استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حقيقة مرة من مصر

الخميس 1 نوفمبر 2018 03:11 ص

الصحافة كما يبدو هي المهنة الحرة الأكثر خطرًا، ويدل على ذلك عشرات الصحافيين الذين قتلوا في الحروب في سوريا والعراق، والصحافيون المطاردون والمسجونون في تركيا وسوريا ودول أخرى ـ والصحافي السعودي جمال خاشقجي.

مصر عضو محترم في نادي قمع وسائل الإعلام، ولكن يتبين أن اليد الطويلة لا تتجاوز أيضًا باحثين وأكاديميين يتجرأون على انتقاد النظام.

الحالة الأخيرة هي حالة عبد الخالق فاروق، وهو اقتصادي عمل في السابق في وزارة المالية في مصر وفي مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ«الأهرام» كمحلل.

اعتقلت السلطات فاروق هذا الشهر بتهمة «نشر معلومات كاذبة من شأنها المس بالسلامة والأمن العام وزرع الخوف بين المواطنين، وبسبب نشر تصريحات وتقارير كاذبة».

الأمر يتعلق باتهامات خطيرة، التي إذا أدين بها فمن المتوقع أن يواجه فاروق سنوات سجن طويلة وغرامات كبيرة. جريمته الفظيعة هي نشر كتاب بعنوان «هل مصر دولة فقيرة حقًا؟».

الكتاب صدر عن دار النشر «دار السلام» التي تم اعتقال صاحبها أيضًا بنفس التهمة. قوات الأمن صادرت 200 نسخة مطبوعة.

ولكن الكتاب شق طريقه على صيغة «بي.دي.اف» ويقرأه الآن الكثيرون في مصر وخارجها. حسب أقوال محامي فاروق، علي عطية: «النظام يتهم موكله بالاستهزاء من مؤسسات الدولة نظرًا للطريقة التي يديرون بها القوى البشرية في مصر». يبدو أن أحد الادعاءات التي أغضبت النظام تتعلق بسيطرة الجيش على الاقتصاد المصري.

أعد الكتاب كي يشكل ردًا ملموسًا على ادعاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أعلن في كانون الثاني 2017 «إننا دولة فقيرة، فقيرة جدًا… أيضًا أنا فقير، من أين سأعطيكم؟».

فاروق يقتبس من إعلانات الإعلام الرسمي بيانات تشير إلى أن مصر لا تعاني من نقص الأموال، بل من تقسيم غير عادل للثروة. هكذا مثلاكتب في 2016 أنه بيع في مصر حوالي 200 ألف سيارة، وحسب الحسابات، فقد اشترى المصريون سيارات في هذه السنة بمبلغ 30 مليار جنيه مصري.

مثال آخر يعرضه يبين أنه وخلال الأعوام 1980 ـ 2011 اشترى المصريون منازل بنحو 180 مليار دولار. مجموع العقارات التي يملكها المواطنون المصريون في الخارج يصل حسب قوله إلى حوالي 250 مليار دولار.

عندما دعا السيسي المواطنين لشراء أسهم في مشروع توسيع قناة السويس في 2014، خلال أسبوعين، تم جمع تبرعات بمبلغ 64 مليار جنيه مصري، جزء من البيانات سبق ونشرت في وسائل الإعلام المصرية في حينه، ولكن تقدير قيمة العقارات الموجودة لدى المصريين وحجم الإيداعات في البنوك الأجنبية هي نتائج تستند إلى معطيات رجل الاقتصاد.

سأل فاروق إلى أين وجهت كل هذه الأموال التي كسبتها الدولة. مثلاً من أين ستأتي الأموال لإقامة العاصمة الإدارية الجديدة التي تكلفتها حوالي 45 مليار دولار. ومن سيربح من إقامتها. حسب أقوال الرئيس سيتم إنشاء شركة تتحمل مسؤولية تخطيط وبناء العاصمة الجديدة، وأرباحها سيتم تقاسمها بين الجيش وخزينة الدولة.

ميزانية الجيش الذي يشارك تقريبًا في كل مشروع كبير في الدولة غير خاضعة لرقابة البرلمان، ولا يمكن معرفة نصيبه من المداخيل في هذه المشاريع. بناء على ذلك، قال فاروق، عندما لا يمكن معرفة ماذا يحدث مع الأموال فلا توجد إمكانية لتوجيه مداخيل الدولة بصورة يستفيد منها المواطنون.

في الأسبوع الماضي، نشر في موقع «مدى مصر» ـ وهو من المواقع النادرة التي ما زالت تنشر حول الفساد والخلل في الدولة ـ بحث طويل وشامل عن صفقة الغاز بين إسرائيل ومصر.

وحسب التحقيق الموثق، وجد أن المخابرات المصرية شاركت بشكل عميق في الصفقة بواسطة شركات وهمية مسجلة في جزر ڤيرجن أيلاندز وهولندا، التي هي شريكة مع الشركة التي وقعت على صفقة الغاز مع الشركات الإسرائيلية.

يعالج فاروق في كتابه أيضًا صفقة الغاز التي وقعت بين إسرائيل ومصر في عهد مبارك، وضمن أمور أخرى هو يشير إلى أن رئيس المخابرات المصرية المتوفى، عمر سليمان، أرسل في عام 2000 رسالة رسمية لوزير النفط سامح فهمي أبلغه فيها أن المخابرات المصرية تصادق على صفقة الغاز مع إسرائيل.

وحسب أقوال فاروق: «في حينه قيل إن سليمان تلقى عمولة بمبلغ 11 مليون دولار من الإسرائيليين».

فاروق الذي كتب 20 كتابًا تقريبًا، الكثير منها يتناول الرشوة والإدارة الفاشلة في مصر، تطرق بتوسع إلى الأملاك الخفية للرئيس مبارك، والطريقة التي سرق بها وزراء وموظفون كبار من خزينة الدولة.

وضمن أمور أخرى، قال إن راتب وزير الداخلية كان في عام 2013، 3750 جنيهًا مصريًا، حسب القانون الجديد. ولكن إضافة إلى الراتب الأساسي حظي الوزير أيضًا بـ 26 علاوة خاصة جلبت له 124 ألف جنيه مصري شهريا.

صندوق الدود الذي كشفه فاروق في كتابه الأخير لا يعتبر مفاجأة كبيرة. الرشوة والفجوات الكبيرة بين الأثرياء والفقراء في مصر يشعر بها كل بيت. جزء كبير من الكتاب يتناول بشكل عام عهد مبارك.

لكن نظام السيسي عليه أن يوضح أيضًا للباحثين الأكاديميين أين يتم فيه شد الحدود المسموح بها. فمن يريد كشف الفساد، وينوي انتقاد الإدارة في عهد السيسي، ومن هو غير راض من قوة الجيش الاقتصادية، يجب عليه تحضير حقيبة صغيرة من أجل الذهاب إلى السجن.

* د. تسفي برئيل مستشرق وكاتب (إسرائيلي).

المصدر | هآرتس العبرية - ترجمة المصدر السياسي

  كلمات مفتاحية

مصر نظام السيسي عبد الخالق فاروق اعتقالات قمع فساد إسرائيل صفقة الغاز عمر سليمان محمد كوثراني