السلفية القاعدة داعش العنف الإسلام

العاهل المغربي يعلن إنشاء «مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة» لمحاربة التطرف

إعادة فهم الفكر السفلي

«نيويورك تايمز»: عاقبة الدعوة إلى «إسلام أكثر تحررا» في السعودية

تصاعد الاغتيالات بين رموز التيار السلفي يجدد الشكوك حول أجندة الإمارات في جنوب اليمن