استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الحاجة إلى ممارسة نظرية

الجمعة 1 مايو 2015 08:05 ص

أكد حدوث ثورة عربية انطلقت في 2010ـ2011 من المحيط إلى المحيط وحدة الشعوب العربية. النتائج مختلفة بين قطر وآخر. الحرب الأهلية في كل مكان. نجحت الثورة المضادة في تحويل الثورة إلى حروب أهلية. لم يعد الأمر صراعاً بين الناس والاستبداد، بل بين الناس والناس. تتصاعد الهويات الاثنية والدينية والمذهبية. لكن الجميع (تقريباً) يدركون ان العودة إلى عنوان العروبة خير من التمسك بشعارات الإسلام السياسي الذي كان في جميع الأمكنة أداة تفتيت مجتمعي.

ما كان تجزئة سياسية للأمة العربية (وهي لم تكن موحدة قبل تجزئة ما بعد الحرب العالمية الأولى) تحول إلى تفتيت اجتماعي ربما عرض هذه الأقطار العربية ذاتها إلى التجزئة مرة ومرة أخرى. العنوان الآن هو التقسيم لكل قطر عربي، وتغيير الحدود بين الدول لتحل مكانها كيانات سياسية أصغر.

معروف عن الحكام انهم يريدون الحفاظ على السلطة ولو على حساب الدولة. حتى لو تفتت قطرهم، فإن بقاء السلطة بيدهم، ولو على جزء من الأرض هو الأولوية الأولى. قديما قيل: خسرنا جزءاً من الأرض، لكن الثورة بقيت. الآن يقولون: حتى لو تفتت المجتمع، وسيطرت جماعات مسلحة على أجزاء منه، إلا ان النظام باق. 

نعيش خيارات قاسية بين التوحد والانقسام. هو توحد شعوري وهمي يرتبط بالتطلع إلى مستقبل أفضل. والانقسام واقع مر لا نستطيع القبول به. بين وجود سياسي مستحيل وواقع مع المذابح هناك احباط كبير. تعرف الأنظمة ما تريد وهو الحفاظ على السلطة. تؤكد الشعوب على حقها في الوجود وهي ممنوعة من ذلك. الحروب الأهلية أقسى التجارب. يتخلى الناس عن كل شيء، بما في ذلك مطالبهم الأساسية في العيش بكرامة وعدالة اجتماعية لقاء الخلاص من هذا الجحيم.

يعتبر أطراف الإسلام السياسي انه مهما حصل، والذي يحدث، والذي يساهمون في تأجيج مآسيه، فإن الأمة باقية. طبعاً بالنسبة لهم، الأمة هي الإسلامية، وهذه أبعد منالاً بكثير من أية أمة عربية. يجعلون المستحيل مكان الممكن، نعيش جحيم المستحيل. نعاقب على ما نريد، وننتهي إلى ان لا نريد شيئاً إلا السلامة.

ما هو مفقود في كل ذلك هو الممارسة النظرية. ليست الثقافة (بمعنى الموروث الفكري) هي المسؤولة، بل هي السياسة. الممارسة النظرية موضوع سياسي بالدرجة الأولى.

الجمهور أراد ثورة. وعلى النخب الثقافية ان تجد الأجوبة، على الأقل ان تناقش الأسئلة التي طرحها الجمهور. لا ينتظر من الأنظمة شيئاً سوى التمسك بالسلطة، وممارسة الاستبداد، ومتابعة الطغيان. ينتظر من النخب الثقافية ان تخوض غمار الفكر من اجل وعي يتجاوز ما تعودنا عليه.

نحن أمة (عربية) لا نحتاج إلى نظرية قومية. النظريات القومية والإسلاموية حول الأمة هي من موروث مثالات الفكر الغربي الفاشية. قيم العمل، وهي تعني ان الإنسان مصدر كل قيمة وكل ثورة، تلاشت بفضل النفط وأداته الوهابية. تعممت الوهابية بفروعها من الاخوان المسلمين إلى السلفيين والدواعش والقاعدة والنصرة حتى أصبحت هي مجمل الدين.

ما كان لهذا الإسلام السياسي ان يتعمم لولا امتلاكه أداة مالية نتجت عن صدفة الطبيعة في باطن الأرض. الإشكالية موجودة عبر كل التاريخ ولدى كل الشعوب، لكنها تحولت إلى نظام «للمساعدات» بين من لا يحسنون استخدامها ويجيدون إساءة فهمها.

جوهر قضيتنا هو المحتوى الإنساني. ما نحتاجه هو مشروع إنساني، للعالم كله، بعد ان عبرت الميادين في عواصمنا عن المأساة الإنسانية بكل ابعادها. مدننا تعج بالاحتجاجات، والثورات تعم مدن العالم، حتى في البلد الأكثر تطوراً وتقدماً وديموقراطية. نشاهد ما يحدث في الولايات المتحدة.

المحتوى الإنساني للثورة العربية اختطفه منها الإسلام السياسي الذي اعتبر الوجود البشري مكرساً في سبيل قضية غيبية في خدمة خالق ليس بحاجة إليها، والذي اعتبر ان الأمة اسما آخر لإرادة غير بشرية.

يعود الحديث عن العروبة إلى الانتشار. للتذكير فقط، نقول ان العروبة ليست فكرة بل هي وجود. الانتماء للعروبة يمكن ان يزيد وينقص ولكنه لا يمكن ان يتلاشى، لأن الوجود بحاجة دائمة للتعبير عنه. لكن الحديث عن العروبة يحتاج إلى ممارسة نظرية من نوع مختلف عما تعودنا عليه.

قضايا العروبة من الأمة إلى فلسطين إلى التنمية إلى مقاومة النظام العالمي إلى الوحدة إلى التراث إلى الحداثة إلى التقليد والتأخر، إلى الاقتصاد وحسن الإنتاج ثم التوزيع،... الخ كلها قضايا تصنع ولا تورث. لكنها لا تصنع إلا بالسياسة وهذه تحتاج إلى نظرية جديدة للإنسان كله وليس للجزء العربي منه فقط.

 

  كلمات مفتاحية

الثورة الثورة المضادة الإسلام السياسي الحروب الأهلية العروبة ممارسة نظرية

العروبة المفترى عليها

الدولة العربية .. من منطق «النظام» إلى منطق «الدولة»

العروبة تعطي المنطقة هويتها .. وإسرائيل دولة «الشرق الأوسط» الوحيدة!

هل يمكن التخلص من العروبة؟

مأزق الدولة العربية ونمو مدرسة العنف

الدولة العربية: أزمات التأسيس والانتقال