عزل مدير المخابرات الحربية.. هل يخشى السيسي الانقلاب عليه؟

السبت 22 سبتمبر 2018 07:09 ص

حالة من الجدل أحدثتها الأنباء عن الإطاحة بمدير المخابرات الحربية المصري اللواء أركان حرب "محمد فرج الشحات"، وخاصة أنها تأتي بعد اعتقالات في صفوف ضباط بالجيش الثاني الميداني.

وبالرغم أنه جرى في السنوات الأخيرة إقالة أكثر من 120 مسؤولا من جهاز المخابرات العامة، بينهم رئيس الجهاز "خالد فوزي"، إلا أن توقيت إقالة "الشحات" -في حال تأكدت- يفتح الباب أمام الكثير من التكهنات حول حقيقة استقرار النظام الحالي.

وتدرج "الشحات" في المناصب القيادية بالقوات المسلحة المصرية، حيث تولى قيادة اللواء 12 مشاة ميكانيكي، ثم ملحقا للدفاع في المملكة العربية السعودية، فقائدا للفرقة 16 مشاة بالجيش الثاني الميداني، ثم تمت ترقيته إلى رتبة اللواء وعمل مساعدا لمدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، فرئيسا لأركان الجيش الثاني الميداني، ثم قائدا له.

وتشير الأنباء إلى تعيين قائد الجيش الثاني الميداني اللواء "خالد مجاور" مديرا جديدا للمخابرات الحربية خلفا لـ"الشحات".

اللافت للانتباه أن تلك الأنباء تم تداولها بعد اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة "السيسي" أعقبه اجتماع مماثل مع المجلس الأعلى للشرطة المصرية.  

ويرى مراقبون أن جملة الإجراءات التي اتخذها النظام المصري خلال الفترة الأخيرة ابتداء من اعتقال السفير "معصوم مرزوق"، أحد أبطال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، مرورا باعتقال نجلي الرئيس المخلوع "حسني مبارك" قبل أن يتم الإفراج عنهما لاحقا، انتهاء بالاعتقالات في صفوف ضباط بالجيش، ربما تشير إلى تخوفات لدى النظام من تحرك في غير مصلحته.

ويخشى "السيسي"، الذي فقد شعبية هائلة حصل عليها عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، من الخروج عن دائرة الحكم، ما يعني فتح أبواب المساءلة حول قضايا عديدة مثّلت انقلابات على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في مصر.

رفض أمريكي

وتأتي تلك التطورات بالتزامن مع أنباء عن رفض أمريكي لفكرة تعديل الدستور المصري بما يسمح للرئيس المصري الحالي "عبدالفتاح السيسي" بالبقاء لفترة أطول في الحكم.

فقد كشفت مصادر أن مسؤولين مصريين بارزين أعادوا مؤخرا فتح نقاش مع مسؤولين أمريكيين، بعدد من مراكز صناعة القرار بالولايات المتحدة، حول تعديل الدستور المصري لتمديد فترة ولاية "السيسي"، بحيث يُسمَح له بالترشح مرة أخرى، أو زيادة الفترة الرئاسية.

فيما أكدت المصادر أن المسؤولين المصريين تلقوا ردود فعل سلبية من الجانب الأمريكي الذي وجه تحذيرات شديدة اللهجة للنظام المصري.

وتنص المادة 140 من الدستور المصري على أن: "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة".

و"تبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمئة وعشرين يوما على الأقل، ويجب أن تُعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوما على الأقل، ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة".

ويرى مراقبون أن إطاحة "السيسي" بوزير الدفاع "صدقي صبحي" في يونيو/حزيران الماضي، أثناء التشكيل الحكومي الجديد برئاسة رئيس الوزراء "مصطفى مدبولي"، كان في إطار الصراع المكتوم والضغط المتبادل بشأن تعديل الدستور.

