«نيويورك تايمز»: من أين يحصل تنظيم «الدولة الإسلامية» على أسلحته؟

الثلاثاء 28 أبريل 2015 09:04 ص

في أحد صباحات نهاية شباط/ فبراير، خرج أحد الباحثين الأوروبيين الذين يعملون في كوباني، التي كانت ساحة معركة لشهور بين المقاتلين الأكراد ومسلحي «الدولة الإسلامية»، من المبنى الذي يقيم به، ورأى شيئا غير اعتيادي؛ كان أحد الأكراد في الشارع يحمل سلاحا رشاشا أسود طويلًا، ظنه الباحث رشاش M-16 الأمريكي.

العديد من رشاشات M-16، بحسب المنطق، دخلت سوريا بعد أن سيطر المسلحون على آلاف القطع منها من القوات الأمريكية العراقية المنسحبة، التي بدورها استقبلت الأسلحة، مع عربات مدرعة وقاذفات هاوتزر وأسلحة ومعدات تملأ مستودعات كاملة، من البنتاغون، بعد أن تركت القوات الأمريكية البلاد في 2011. حيازة المسلحين المفاجئة للأسلحة الأمريكية كانت جزءا من أهم عوامل تغيير المعركة في الصيف الماضي؛ مما دفع «جوليان بارنز» مراسل «وول ستريت جورنال»، أن يقدم اسما ساخرا لحملة البنتاجون المضادة للمسلحين: عملية «يا هذا! هذه سيارتي الهمفي». وفي ذلك العام، مع كل الاهتمام الذي حازته الأسلحة المأخوذة، كانت أسلحة M-16 غير معتادة في سوريا. الكميات الكبيرة غير المتوقعة استعصت على الباحثين.

حث الباحث مضيفه، ضابط الأمن المحلي، أن يسرع نحو الكردي ويسأله إذا كان يسمح بتصوير رشاشه وسؤاله عن مكانه. بعد ذلك، تفاجأ الباحث (الذي يعمل لمركز تسلح الصراع، وهو منظمة تعقب أسحلة خاصة ببريطانيا)، والذي طلب إخفاء هويته لأسباب أمنية، بأن السلاح، الذي قال مالكه إنه حصل عليه من «الدولة الإسلامية» العام الماضي لم يكن رشاش M-16؛ بل كان CQ صينيا، وهو نسخة مقلدة من الـ M-16 تشبه سابقتها، لكن لها تاريخ تجارة أسلحة مختلف تماما.

الرقم المتسلسل للسلاح كان مختفيا بالطحن، وبقعة التحديد دهنت بلون أسود. هذه الجهود لإخفاء مصدر السلاح كانت مماثلة، بحسب أبعاد الطحن، لرشاشات CQ التي وثقها مركز تسلح الصراع واستبيان الأسلحة الخفيفة، منظمة بحثية مستقلة في جنيف، عام 2013، لتلك التي امتلكها المتمردون في جنوب السودان، وترجع للقوات الأمنية السودانية. الرشاشات التي امتلكها الكردي، كذلك، كانت من نفس المصنع الصيني (المصنع 71) ونفس عام الإنتاج (2008)، كتلك التي وجدوها جنوب السودان.

كانت هذه لحظة اكتشاف. الباحث، الذي كان يبحث عن شيء وجد شيئا آخر: ووجد دليلا يقول إن «الدولة الإسلامية» حصلت على أسلحة دخلت لسوريا من شرق إفريقيا.

كانت هذه نقطة واضحة من البيانات عند الكثيرين. منذ العام الماضي، الباحثون في مركز تسلح الصراع، الذي يخطط لإصدار نتائجه الأخيرة حول أسلحة المسلحين هذا الأسبوع، كانوا يوثقون بشكل منهجي المعدات التي حيزت من قبل مسلحي «الدولة الإسلامية»، التي تبلغ أكثر من 30 ألفًا بالمجمل. بالنظر لها ككل، يقترحون ظاهرة تساهم بقوة وصلابة «الدولة الإسلامية»: التنظيم يستقبل أسلحة من روافد كثيرة، بعضها يمتد حتى الزوايا البعيدة من العالم.

هذه البيانات ستقدم بشكل عام في موقع يسمى (iTrace) يموله الاتحاد الأوروبي، بحسب ما قاله مدير مركز تسلح الصراع «جيمس بيفان»، الأسبوع الماضي. ولكن، حتى البيانات المتوفرة حتى الآن، عند جمعها مع المقابلات مع المقاتلين وتجار الأسلحة، كافية لرسم صورة حول كيفية استطاعة القوة المقاتلة غير الاعتيادية والممتدة للدولة الإسلامية أن تكون تهديدًا مستحقًا عبر جمع أسلحة كانت مقدمة للآخرين.

