من هو الريسوني الرئيس الجديد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟

الأربعاء 7 نوفمبر 2018 03:11 ص

محرر قضائي، ومدرس شريعة، وأستاذ لعلم أصول الفقه، وداعية، ومفكر، وإعلامي، وكاتب.. هذه بعض من المهام التي مارسها الداعية المغربي "أحمد الريسوني"، وأهلته لرئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، خلفا للدكتور "يوسف القرضاوي".

هذا الاختيار، الذي جاء بإجماع 93.4%‎ من أصوات الجمعية العمومية للاتحاد، جاءت بمثابة تتويج لعالم، له بصمات واضحة بالمجالات الدينية والفكرية والسياسية.

"أحمد عبدالسلام الريسوني"، المولود عام 1953 بقرية أولاد سلطان بإقليم العرائش (شمال المغرب)، معروف بتميزه بجرأة علمية ومؤهلات معرفية ترتكز على مبدأ الاجتهاد، ودفاعه عن منهج الوسطية وقول كلمة "الحق دون مواربة".

وهو أيضا من العلماء المعروفين باجتهاداتهم التي تقدم إجابات عصرية عن تحديات الواقع، ويلقبه البعض بـ"شيخ المقاصد"، و"إمام الفقه المقاصدي المعاصر"، و"الفقيه المعارض".

حياته العلمية

تلقى "الريسوني" تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينة القصر الكبير، وحصل فيها على شهادة البكالوريا في الآداب العصرية.

التحق لسنة واحدة بكل من كلية الحقوق (شعبة العلوم القانونية)، ثم لسنة أخرى بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (شعبة الفلسفة)، ثم انتقل لكلية الشريعة بجامعة القرويين بفاس، وحصل منها على الإجازة العليا سنة 1978.

أتم دراساته العليا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة محمد الخامس) بالرباط.

حصل "الريسوني" على شهادة الدراسات الجامعية العليا سنة 1986، ودبلوم الدراسات العليا (ماجستير) في مقاصد الشريعة سنة 1989، ثم دكتوراة الدولة في أصول الفقه سنة 1992.

بدأ "الريسوني" حياته العملية، محررا قضائيا بوزارة العدل (1973-1978)، ثم رئيسا للقسم الإداري بالمحكمة الابتدائية بمدينة سوق أربعاء الغرب (1967-1977)، فأستاذا بالتعليم الثانوي الأصيل بثانوية الإمام مالك بمدينة مكناس (1978-1984).

كما شغل منصب أستاذ علم أصول الفقه ومقاصد الشريعة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، في جامعة محمد الخامس، وبدار الحديث الحسنية بالرباط (1986- 2006)، وخبير أول لدى مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، منذ 2006 (مشروع معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية).

شغل منصب نائب مدير مشروع معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية إلى نهايته سنة 2012، وأستاذ زائر بجامعة زايد بالإمارات العربية، وبجامعة حمد بن خليفة بقطر.

يتقلد منصب مدير مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط، منذ أواخر 2012.

أشرف في الجامعة على ما يزيد عن 100 أطروحة دكتوراه ورسالة ماجستير في مختلف الجامعات المغربية، وكذلك على العديد من الدورات العلمية المنهجية للباحثين في العلوم الشرعية.

مهام دعوية

و"الريسوني" مؤسس وأول أمين عام لجمعية خريجي الدراسات الإسلامية العليا بالمغرب، وعضو برابطة علماء المغرب سابقا، ومؤسس وأول رئيس للجمعية الإسلامية بالمغرب.

كما شغل منصب رئيس رابطة المستقبل الإسلامي بالمغرب (1994−1996)، ورئيس حركة التوحيد والإصلاح بالمغرب (1996−2003).

كما انتخب أول رئيس لرابطة علماء أهل السنة، ويعمل مستشارا أكاديميا لدى المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

لـ"الريسوني"، تجربة معتبرة في ميدان الصحافة، إذ تولى منصب المدير المسؤول لصحيفة "التجديد" (مغربية)، بين 2000 و2004، وأشرف على تحولها من أسبوعية إلى يومية.

كما كان عضوا في هيئة التحرير بمجلة "إسلامية المعرفة"، وبعد ذلك، أعد وقدم عددا من البرامج والحلقات التلفزيونية.

وكان "الريسوني"، يشغل سابقا نائب رئيس الاتحاد، وهو عضو مؤسس به، كما كان عضوا بالمجلس التنفيذي للملتقى العالمي للعلماء المسلمين برابطة العالم الإسلامي.