كما وضع "السيسي" الجيش في بؤرة اهتمامه مع تداول معلومات عن رفض (غير معلوم حجمه بالتحديد) لاستمرار "السيسي"، خصوصا بعد الممارسات التي جرت بحق القيادات العسكرية السابقة، كالفريق "أحمد شفيق"، والفريق "سامي عنان"، والفريق "مجدي حتاتة"، الذين ما زالت امتداداتهم العسكرية وولاءاتهم داخل الأجهزة تقلق "السيسي".

ومن المتوقع أن تقابل دعوات تعديل الدستور برفض داخل أركان النظام نفسه، لكن "السيسي" يبدو قادرا على تجاوزها مدعوما بالقبضة الحديدية التي يسيطر بها، حتى الآن، على كل المؤسسات.

ولكن تعديل الدستور سيجعل "السيسي" في مواجهة خيار صعب، بضرورة خضوع التعديلات الدستورية لاستفتاء شعبي، فانهيار شعبية "السيسي"، وأنين المصريين المتصاعد من القرارات الحكومية في الجانب الاقتصادي، قد يعرض "شرعيته" المشروخة بالأساس لهزة جديدة قد تطيح به.

إعادة السيناريو

ويرى مراقبون أن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والأمني داخل البلاد، يعزز حالة "عدم اليقين" بدرجة أكبر بكثير مما كانت عليه في العام 2013، عندما استولى "السيسي" على السلطة عبر انقلاب، استفاد فيه الجيش من موجة تأييد شعبي مقترنة بعدم رضى قطاعات شعبية عن نظام الرئيس "محمد مرسي".

وقد مرت الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة التي يرعاها صندوق النقد الدولي، من دون خروج مظاهرات أو احتجاجات تقريبا، حتى الآن، في مختلف أنحاء البلد، التي ترزح تحت قبضة أمنية شديدة.

ولكن ليس معروفا الحد الذي سينفد عنده صبر المصريين في حال استمرار التدهور في الوضع الاقتصادي والأمني، وهو ما قد يدفع الجيش لاستثمار أي احتجاجات واسعة في الفترة المقبلة للتخلّص من "السيسي".

وقبل أشهر، صدر تعميم عن الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، وأرسل إلى مديري القنوات والصحف الموالية للنظام، للتحذير من التعاطي مع أي بيانات عسكرية من أي جيوش ميدانية، أو مناطق عسكرية غير تلك التي تصدر من إدارة الشؤون المعنوية للجيش.

وطبقا للتعليمات الصادرة لا يتم التعامل إلا مع إدارة الشؤون المعنوية المركزية، وصفحة المتحدث العسكري فقط.

ما قام به "السيسي" من خطوات استباقية تصعيدية لعرقلة ترشح الفريقين "عنان" و"شفيق" وإزاحتهما من المشهد الانتخابي مستخدما معهما سياسة الاستبعاد الجبري، مثّل للجميع وضوحا للرؤية داخل أروقة المؤسسة العسكرية المصرية، وأحالنا جميعا إلى حقيقة واحدة حتمية مؤكدة وهي "الانقسام" داخل تلك المؤسسة.

وتشير الأنباء إلى تزايد حجم الممتعضين داخل الجيش المصري من الممارسات التي تجرى بحق التفريط في أرض مصر بسهولة منقطعة النظير من التنازل عن جزر كاملة (تيران وصنافير) ودون وجه حق للمملكة السعودية، والتنازل عن غيرها من الثروات لدول أخرى.

تحذيرات "السيسي" المتتالية من مغبة وخطورة الثورة عليه، وتلميحه، قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة إلى احتمالية أن يستدعي مؤيديه لإعطائه تفويضا شعبيا جديدا، أوحى لكثير من المراقبين أن الرجل يوجه رسالته إلى أجهزة ومؤسسات سيادية أصبحت تحمل بين جنباتها معارضين لحكمه وهو ما يخشى النظام من تطوره واستغلاله من قبل معارضين سياسيين للإطاحة به.

  كلمات مفتاحية

رفض أمريكي المخابرات الحربية انقلاب عسكري الجيش المصري السيسي