هذه الصورة تحمل تذكيرا كبيرا لأي شخص يعتقد أن تسليح أكثر التنظيمات المقاتلة والمسلحة ضد الدولة تعاون سيكون بلا مخاطر كبيرة. تظهر البيانات أن «الدولة الإسلامية»، مثل العديد من القوى غير النظامية قبلها، فتحت طرقا من مصادر دعم مختلفة ومتوزعة، بما في ذلك مصادر رفد تتضمن الأسلحة التي تقدمها إيران بالغالب للقوات الأمنية والعراقية، الأسلحة المستخدمة سابقا في الحروب في ليبيا وشرق إفريقيا والبلقان، والأسلحة التي كانت مقدمة لمسلحي المعارضة الذين يقاتلون «بشار الأسد» (أو حتى لقتال المسلحين أنفسهم)، لكنها بيعت، أو تم الاتجار بها، أو السيطرة عليها من متمردين لا يعتمد عليهم.

قائمة أسلحة «الدولة الإسلامية» تشبه قراءة سرد للدول المصدرة للسلاح: أعيرة نارية من روسيا والولايات المتحدة، رشاشات من بلجيكا وعدد من دول المعسكر الشرقي سابقا، صواريخ موجهة مضادة للدروع من شركة MBDA (شركة عابرة للحدود بمكاتب غربي أوروبا والولايات المتحدة). وأكثر من ذلك، بعض تواريخ تصنيع الأسلحة للمعدات في كوباني كانت حديثة بشكل ملفت للنظر. الباحثون وجدوا ذخائر أسلحة خفيفة سودانية وروسية وصينية وإيرانية مصنوعة بين 2012 و2014؛ مما يظهر أن التنظيم بعيد عن كونه معزولًا لوجستيا، بغض النظر عن القوى التي تواجهه (هذا ليس للقول بأن تنظيم الدولة حصل على كل الأسلحة التي يريدها، أو الكافية من أنواع محددة، فزيادة استخدامه للصواريخ المصنعة محليا وأجهزة التفجير الذاتية تظهر أن قادته يعملون على أسلحة بمستوى مصنوع بورشات عمل).

بينما ينمو كتالوج مركز تسلح الصراع، فإن التأثيرات تصبح اعتيادية وغير مريحة. الدول التي تسلح  الأحزاب والقوى الأمنية الحكومية الهشة والوكلاء الآخرين تهدف لأن يكونوا صانعي قرارات سياسة متماسكة. ولكن، إذا كانت الأسلحة تهاجر بحرية من قوة مشاركة بقتال أو صراع لآخر كما تشير البيانات في الشرق الأوسط، فإن الصراعات لا يمكن النظر لها بنفس الشكل. الأسلحة التي حازتها «الدولة الإسلامية» في العديد من الحالات تم تصديرها بنية جعل المنطقة أكثر أمنًا، واستخدمت بدلًا من ذلك مع المسلحين لإزالة أجزاء من الدول من الخارطة، واضعة التنظيم على رأس أكثر التنظيمات الجهادية عنفا في عصرنا الحالي.

في وقت متأخر من ذات اليوم الذي وجد به الباحث الأوروبي السلاح الإيراني الأول، وجد واحدا آخر، رقمه المتسلسل أزيل بنفس الطريقة. هل انتقلت هذه الأسلحة عبر تركيا بطائرات من السودان أو جنوب السودان، بحيث كان يفترض أن تكون موجهة للثوار ضد «الأسد»؟ إذا كان الأمر كذلك، فمتى؟

لا يقدم مركز تسلح الصراع علنا نظرية دون الأخرى (حتى إنه لا يدعي رسميا أن الرشاشات آتية من السودان؛ بل لاحظ بشكل ملفت النظر أنها متطابقة بتفاصيل تلك المسجلة هناك، سامحا للآخرين بالوصول لاستنتاجاتهم الخاصة). لكن «بيفان» وباحثيه، بينما يتحفظون عن الحكم في تفاصيل معينة، ليسوا خجلين من النقطة الأكبر التي تظهرها فسيفساء بياناتهم: الأسلحة قابلة لإعادة التوجيه لمدة طويلة. «إنها القصة التي لا تنتهي»، كما يقول الباحث.

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية ليبيا السودان سوريا إيران الأسلحة الأمريكية

«نيويورك تايمز»: مبيعات الأسلحة الأمريكية تغذي الحروب في الشرق الأوسط

300 صينيا ينضمون لـ«الدولة الإسلامية» عبر ماليزيا

رغم الضربات الجوية .. «الدولة الإسلامية» تتشبث بمواقعها على الأرض

"الدولة الاسلامية" وأخواتها .. وأسباب مفاجأتها الكبرى في الموصل

14 فصيلا مسلحا بينها البعث احتلت نينوى

المرصد السوري: «الدولة الإسلامية» أعدم أكثر من 2154 شخصا حتي الآن

تنظيم «الدولة» يشن حملة اعتقالات ضد شيوخ الصوفية في مدينة الرقة بسوريا