له بحوث كثيرة منشورة في المجلات العلمية، وضمن أعمال الندوات، بالإضافة إلى مؤلفات أبرزها "نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي"، و"نظرية التقريب والتغليب وتطبيقاتها في العلوم الإسلامية"، و"من أعلام الفكر المقاصدي"، و"مدخل إلى مقاصد الشريعة"، و"مقاصد المقاصد"، و"الوقف الإسلامي.. مجالاته وأبعاده".

آراء سياسية

لـ"الريسوني" آراء واضحة وصريحة في أزمات المنطقة، ولاسيما دفاعه المستمر عن القضية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

ويدعم "الريسوني" حق الشعوب في رفع مطالب الحرية والكرامة، وهو مؤيد لثورات "الربيع العربي"، حتى أنه ألف كتابا عن "فقه الثورة".

وحين اندلعت الثورات، بداية من أواخر عام 2010، انتقد "الريسوني"، على عكس علماء كثيرين، الأنظمة الحاكمة، ودعا الحكام إلى إجراء إصلاحات سياسية حقيقية، والكف عن إيقاف فاعلية المجتمع، مما دفع البعض إلى تسميته بـ"الفقيه المعارض".

ويشير "الريسوني" إلى أن قمع الشعوب بالانقلابات والقتل، من أسباب صعود التطرف والإرهاب بالمنطقة العربية.

كما أنه أعلن رفضه لحصار قطر، "بغيا وعدوانا يجب إنكاره وتمزيقه"، وثمن الدور التركي الذي وصفه بأنه "حال دون تدهور الأزمة الخليجية".

ويؤكد دوما أن طاعة ولي الأمر الشرعي، لا تعني اتباعه في "الحق والباطل"، معتبرا الأزهر من جملة المؤسسات المُختطفة بمصر.

وقبل أشهر، طالب "الريسوني" السعودية برفع يدها عن إدارة مناسك الحج، متهما إياها بتسييس الحج بمنعها معارضين لها من أداء الركن الخامس في الإسلام، كما انتقد اعتقال الدعاة والعلماء في المملكة.

جاء ذلك، عقب هجوم حاد شنه على ما وصفه بـ"الإسلام السعودي"، الذي قال إنه دخل مرحلة "الاندحار بعد فترة من الازدهار"، كما اتهم نظام الحكم في السعودية، بتطويع الدين خدمة للحاكم.

وعند تصنيفه بقائمة الإرهاب في الإمارات عام 2014، اعتبر "الريسوني" ذلك، دليلا على انتقال جنون العظمة من الرئيس الليبي الأسبق "معمر القذافي"، إلى حكام هذا البلد الخليجي.

كما سبق وسخر من وزارتي السعادة والتسامح بالإمارات، ودعا الوزيرين إلى إطلاق سراح المعتقلين، وإعادة الجنسية الوطنية إلى الذين سحبت منهم.

آراء فقهية

وهو معروف بجرأته في تناول قضايا خلافية ومسائل يتجنب كثيرون الخوض فيها، مثل تقديس المذاهب الدينية، وعلاقة العلم بالدين والكفر بالتقدم، والحرية السياسية والثورة على الحكام؛ فضلا عن تصوراته في مسائل حساسة، مثل حكم الإفطار العلني في شهر رمضان، والغناء والموسيقى، وتجسيد الصحابة في الأعمال الدرامية والسينمائية.

يعارض "الريسوني"، تجريم ومعاقبة مرتكبي فعل الإفطار العلني خلال رمضان، إذ يعتبر أن الصيام مسألة دينية، وعبادة باطنية محضة.

ويجيز تجسيد الصحابة والخلفاء الراشدين في الأعمال السينمائية، معتبرا أن ذلك "لا يعارض النصوص الشرعية أو يخالف مقاصدها".

وعامة، يرى أن الفن مباح وضروري للحياة بل وحتمية وجودية.

والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يترأسه "الريسوني"، لأربع سنوات مقبلة، مؤسسة إسلامية شعبية، تأسس سنة 2004 بمدينة "دبلن" بأيرلندا، ويضم أعضاء من بلدان العالم الإسلامي ومن الأقليات والمجموعات الإسلامية خارجه، ويعتبر مؤسسة مستقلة عن الدول، وله شخصية قانونية وذمة مالية خاصة.

وفي عام 2011، تم نقل المقر الرئيسي للاتحاد إلى العاصمة القطرية الدوحة، بناء على قرار من المجلس التنفيذي للاتحاد، ويدير الاتحاد كلا من الجمعية العامة، ومجلس الأمناء، والمكتب التنفيذي، ورئاسة الاتحاد، والأمانة العامة.

ويهدف الاتحاد إلى أن يكون مرجعية شرعية أساسية في تنظير وترشيد المشروع الحضاري للأمة المسلمة في إطار تعايشها السلمي مع سائر البشرية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الريسوني اتحاد علماء المسلمين داعية مغربي القرضاوي