"بوليسي دايجيست": قطر اللاعب الرئيسي في غزة رغم الأزمة الخليجية

الثلاثاء 4 سبتمبر 2018 09:09 ص

بعد أن استطاعت قطر التكيف مع نزاعها المرير الطويل مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، أصبحت الدوحة لاعبا رئيسيا في الجهود الرامية إلى منع الأمور من الاشتعال بين (إسرائيل) وحماس التي تسيطر على غزة.

وينافس الدور المتزايد لقطر الجهود السعودية والإماراتية لتشكيل السياسة الفلسطينية وفق قالبها الخاص. ويؤكد هذا الدور على فشل الجهود التي بذلتها الدولتان الخليجيتان منذ 15 شهرا لإجبار قطر على الرضوخ لإرادتهما، بفرض مقاطعة دبلوماسية واقتصادية على الدولة الخليجية الأصغر.

ويكتسب الدور القطري أهمية إضافية في أعقاب إلغاء إدارة "ترامب" لتمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين، (الأونروا)، والجهود الأمريكية الإسرائيلية لإنهاء تفويض هيئة الأمم المتحدة وإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، في محاولة لتقييد الحقوق الفلسطينية.

ومن المرجح أن يكون الدور القطري أيضا اختبارا رئيسيا لاستعداد دول الخليج لدعم السياسة الأمريكية الإسرائيلية في ظل إدارة "ترامب"، التي تؤكد أن قطر والسعودية، ودولا أخرى في الشرق الأوسط وأوروبا، لن يُسمح لها بتمويل "الأونروا" إلا في الوقت المناسب.

وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن إدارة "ترامب" تصر على أن الممولين سيضطرون في نهاية المطاف إلى مواءمة هدف الولايات المتحدة بإغلاق الوكالة، وإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني.

وتستبعد عملية إعادة التعريف الجديدة أحفاد الفلسطينيين الذين نزحوا أصلا عام 1948، وتقلل عدد اللاجئين المعترف بهم من ٥ ملايين إلى ما يقدر بنحو ٥٠٠ ألف، ما من شأنه أن يقوض الإصرار الفلسطيني المستمر منذ فترة طويلة على حق عودة لاجئي عام 1948 وأبنائهم، وهو مطلب تنظر إليه (إسرائيل) على أنه تهديد لوجودها كدولة يهودية، وتقويض لمطالبتها بالحق في الأرض.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أي دولة من الدول المتعددة التي قد تتدخل لتعويض تمويل الولايات المتحدة عازمة على قبول الشروط الأمريكية.

ولكن في إشارة محتملة إلى التغيير في ساحة اللعب، يبدو أن رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" قد تخلى عن إصراره على إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب (إسرائيل)، بقوله إنه سينظر في اقتراح أمريكي بإنشاء كونفدرالية إسرائيلية فلسطينية أردنية.

وقال "عباس" إنه قال ذلك عندما طلب منه المفاوضون الأمريكيون في الشرق الأوسط، "جاريد كوشنر"، كبير مستشاري الرئيس "دونالد "ترامب" وصهره، و"جيسون غرينبلات"، إبداء رأيه حول الكونفدرالية.

ولم يقل "عباس" متى جرى هذا التداول؛ حيث كان قد قطع جميع الاتصالات مع إدارة "ترامب" بعد أن اعترف "ترامب" في ديسمبر/كانون الأول الماضي بالقدس عاصمة لـ (إسرائيل).

ومنذ ذلك الحين، قتلت القوات الإسرائيلية 166 فلسطينيا على الأقل شاركوا في الأشهر الأخيرة في احتجاجات منتظمة على طول الحدود بين غزة و(إسرائيل)، مطالبين بحقهم في العودة.

الدور القطري

ووافقت (إسرائيل) وحماس، في يوليو/تموز الماضي، على وقف إطلاق النار، بوساطة من قطر ومصر والأمم المتحدة، لمنع هجمات حماس الصاروخية وإطلاق المحتجين للطائرات الورقية التي تحمل أجهزة حارقة باتجاه (إسرائيل)، والتي (إسرائيل) قد ردت عليها بضربات جوية عنيفة.

ومن أجل جعل وقف إطلاق النار مستداما، أصبح الدعم الاقتصادي لغزة ملحا، حيث توقف النمو بشدة بسبب الحصار الإسرائيلي المصري للقطاع، الذي استمر لأكثر من عقد من الزمان، والذي تتفاقم آثاره الآن بسبب الهجوم الأمريكي الإسرائيلي على "الأونروا".

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن وزير الدفاع الإسرائيلي "أفيغدور ليبرمان" التقى في الأشهر الأخيرة، في قبرص، بشكل منفصل، مع وزير الخارجية القطري "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني"، وسفير قطر في الأراضي الفلسطينية "محمد العمادي"؛ لمناقشة الدعم الاقتصادي لغزة.

وكانت قطر قد تفاوضت على تسليم "حماس" لإسرائيليين اثنين كانت تحتجزهم، بالإضافة إلى رفات جنديين إسرائيليين قُتلا عام 2014 في غزة.

وفي حديثه خلال المقابلات، اقترح "العمادي" أن يعتمد التمويل القطري على الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار. وقال "العمادي": "من الصعب للغاية تمويل إعادة إعمار غزة وهي على شفا حرب مدمرة أخرى". وقال إنه "ناقش وقف إطلاق النار لمدة تصل من 5 إلى 10 أعوام مع حماس".

وباستثناء التعهدات الأخيرة بدعم "الأونروا"، ركزت دول مثل تركيا والإمارات والسعودية على كسب النفوذ السياسي في فلسطين، بدلا من التركيز على التنمية الاقتصادية.

وقد ركزت السعودية والإمارات على شراء عقارات في القدس مجاورة للحرم الشريف للمسجد الأقصى، وهو ثالث أهم الأماكن المقدسة في الإسلام، بحسب "كمال الخطيب"، وهو زعيم إسلامي فلسطيني.

ومن جانبها، أرسلت تركيا الآلاف من مؤيدي حزب العدالة والتنمية، حزب "رجب طيب أردوغان"، لزيارة المدينة. وقد تم الزعم بأن نشطاء أتراك شاركوا في احتجاجات العام الماضي للدفاع عن الأقصى.

وعلاوة على ذلك، لا يتضح موقف السعودية من الجهود الأمريكية الإسرائيلية الرامية إلى تقويض "الأونروا" وإعادة تعريف القضية الفلسطينية، بسبب الاختلافات الواضحة بين موقف الملك "سلمان" وموقف ابنه ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، الذي كان صريحا في دعمه وتعاطفه مع المواقف الإسرائيلية.

وأدان الملك "سلمان" قرار الولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس. وقال في قمة عربية في الظهران في أبريل/نيسان، إنه قرر التبرع بمبلغ 150 مليون دولار لدعم الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس.

غير أن هذه الإدانة كانت مرتبطة أكثر بآراء الملك "سلمان"، لكنها لم تنعكس على سياسة المملكة.

وقال المحلل الفلسطيني "عدنان أبو عامر"، الذي يعيش في غزة: "يبدو أن الطريق وعر أمام قطر؛ حيث تواجه عقبات داخلية وخارجية قوية تعوق إدارتها للملف الفلسطيني، وتمنعها من التواصل مع بقية الأطراف الإقليمية والدولية طالما احتفظ خصومها بحق النقض".

المصدر | جيمس دورسي - إنترناشونال بوليسي دايجست

  كلمات مفتاحية

أزمة غزة الأونروا قطر حماس (إسرائيل)

3 أطنان صادرات الفراولة الغزاوية لدول الخليج