اليمن: جزيرة العرب التي لم تعد سعيدة

السبت 18 أبريل 2015 12:04 م

الحرب في اليمن عبارة عن صراع على الطراز البدائي في بلد بعيد بين أفراد لا يعرف العالم عنهم شيئا. وعلى الرغم من ذلك، فإنه في بعض الأحيان تصبح الصراعات الداخلية على السلطة متداخلة ومتشابكة مع منافسات جيوسياسية أوسع بالكاد تصب في مصلحتها. وأدى التنافس والتجاذب بين الملكيين والقوميين خلال حقبة الستينيات في القرن الماضي إلى حدوث انقسام في العالم العربي. وقد تدخلت مصر على جانب الجمهوريين القوميين ضد الموالين للإمامة الزيدية المدعومة من المملكة العربية السعودية. وفي الوقت الراهن هناك انقسام عظيم بين السعودية وإيران، حيث إن كلا منهما يغذي الطائفية بين السنة والشيعة على التوالي. المملكة العربية السعودية ومصر الآن حلفاء، ويتدخلان لدعم السنة ضد الحوثيين، مليشيات تنتمي للزيدية الشيعية جاءوا من الشمال، الذين تدعمهم إيران.

مرت ثلاثة أسابيع على بدء الحملة الجوية، وعدد الضحايا المدنيين يزداد، وهناك دلائل محدودة أن التحالف الذي تقوده السعودية ينطوي على أكثر من كونه مجرد استراتيجية سياسية أو عسكرية. الاسم اللاتيني لهذه الدولة المعروفة باسم «جزيرة العرب السعيدة» بدا أنه بات محل تهكم وسخرية، حيث تقوم الآن أغنى بلد في العالم العربي بقصف أفقر بلد في العالم العربي.

وبالنسبة للولايات المتحدة، التي تدعم السعودية بمساعدات لوجستية واستخباراتية، فإن اليمن تقدم خطرين بالغين: أرض خصبة للجهاديين الذين لديهم القدرة للانتقال عبر حدود الدول (تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أخطر فروع الجماعة)، كما يعطي هذا إيران فرصة بسط نفوذها ورعاية حليف شيعي ربما يصبح على شاكلة حزب الله في لبنان. وللفوضى دور بالغ الخطورة في تفاقم كلا الخطرين.

وخاض الحوثيون صراعات متكررة مع الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس القوي السابق «علي عبد الله صالح». وتمت الإطاحة بـ«صالح» في عام 2011 إثر انتفاضة شعبية لتنتقل السلطة إلى حكومة انتقالية بقيادة «عبد ربه منصور هادي». لكن الحوثيين، المتحالفين الآن مع السيد «صالح»، سيطروا على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي ثم ساروا إلى عدن التي احتمى بها السيد «هادي» بعد أن لاذ بالفرار من قبضة الحوثيين.

ولم تكن الطائفية قوية يوما ما في اليمن، وهناك الكثير من عدم اليقين حول كيفية توفير إيران للكثير من الدعم للحوثيين. ورغم ذلك، فإن الدعم الإيراني الكلامي بات حادا وقويا. ووصف «آية الله علي خامنئي»، المرشد الأعلى في إيران، الهجمات السعودية في اليمن بالإبادة الجماعية. وفي تغريدة على حسابه الرسمي على موقع «تويتر» سخر «خامنئي» من الملك «سلمان»، خصوصًا من ابنه ووزير دفاعه الأمير «محمد» الثلاثيني، قائلًا: «الشباب عديمو الخبرة تقلدوا السلطة وتم استبدال الهدوء بالبربرية». وخلال فترة الفوضى التي عمت اليمن، سيطر تنظيم القاعدة على المكلا،الميناء اليمني، بالرغم من أنها عانت تراجعا عندما قتلت طائرة أمريكية بدون طيار أحد قادتها في 15 أبريل/نيسان.

ربما منع التدخل السعودي الحوثيين من السيطرة على عدن كلها، لكنهم لا زالوا يحققون مكاسب على الأرض. ولن تكون الضربات الجوية وحدها قادرة على هزيمتهم، وبات الخيار البري في تراجع بعد أن رفضت باكستان طلب السعودية لإرسال قوات. كما لا تبدو مصر متسرعة بإرسال جنود إلى اليمن، والتي يدعوها البعض «فيتنام مصر».

هل حان الوقت لحل سياسي؟ هناك دعوات متزايدة لوقف إطلاق نار والالتفاف حول طاولة مفاوضات. في 14 إبريل / نيسان مرر مجلس الأمن قرارًا يفرض حظر أسلحة على الحوثيين وعائلة «صالح»، كما اعترف بالدعوات السعودية لمحادثات بوساطة أممية في الرياض، وهو شرط لا يمكن للحوثي أن يقبله. وللضغط من أجل عودة «هادي»، يعتمد السعوديون على حليف غير محبوب، لأسباب ليس أقلها أنه غادر البلاد. وعين «هادي»، «خالد بحاح» نائبًا له. ويُنظر إلى رئيس الوزراء السابق «بحاح» على أنه الشخصية التوافقية الوحيدة في اليمن، وما زالت السعودية لا تملك خيارات سياسية واضحة، ما يترك المهمة المستحيلة للتجريب هي محاولة تدمير الحوثيين، والسماح لإيران بالتظاهر بأنها صانعة السلام في المنطقة.

  كلمات مفتاحية

اليمن السعودية الحوثيين عاصفة الحزم

سلام في اليمن ... سلام في السعودية

إعادة إحياء اليمن: استعادة الاستقرار في شبه الجزيرة العربية

الطريق الضيق للخروج من الحرب الأهلية أو الإقليمية في اليمن

اللعبة الطائفية في اليمن

اليمن السعيد.. والغرق في الوعيد

«ستراتفور»: اليمن لم يعد قادرا على الوجود كدولة دولة بالمعنى التقليدي

الأزمة اليمنية وانتقام التاريخ