"الأمومة الحديثة".. المرأة ما بين إثبات الذات ورعاية الأطفال

الأحد 16 سبتمبر 2018 10:09 ص

أصبح خروج المرأة للعمل أمرا طبيعيا في العقود الأخيرة، إلا أن المفاضلة بين المهنة والإنجاز الوظيفي وبين الأمومة ومتطلبات المنزل والأطفال والدور الاجتماعي النمطي للمرأة، تعتبر من القضايا التي يصعب حسمها أو الإجماع عليها، لما لها من تبعات متعددة في حال مشاركتها في ميدان العمل، أو البقاء داخل المنزل.

وتذوب السيدات في دوامة "صراع الأدوار"، لتكون أمّا وزوجة وموظفة، وتلعب أدوارا أخرى عديدة أيضا، ما يثير لديها إشكالية الصراع الداخلي النفسي للتوفيق بين كل هذه الأدوار، والذي يؤدي لحالة من "الارتباك الاجتماعي".

وبالتالي فإن ما يحدث فعليا، هو تورط المرأة في مفاضلة بين فكرة البقاء في المنزل والخروج للعمل، وهذا يبدو أكثر وضوحا عند النساء العاملات، فهي لا تشعر أنها تنتمي للمجال العام أي للعمل والوظيفة، ولا للمجال الخاص للبيت والأطفال، مما يترك آثارا نفسية على الأم التي تحاول إيجاد نوع من التوازن بين العام والخاص.

وتخرج بعض النساء إما لإثبات ذاتها في خطوة ترسل فيها رسالة ضمنية أنها قادرة على الإبداع والعطاء ووضع بصمتها، أو إشباع رغبة ما زالت تبحث عن تحقيقها كتحصيل منصب أو وظيفة ما، ونجاح مهني، أو بسبب الحاجة لزيادة الدخل، بحيث يصبح المجال العام قاسما مشتركا بين الشريكين.

وأمام كل هذه النماذج، يبقى هناك "الأطفال" الذين يبحثون عن ذكرياتهم مع الوالدين وتوطيد العلاقة معهم.

وفي مقال لها تحت عنوان “الطّموحات اللائي ظلمن الأمومة”، ترى الكاتبة والباحثة الخليجية، "إيناس الخالدي"، أن طموحات المرأة في الوصول إلى المناصب، ساهم في ظلم الأمومة، والتي وصفتها بأنها الوظيفة المقدسة.

وتقول "إيناس": "أن نكون صاحبات أثر حقيقي في المجتمع، لا مجرد أن نتزوج وننجب كأي واحدة من النساء"، مؤكدة أن "نظرتنا المعتلة للأمومة على أنها مهمة "عادية"، أو دور من الدرجة الثانية على قائمة أدوار التأثير في المجتمع".

وأكدت أن: "هذه النظرة كانت وليدة رغبتنا العميقة في تغيير مجتمعاتنا القابعة وراء العالم بسنوات، وحصل أن كان دور الأمومة من الأدوار التقليدية القليلة التي حفظها مجتمعنا للمرأة، فشملت ثورتنا على المجتمع ثورة على الأمومة أو كادت".

وأضافت: "لعلنا حين رددنا عبارتنا تلك كنا نعني أننا لا نريد أمومة تقليدية تقتصر على المهام الفطرية، من حمل وولادة وإرضاع، وتسعى إلى العناية بجسد الطفل دون الفكر والروح، ولم ندرك حينها أن حتى هذا الجانب من الأمومة ليس أمرا هينا على الإطلاق".

وأشارت إلى أنها خبرت الدراسة والعمل والتطوع والسفر، وتعلم يقينا أن شيئا منها لم يتطلب قدرالقوة والصبر الذي تتطلبه الأمومة. وقالت: "إذا كانت أربعون ساعة أسبوعية من العمل تمثل وظيفة بدوام كامل، فإن هذه الساعات تمثل بالنسبة لأي أم جزءا فقط من ساعات عملها الحثيث".

وبحسب خبراء ومختصين في الجانب الأسري، فإن على المرأة العاملة، أن تضع لنفسها خطة يومية، تحاول من خلالها معرفة كيف تدير وقتها، حتى لا يضيع دون أن تقوم بما عليها من واجبات أسرية، وإنجازات العمل.

إضافة إلى ذلك، لابد أن تسعى المرأة لكسر الروتين اليومي، حتى تجدد نفسيتها، والتجديد سينعكس بإيجابية في مهامها العملية، وداخل المنزل، فيمكنها التخطيط لعطلة ممتعة مع الزوج والأبناء للاستجمام والراحة وتوطيد العلاقة مع الأبناء، لتعويض ما فقدوه أثناء غيابها في العمل.

وبالنسبة للدور المنوط بالدول، ينبغي من قيام الحكومة والمنظمات غير الحكومية بتوفير دور الحضانة المنشأة على أسس عملية في تربية الطفل وفهم عميق لمرحلة الطفولة المبكرة لتدعيم جهود الأم في التنشئة الاجتماعية.

كما أن هناك أمرا آخر قد أصبحت تتبعه الكثير من الدول ألا وهو تعديل قوانين الخدمة العامة لتسمح للمرأة بالعمل الجزئي وخاصة خلال مرحلة الإنجاب في حياتها دون أن يؤثر ذلك على حقوقها ومكانتها في العمل وإلا يعتبر دورها الإنجابي أساسا للتمييز ضدها والقيام بجهود جادة لتوعية المجتمع بالأهمية الاجتماعية لدور الأمومة.

وجدير بالذكر أن معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة، عالميا، يبلغ 50%، ولكن وجود عدد أكبر من النساء في سوق العمل ليس كافيا، بل إن نوعية الوظائف هي الهدف الأسمى.

وبحسب إحصاءات دولية، فإن المرأة تكسب في جميع أرجاء المعمورة نحو 77% مما يكسبه الرجل، وتبقى هي المسؤولة الأولى عن الأعمال المنزلية، والمسؤوليات الأسرية.

ولأجل ذلك كله، تحتاج المرأة العاملة، لكثير من التشريعات الخاصة التي تساهم في تذليل كافة الصعوبات أمامها، والتي تراعي حالاتها الفسيولوجية، وتؤثر على سير عملها، أبرزها الحصول على الإجازات الكافية أثناء الحمل والولادة.

فضلا عن توفير الحضانات التي تدعم مشاركة المرأة العاملة، وتعزز من حضورها في المجتمع، بحيث تكون هذه البيئة بمثابة المتنفس للأمهات داخل أروقة العمل، وتجعلها مطمئنة على فلذة كبدها، والذي لا شك ينعكس على أداء واجبها في العمل بشكل أفضل، فيما لو كان طفلها في المنزل، وليس له أحد يقوم برعايته والاهتمام به.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأمومة المرأة المرأة العاملة أمومة تربية أطفال