ستراتفور: لماذا تمسكت حماس وإسرائيل بالتهدئة في غزة؟

السبت 17 نوفمبر 2018 10:11 ص

أثار تصاعد العنف هذا الأسبوع حول قطاع غزة شبح توغل بري إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وبالرغم من التصعيد المكثف للعنف خلال فترة 48 ساعة، إلا أن الجانبين انسحبا من حافة الحرب، ووافقا على وقف إطلاق النار الذي أنهى إطلاق الصواريخ من جانب غزة وأوقف القصف الجوي الإسرائيلي، وتبددت المخاوف من وقوع المزيد من العمليات العسكرية. إذن لماذا أدى العنف المماثل في الماضي إلى حرب برية إسرائيلية، في حين لم يحدث هذا الآن؟

حدود الأدوار

يحدث التصعيد بين قطاع غزة و(إسرائيل) حيث تلتقي قوى متعددة على الصعيدين الخارجي والداخلي. وهناك منافسة شاملة واضحة بين (إسرائيل) وداعمي القضية الفلسطينية. ولكن هناك أيضا منافسات منفصلة للسيطرة تحدث داخل غزة و(إسرائيل). ولا يعد القادة في كلا الجانبين أحرارا بشكل كامل في اختيار الطريقة التي يستجيبون بها للأحداث الجارية، ويكون لأفعالهم عواقب قد تسفر عن هزيمة انتخابية أو انتفاضة شعبية ضد قيادتهما إذا فشلا في التصدي بشكل ملائم إلى الدور الذي أنيطوا به.

ولنأخذ تصعيد هذا الأسبوع كمثال، كانت الشرارة التي أشعلت هذه الأزمة العابرة عبارة عن تبادل إطلاق نار غير عادي في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، والذي وقع بالقرب من خان يونس في قطاع غزة. ويبدو أن مقاتلي حماس اكتشفوا عملية استخباراتية سرية إسرائيلية في غزة، مما أدى إلى مناوشة شملت غارات جوية إسرائيلية لتغطية انسحاب القوات الإسرائيلية. وقد حدث هذا في ظل المفاوضات الجارية بين مصر و(إسرائيل)، والتي تهدف إلى تحقيق الاستقرار على المدى الطويل لقطاع غزة، وتخفيف الحصار الإسرائيلي والمصري عليه.

وكانت العملية الإسرائيلية السرية تتعارض مع روح المفاوضات، ما دفع حماس للرد بإطلاق الصواريخ على جنوب (إسرائيل)، وردت (إسرائيل) عبر شن غارات جوية.

عامل المنافسة الداخلية

ولا تمثل قيادة حماس في غزة ولا الحكومة الإسرائيلية جهات فاعلة متجانسة على جانبي النزاع. ويهتم كل منهما بتحقيق أهداف سياسته عبر المفاوضات الجارية لكن لكل منهما مصلحة في الحفاظ على مكانته القيادية. ويمكن لاختيار عدم الرد أن يضعف شرعية كلا الطرفين كقادة أمام منافسيهم السياسيين. وفي الواقع، يظهر رد الفعل على وقف إطلاق النار في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" هذا الموقف بوضوح. وقد سلم وزير الدفاع "أفيغدور ليبرمان" استقالته في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، ويقول حزبه "إسرائيل بيتنا" إنه سيترك ائتلاف "نتنياهو" الحاكم، لأن الحكومة رفضت الاستمرار في عملها العسكري ضد غزة.

وبنفس الطريقة، تواجه حماس منافسة من منظمات مقاومة أخرى في قطاع غزة، مثل الجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة فتح، وغيرها. ولكل من هذه المجموعات جناحها المسلح، وتحاول أن تظهر نفسها كمدافع حقيقي عن الفلسطينيين. ولو لم تقم حماس بالرد بقوة كافية على العملية الإسرائيلية في غزة، ولأنها لم تجز الرد من هذه الجماعات الأخرى، لكانت قد واجهت انتقادا بأنها لا تقف بحق في وجه (إسرائيل)، ولكن بدلا من ذلك تتآمر معها ضد مصالح الشعب الفلسطيني.

وفي الواقع، غالبا ما تقوم هذه الفصائل المسلحة المختلفة داخل قطاع غزة بتحريك ديناميات مماثلة من أجل منع حماس من تحقيق أهدافها. ومن خلال إثارة أحداث عنيفة، سواء عن طريق إطلاق الصواريخ أو قذائف الهاون على المستوطنات الإسرائيلية بالقرب من غزة، أو عن طريق نشر عبوات ناسفة بالقرب من السياج الحدودي، فإنهم يستجلبون ردا إسرائيليا يجبر حماس إما على الرد على (إسرائيل) نفسها أو قمع المحرضين داخل غزة.

وفي معظم الأحيان، عندما يحدث هذا العنف، لا يسعى القادة الفلسطينيون والإسرائيليون إلى التورط في صراع طويل ممتد يشمل توغلات برية في غزة. وتستهلك مثل هذه العمليات كميات كبيرة من الموارد، وتنتج أضرارا جانبية كبيرة. وليس هذا عملا يريد أي طرف الولوج فيه، وهو إجراء لن ينخرط فيه أي من الطرفين إلا عندما تكون هناك أهداف عسكرية فورية يجب تحقيقها.

وعلى سبيل المثال، عندما تصاعدت الاشتباكات إلى حملات برية عامي 2012 و2014، دخلت القوات الإسرائيلية غزة بهدف واضح، وهو تدمير مخزونات الصواريخ المدفعية بعيدة المدى. وكان المسلحون الفلسطينيون قد تمكنوا من الوصول إلى صواريخ المدفعية "فجر 5"، التي صممها الإيرانيون، وعلى النقيض من الترسانة الفلسطينية الموجودة قبل ذلك، تمكنت هذه الصواريخ من الوصول إلى تل أبيب والقدس ومدينة ديمونه. وفي مواجهة هذا التهديد الكبير، ومع وجود فرصة مقبولة لإزالته من خلال التوغلات البرية، أيدت القيادة الإسرائيلية هذا التصعيد بسهولة.

وخلال هذه الجولة الأخيرة من الصراع، كما هو الحال مع العديد من عمليات تبادل إطلاق النار والهجمات الجوية المحدودة خلال العام الماضي، لم يكن هناك مثل هذا التهديد المفرط. فالحوادث الفردية، مثل القتال بالقرب من خان يونس، لا تزال تؤدي إلى دورة من التصعيد الانتقامي، ولكن كما تم إثباته هذا الأسبوع، يتم إعادة وقف إطلاق النار إذا كان المسار نحو مزيد من التصعيد في النهاية لا يتوافق مع الأهداف ذات المستوى الأعلى على كلا الجانبين. ومع تزايد الضغط على قيادة كل جانب، وإذا ظهرت تهديدات جديدة في نوبات التصعيد المستقبلية، فقد تدفع هذه الأهداف ذات المستوى الأعلى إلى مواجهة أكثر خطورة.

 

 

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

قطاع غزة المواجهة بين حماس وإسرائيل أفيغدور ليبرمان نتنياهو