فوق كرسي متحرك.. "بوتفليقة" يمهد لولاية خامسة بمذبحة الجنرالات

الاثنين 17 سبتمبر 2018 11:09 ص

وصلت عاصفة الإقالات التي شهدتها الجزائر إلى قيادة القوات البحرية والجوية، فقد أقال رئيس الجمهورية "عبدالعزيز بوتفليقة"، الإثنين، قائد القوات البرية اللواء "أحسن طافر"، وعين اللواء "حميد غريس" أمينا عاما جديدا لوزارة الدفاع.

كما أحال قائد القوات الجوية اللواء "عبدالقادر الوناس" إلى التقاعد، وعين مكانه اللواء "بومعزة محمد".

وأتى هذا القرار بعد أن جمدت السلطات الجزائرية أرصدة أبناء ونساء الجنرالات الممنوعين من السفر، قائد الدرك السابق اللواء "مناد نوبة"، وقادة الناحية العسكرية الأولى والثانية والرابعة، اللواء"لحبيب شنتوف"، واللواء "سعيد باي"، واللواء "عبدالرزاق شريف".

وتستحوذ سلسلة التغييرات "الثقيلة" التي أدخلها "بوتفليقة" على المؤسسة العسكرية الجزائرية، وحملة الإقالات التي تعد الأكبر في تاريخ الجزائر والتي أطاحت إلى حد الآن، بأكثر من 10 من كبار قادة وجنرالات الجيش الجزائري، على اهتمامات وتساؤلات الرأي العام الداخلي، بين من يرى أنها تصب في إطار ضخ دماء جديدة في مؤسسة الجيش لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية، وبين من يرى أنها تكشف عن صراع على السلطة بين النخبة السياسية والعسكرية، قبل 6 أشهر على استحقاق انتخابي رئاسي يلفه الغموض.

ويرى محللون ودبلوماسيون جزائرييون، أن عزل عدد من كبار القادة في الجيش، يستهدف تشديد قبضة "بوتفليقة"، وتقليص سلطة الجيش المنخرط في السياسة، وتحويله إلى هيئة أكثر مهنية.

بيد أن تخفيف قبضة الجيش الذي يهيمن على البلد المنتج للنفط منذ حرب الاستقلال بين عامي 1954 و1962 مع فرنسا، سيستغرق وقتا.

لكن النتائج الأولى، تبدو واضحة للعيان، حسب المحللين، الذين قالوا إن الإقالات التي كانت تثير في السابق عواصف من الجدل، باتت الآن "أمرا روتينيا".

وعندما انتخب "بوتفليقة"، للمرة الأولى في عام 1999، كان يُنظر إلى الجيش وأجهزة المخابرات على أنهما المسيطران الحقيقيان على السلطة.

لكن الآن، في ظل تكهنات بأنه سيذعن لدعوات من الحزب الحاكم للترشح لفترة خامسة محتملة في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى عام 2019، رغم المخاوف الصحية، فإن "بوتفليقة" يعمل على تركيز السلطة في دائرته المقربة من غير العسكريين.

مذبحة الجنرالات

وشملت الإقالات الأخيرة، أو ما عرفت باسم "مذبحة الجنرالات" عددا من كبار القادة العسكريين، بينهم قائد المنطقة العسكرية الأولى "حبيب شنتوف"، والتي تعد الأهم ضمن المناطق العسكرية الست، قياسا بتعداد الضباط والجنود ومن حيث أهمية ونوعية العتاد العسكري والسلاح الحربي.

وكانت تنحية "شنتوف"، مفاجئة للمراقبين، بالنظر إلى نفوذه في الجيش.

كما تمّت إقالة قائد المنطقة العسكرية الرابعة "شريف عبدالرزاق" والتي تدخل ضمن نطاقها مسؤولية حماية المنطقة النفطية الممتدة في الصحراء الجزائرية جنوبا، والذي يعد أحد أبرز صقور المؤسسة العسكرية.

وشملت الإقالات أيضا عددا من القيادات في المقرّ المركزي للجيش، بينهم قائد المديرية المركزية لأمن الجيش "محمد تيرش"، والمراقب العام بوزارة الدفاع "بن عتو بومدين".

وأقال "بوتفليقة" أيضا، خلال الأشهر الأخيرة، المدير العام للأمن الوطني الجزائري منذ عام 2010 "عبدالغني هامل"، وذلك ضمن تغييرات مست جهازي الدرك وجهاز الأمن العام.

وتتحدث مصادر إعلامية، أن الحملة لم تتوقف بعد، وأن "بوتفليقة"، بصدد إجراء تغييرات "جديدة ومهمة" في الجيش والمخابرات، من بينها إنهاء مهام قائد المنطقة الثالثة "سعيد شنقريحة"، وآخرين.

ووصف مراقبون هذه التغييرات، بأنها تعد "أكبر عملية تطهير في المؤسسة العسكرية"، منذ عزل مدير المخابرات العسكرية الفريق "محمد مدين" في سبتمبر/أيلول 2015.

وقبل حملة هذا العام، كان "بوتفليقة"، قد أقال في 2015، عشرات من كبار القادة في أجهزة المخابرات.

كما حل الجهاز الأمني المعروف باسم دائرة الاستعلام والأمن، واستحدث بدلا منه جهازا يحمل اسم دائرة الشؤون الأمنية يقوده اللواء المتقاعد "عثمان طرطاق"، حيث ترفع هذه الدائرة تقاريرها إلى الرئيس، وليس إلى الجيش مثلما كان الحال من قبل.

على المستوى الرسمي، فسرت السلطات الجزائرية تلك التغييرات بأنها عادية وبمثابة ضخ دماء جديدة في قيادة الجيش.

لكن أغلب التعليقات ربطتها بالانتخابات الرئاسية، في أبريل/نيسان 2019، واحتمالات ترشح بوتفليقة (81 عاما) لولاية خامسة، فيما رأى خبير سياسي أن لها 3 تفسيرات محتملة.

ودخلت الولاية الرابعة لـ"بوتفليقة"، عامها الأخير، وهي أكثر فترات حكمه جدلا؛ بسبب تعرضه، في أبريل/نيسان 2013، لجلطة دماغية أفقدته القدرة على الحركة ومخاطبة شعبه.

ولم يُظهر "بوتفليقة" أو محيطه مؤشرات حول نيته مغادرة الحكم، وسط دعوات من أنصاره، في أحزاب ومنظمات موالية، بالترشح لولاية جديدة، ودعوات من معارضين إلى مغادرة الحكم؛ بسبب وضعه الصحي الصعب.

ويتوقع الشعب الجزائري، الذي يصل عدده 40 مليون نسمة، نصفهم تحت سن 30 عاما، أن يتكرر مشهد إدلاء "بوتفليقة" بصوته في انتخابات 2014 على كرسي متحرك، لعدم قدرته على الحركة، في الانتخابات المقبلة؛ بسبب عدم اتفاق شركاء الرئيس في السلطة على بديل.

  كلمات مفتاحية

الجزائر إقالة الجنرالات بوتفليقة ولاية بوتفليقة الخامسة رئاسيات الجزائر الجيش الجزائري

بوتفليقة يجتمع بالحكومة الجزائرية لثالث مرة بـ2018.. ما السبب؟