"أنديرا عادت".. تصدر هذا الشعار ملصقات قام عمال حزب المؤتمر الوطني الهندي (معارض) بتعليقها في عاصمة ولاية أوتار براديش (لوكناو) بعد تسمية "بريانكا غاندي"، حفيدة رئيسة وزراء الهند السابقة "أنديرا غاندي"، كأمين عام للحزب قبل أقل من 3 أشهر على الانتخابات العامة في بلادها.

وأثار صعود "بريانكا" (47 عاما) الحزبي حالة من الجدل، إذ طالما رفضت دعوات لدخولها السياسة، على مدى سنوات مضت، كآخر رمز لسلالة عائلة "نهرو غاندي" العريقة، التي ساعدت الهند على الاستقلال منذ 71 عاما، وحكمت البلاد معظم الوقت منذ ذلك الحين.

ويرى العديد من مراقبي الشأن الهندي أن دخول سليلة "غاندي" معترك الانتخابات المقبلة من شأنه أن يعزز زخم حزب المؤتمر الوطني من جانب، ويجدد سلالة عائلة باتت "مستهلكة سياسيا" حسبما ارتأى منتقدوه سابقا.

ووفق هيكلة الحزب الجديدة، فإن حفيدة "غاندي"، التي تلقب أيضا بـ "بريانكا فادرا" بعد زواجها، باتت مسؤولة عن الجزء الشرقي من الولاية المكتظة بالسكان (200 مليون نسمة) وذات الأهمية السياسية الكبرى، إذ يمثلها عدد كبير من المشرعين في البرلمان، وغالبا ما تلعب دورا حاسما في تقرير من يشكل الحكومة الهندية، كما تضم إحدى الدوائر الانتخابية لرئيس الوزراء الحالي "ناريندرا مودي".

وكان أداء حزب المؤتمر في الانتخابات العامة لعام 2014 ضعيفا في هذه الولاية، التي كانت في يوم من الأيام معقلا له، حيث فاز بمقعدين فقط.

كاريزما استثنائية

ويعتبر الكثيرون أن "بريانكا" أكثر كاريزمية من شقيقها، رئيس حزب المؤتمر الحالي "راهول غاندي"، بحضورها اللافت ومظهرها الذي غالباً ما يتم مقارنته بجدتها المثيرة للجدل، والتي تم اغتيالها عام 1984.

ولذا علق الحساب الرسمي لحزب المؤتمر الهندي على صعود حفيدة "غاندي" السياسي بتغريدة جاء فيها: "لقد أشعلنا النار، وأصبحنا مستعدين للعودة" في إشارة إلى توقعات قيادة الحزب الإيجابية لاختيار "بريانكا" على نتائج الانتخابات العامة المقبلة.

ورغم أن "بريانكا" حشدت الدعم لصالح "المؤتمر الوطني" بشكل غير رسمي بالولاية التي تمثل موطن أجدادها، إلا أنها طالما قاومت دخول السياسة رسميا لأكثر من عقدين.

وفي مقابلة صحفية عام 2009، قالت: "بصراحة، لست متأكدة من أنني أفهم سبب ذلك، لكن من الواضح أنني لا أريد أن أكون في السياسة، أنا سعيدة للغاية بأن أعيش حياتي كما أنا، أعتقد أن هناك جوانب معينة من السياسة أنا لست ملائمة لها".

الكاتبة "ساجاريكا غوس"، مؤلفة سيرة حياة "أنديرا غاندي" والتي أجرت عدة مقابلات مع "بريانكا" سابقا، أكدت أن سليلة العائلة العريقة "تملك القدرة على جذب انتباه الناخبين في (أوتار براديش)، ولديها جاذبية خاصة بين النساء"، وفقا لما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية، مضيفة: "إنها رمز قوي للغاية، وتعيش سحر أنديرا غاندي (..) إنها ملفتة ومذهلة".

لكن "غوس" لفتت أيضا إلى أن الأشهر المقبلة ستمثل اختبارًا غير مسبوق لمهارات "بريانكا" السياسية، قائلة: "لقد تمكنت في السابق بالكاد من غمس أصابع قدمها في السياسة ثم الخروج منها والذهاب لقضاء الإجازات".

وتابعت: "لكنها الآن اتخذت قرار المخاطرة بالفعل، وسيكون عليها أن تثبت نفسها".

حزب العائلة

وفي المقابل، استغل حزب (بهاراتيا جاناتا) الحاكم في الهند دخول "بريانكا" عالم السياسية رسميا لشحذ هجومه على (المؤتمر) باعتباره حزبا للمحسوبيات ومحاباة الأقارب.

وقال رئيس الوزراء الهندي بعد إعلان تسمية "بريانكا" كأمين عام: "بالنسبة للمؤتمر، كانت العائلة (غاندي) دائما هي الحزب، على عكس بهاراتيا جاناتا، الذي يمثل الحزب فيه عائلة المنتمين له".

كما صرح المتحدث باسم الحزب الهندي الحاكم "سامبيت باترا" بأن تصعيد (بريانكا) يعني أن "حزب المؤتمر أعلن إخفاق رئيسه (راهول غاندي)، ويحتاج إلى (عكازات) من داخل العائلة".

وأضاف: "هذا الإعلان يهدف إلى تعزيز الروح المعنوية لحزب المؤتمر بعد أن تم تهميشه من تحالف أحزاب المعارضة التي تشكلت في الأسابيع الأخيرة (..) لقد اختار تحالف العائلة بعد رفضه من قبل الأحزاب الكبرى".

وفي الإطار ذاته، قد يعيد خصوم "بريانكا" السياسيين اتهام زوجها "روبرت فادرا"، بالتورط في صفقات أراضي فاسدة، وهي المزاعم التي طالما أكد عدم صحتها.

ويبدو "ناريندرا مودي"، وهو على مشارف الانتخابات العامة الهندية، ضعيفا كما كان في السلطة بعد خسارته الانتخابات في 3 ولايات في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وسط استياء واسع من اقتصاد ينمو بسرعة لكنه فشل في خلق وظائف بما يكفي طموحات الشباب.

ورغم ذلك فلا تزال شعبية "مودي" الشخصية عالية، ولا يبدو أن ثمة قائد قوي يمثل بديلا له حتى الآن، سواء من داخل حزبه أو بين خصومه، بحسب الصحيفة البريطانية.. فهل تقلب "بريانكا" طاولة انتخابات الهند المقبلة؟.