"ذا كونفرزيشن": علاقة بريطانيا بالسعودية ضررها أكبر من نفعها

الأربعاء 5 سبتمبر 2018 12:09 م

في خطاب ألقاه مؤخرا، شدد وزير الخارجية البريطاني، "جيريمي هانت"، على أن بريطانيا بحاجة إلى تعزيز دعمها لنظام دولي قائم على القواعد، قائلا إنه سيكون هناك ثمن تدفعه الدول التي لا تشارك المملكة المتحدة قيمها. 

وكان "هانت" بالطبع يشير إلى روسيا، لكنه ربما كان يلمح إلى العلاقات مع المملكة العربية السعودية أيضا، وهي دولة لها تاريخ مشابه، في الآونة الأخيرة، من انتهاك للأعراف الدولية، لكن سلوكها يتلقى لوما أقل بكثير من حكومة المملكة المتحدة.

وتقود السعودية ائتلافا من الدول يقاتل الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، منذ عام 2015.

وهناك مزاعم ذات مصداقية تفيد بأنها شنت غارات جوية على أهداف مدنية في الصراع، وهو ما توصل إليه التحقيق الذي أجرته الأمم المتحدة مؤخرا، والذي أشار إلى احتمال وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب.

ووصفت منظمات الإغاثة الإنسانية الوضع في اليمن بأنه أسوأ كارثة من صنع الإنسان في العالم.

وأدى التحالف إلى تفاقم الوضع بفرض حصار على إمدادات الإغاثة، ما يؤثر على 20.7 مليون مواطن يمني (75% من سكان البلاد) في حاجة إلى المساعدة.

وعلى الصعيد المحلي، لا تزال السعودية دولة أوتوقراطية، حيث يتم إعدام الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وقد تكون السعودية أهم حليف للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط؛ ويتعاون البلدان في مسائل الأمن ومكافحة الإرهاب منذ عقود.

وهناك حجة سمعناها مرارا وتكرارا عن التعامل مع دول ظالمة مثل السعودية، وهي أن المشاركة الدبلوماسية والعسكرية المباشرة تمكن المملكة المتحدة من تصدير قيمها، مثل احترام حقوق الإنسان الأساسية، والديمقراطية الليبرالية، إلى مثل تلك الأماكن.

وفي بداية زيارة إلى الأردن والسعودية عام 2017، قالت رئيسة وزراء المملكة المتحدة، "تيريزا ماي"، إن "الشراكة الأعمق مع هذه البلدان، وتحقيق معرفة وتفهم أكبر لبعضنا البعض، ستزيد من قدرتنا على معالجة القضايا المشتركة".

ولكن في حالة السعودية على الأقل، يبدو أنه لم يتم إحراز تقدم يذكر على هذا الصعيد.

وفي دراسة جديدة لعلاقات بريطانيا بالسعودية، وجدت أنا وزميلي في البحث أن الفوائد المفترض أنها تعود على المملكة المتحدة محدودة في أحسن الأحوال، وغير حاضرة مطلقا في أسوأ الأحوال.

الوضع المعكوس

أولا، يبدو أن السعودية هي التي تؤثر على تصرفات المملكة المتحدة، وليس العكس. ولدى حكومة بريطانيا تاريخ من التستر على مزاعم الفساد المتعلقة بصفقات الأسلحة.

وكانت إحدى الحجج التي تم تقديمها للتعاطي مع السعودية هي أن استخبارات المملكة الخليجية مهمة للغاية بالنسبة لجهود المملكة المتحدة في مكافحة الإرهاب.

ومع ذلك، فإن تفاصيل ذلك لا تكاد تكون متاحة للعامة. وفي عام 2017، قررت وزارة الداخلية حجب نشر تقرير حول تمويل الإرهاب، كان سينعكس بشكل سيء على السعودية.

ثانيا، لا يكاد يكون هناك قيمة اقتصادية للعلاقة بالنسبة للمملكة المتحدة. ومثلت السلع والخدمات التي تباع إلى المملكة العربية السعودية 1% فقط من إجمالي صادرات المملكة المتحدة في عام 2016، في حين تشير التقديرات إلى أن مبيعات الأسلحة تبلغ 30 مليون جنيه إسترليني فقط. وفي بحثنا، وجدنا أن ذلك لم يتجاوز 0.004% من إجمالي إيرادات الخزينة في عام 2016.

ثم هناك ضرر السمعة التي تأتي بسبب توفير غطاء دبلوماسي للدولة الخليجية في حربها في اليمن. وذلك رغم ما تستدعيه أجندة الحكومة البريطانية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من التشديد على ضرورة الدفاع عن النظام الدولي القائم على القواعد ودعمه، لكن التأييد الضمني لأفعال السعودية يتعارض تماما مع هذا الهدف المعلن.

وساعدت المملكة المتحدة في تصميم العديد من القوانين والمواثيق الدولية التي تسعى إلى ضمان عالم سلمي ومستقر.

لكن موقفها من السعودية يعني أن أعمالها لا تتطابق في الوقت الحالي مع كلماتها، وهذا يضع مصداقيتها في خطر.

وتعد هذه دراسة حالة فيما يحدث عندما تتعارض المصالح الاقتصادية المفترضة للبلد مع معاييرها وقيمها والتزاماتها الدولية. ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع إلى أجل غير مسمى. وفي الوقت الذي تضع فيه حكومة المملكة المتحدة خططا لدراسة الدخول في المسرح الدولي كلاعب منفرد خارج الاتحاد الأوروبي، فإنها تواجه بالفعل سلسلة من الخيارات الصعبة.

وتحتاج الحكومة إلى تقييم سياستها الخارجية بشكل حاسم، والحفاظ على قيمها الخاصة، قبل أن تطلب من الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه.

المصدر | أرميدا فان ريج - ذا كونفرزيشن

  كلمات مفتاحية

تريزا ماي العلاقات السعودية البريطانية بريكست حرب اليمن السعودية