وهم ”عملية السلام“

السبت 11 أبريل 2015 06:04 ص

تنشر وسائل الإعلام الأمريكية الكثير جداً من التقارير التي تقول إن إدارة أوباما سوف تعاقب (إسرائيل) على إعادة انتخابها بنيامين نتنياهو في انتخابات تميزت بالديماغوجية والعنصرية الفجة.

حتى إن صحيفة «نيويورك تايمز» حذرت من أن الرئيس باراك أوباما يمكن أن يدعم سلسلة قرارات في الأمم المتحدة تطلب من (إسرائيل) الانسحاب إلى حدودها الضيقة عام 1967 من أجل إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. ولكن هذا مجرد كلام، إذ إن إعادة انتخاب الملك بيبي تجعل (إسرائيل) حصينة عملياً. كما أن استطلاعات الرأي تؤكد تسيد نتنياهو.

ومن سيرغم (إسرائيل) على قبول حل الدولتين؟ أوباما لم يستطع حتى منع نتنياهو من المجيء إلى واشنطن وإذلاله أمام الكونغرس. فهل سيرغم أوباما (إسرائيل) ومستوطنيها المسلحين ال 650 ألفاً على الخروج من الضفة الغربية؟

هذا لن يحدث طالما أن (إسرائيل) وأنصارها الأمريكيين يسيطرون على الكونغرس، وعلى الحزبين الجمهوري والديمقراطي - وعلى هيلاري كلينتون. وقد نقل عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل ارييل شارون قوله لأحد مساعديه عبر عن قلقه بشأن رد أمريكي سلبي: "لا تقلق بشأن الولايات المتحدة.. أنا اسيطر على الولايات المتحدة".

وأنصار (إسرائيل) يمارسون أيضاً نفوذاً على حكومة فرنسا والحزب الاشتراكي الحاكم. وسبق أن امدت فرنسا (إسرائيل) سراً بالقدرة على صنع أسلحة نووية في الخمسينات.

وفي بريطانيا، كلا الحزبين الكبيرين مدينان للمتبرعين الموالين لـ (إسرائيل) الذين يمولون حملاتهما الانتخابية. أما ألمانيا، فإنها تبقى شديدة التحفظ في سياستها الخارجية، وهي تفعل في كثير من الأحيان ما تطلبه (إسرائيل)، حتى إنها زودتها بغواصات قادرة على حمل صواريخ نووية.

وبالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فهو مؤيد لـ (إسرائيل)، ولا ينسى أبداً أن هناك مليون روسي سابق يعيشون الآن في (إسرائيل). أما الصين، فقد أظهرت حكمة في بقائها خارج الصراع العربي - الإسرائيلي.

إذاً، باستثناء الولايات المتحدة، لا تستطيع أي قوة إرغام (إسرائيل) على الخروج من الأراضي التي ضمتها.

ومعظم الإسرائيليين كانوا سعداء بنتائج الانتخابات الأخيرة، وتظهر الاستطلاعات أن نحو 75% من الإسرائيليين يعارضون إقامة دولة فلسطينية، ولا يريدون حتى العيش في جوار فلسطينيين، ومواقف هؤلاء الإسرائيليين تنحو نحو اليمين حتى أكثر من البيض في جنوب إفريقيا إبان عهد نظام الفصل العنصري. أما يسار الوسط في "إسرائيل"، بقيادة يهود أوروبيين من الاشكيناز فقد بات مفتتاً. واليوم، اليهود المتوسطيون السفرديم واليهود المهاجرون من روسيا هم أصحاب القرار.

والإسرائيليون كثيراً ما يندبون ويتذمرون بشأن صعوباتهم الاقتصادية. ولكن في الواقع، معدل دخلهم بالنسبة للفرد الواحد، المدعوم بمساعدة أمريكية سنوية تزيد على 3 مليارات دولار، أعلى من دخل الإيطاليين، ويقترب من مستوى أوروبا الغربية، وبالنسبة لجيش (إسرائيل) وصناعاتها المتطورة تكنولوجياً، فهي الآن في مصاف الدول الأكثر تقدماً في العالم.

والقوة العسكرية "الإسرائيلية" متفوقة في الشرق الأوسط، و(إسرائيل) منيعة بامتلاكها أكثر من 200 سلاح نووي - والمرء يتساءل لماذا كل هذه الأسلحة؟

إذا، من الذي سيدفع (إسرائيل) لكي تعود إلى حدود 1967؟

بالنسبة للفلسطينيين، من الواضح أنهم لا يغذون الكثير من الآمال، وقد تبددت حتى فرص إقامة دولة «بانتوستانات» (معازل) ضعيفة في الضفة الغربية. وقد أعلن نتنياهو في المرحلة الختامية من حملته الانتخابية أنه لن تقام دولة فلسطينية، وهو سيواصل طبعاً التحدث مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول هذه المسألة المستهلكة، ويقدم تنازلات تكتيكية صغيرة حتى يتيح لحلفائه الغربيين أن يستمروا في الادعاء بأن تمثيلية مفاوضات السلام لا تزال حية. ولكن هذه المفاوضات لم تعد حية منذ عقد من الزمن، ومع ذلك، تواصل القوى الغربية هذه اللعبة المخادعة بينما (إسرائيل) تواصل باندفاع لا يلين ضم الأراضي المحتلة.

المحصلة: (إسرائيل) والملك بيبي يمسكان الآن بكل الأوراق الرابحة. 

  كلمات مفتاحية

إسرائيل نتنياهو أوباما أمريكا عملية السلام فلسطين حل الدولتين حدود 1967

مع تراجع قصف اليمن .. السعودية قد تواجه صعوبة في لعب دور «صانعة السلام»

«نتنياهو»: مبادرة السلام العربية لم تعد تتلاءم مع تطورات المنطقة