الإيكونوميست: كيف دمرت القهوة التركية الإمبراطورية العثمانية؟

الأحد 10 مارس 2019 04:03 ص

يعرفها اليونانيون والقبارصة بالقهوة اليونانية، وهي القهوة البوسنية عند البوسنيين، والأرمنية للأرمن، والعربية للعرب، والقهوة التركية للأتراك والكرواتيين والألبان والصرب.

لكن في منتصف القرن السادس عشر، كانت مجرد (kahve) أي قهوة، في ذلك الوقت كانت الإمبراطورية العثمانية تحكم هؤلاء، واحتضنت الإمبراطورية عشاق القهوة من جنوب شرقي أوروبا إلى بلاد فارس.

لكن بحلول بداية القرن التاسع عشر، بدأت الإمبراطورية في الانهيار، ولعبت القهوة دورًا غير معروف في زوالها في نهاية المطاف.

جاءت القهوة إلى تركيا في عهد السلطان "سليمان القانوني" عندما وجد الرجل الذي كلفه بحكم اليمن مشروبا منبها كان يعرف هناك باسم القهوة (qahwah)، حيث جلبه معه إلى البلاط العثماني في القسطنطينية.

قد يكون لدى kahveci usta، أو صانع القهوة، عشرات من المساعدين لمساعدته على طحن الحبوب العربية إلى مسحوق ناعم للغاية مماثل للإسبرسو الفوري، ثم يتم غليها في الأواني النحاسية المسماة بالكنك، وكانت النتيجة شرابا أسود مرا تعلوه طبقة رقيقة من الرغوة التي تتشكل عند سكبها بسرعة، ويتم تقديمها في أكواب خزفية صغيرة.

وللتغلب على مرارتها، أحضرت زوجة "سليمان"، قهوتها مع كأس من الماء وقطعة من الحلويات التركية (راحة الحلقوم أو الملبن)، وهي نفس الطريقة التي يتم تقديم القهوة بها اليوم في تركيا.

لم يكن يعتقد الجميع أن القرآن سمح للمسلمين بشرب هذا المشروب المنبّه الجديد، ورغم أن القرآن لا يذكر القهوة على وجه التحديد ، لكن رجل دين متشددا في قصر "سليمان" أصدر فتوى ضد تناولها على أساس أن تناول أي شيء محروق كان ممنوعا، لكن هذا لم يقلل من جاذبيته.

تم تأسيس أول مقهى عام، أو kahvehane، في إسطنبول عام 1555 من قبل اثنين من التجار السوريين، ثم أصبح يتم تقديم القهوة في قرابة واحد من كل 6 متاجر في المدينة، يتراوح حجمها من مقاهي الأحياء الصغيرة إلى المراكز الاجتماعية الكبيرة، وتدريجيًا، انتقلت القهوة إلى أقاصي الإمبراطورية.

وفرت المقاهي للرجال مكانًا يتجمعون فيه غير المنازل أو المساجد أو الأسواق، ما أتاح لهم مكانًا للاختلاط وتبادل المعلومات والترفيه والتعليم، أصبح المتعلمون يقرأون بصوت عال أخبار اليوم.

وعلى موائدها خطط الانكشاريون وهم كوادر النخبة في القوات العثمانية، للاحتجاج ضد السلطان، وبحث المسؤولون مكائد القصر، وتبادل التجار شائعات الحرب، واستمعت إليهم الأغلبية الأمية، في المقاهي تم التعرض لأفكار تسببت في مشاكل للدولة العثمانية.

لم يمض وقت طويل قبل أن بدأت السلطات في اعتبار المقاهي تهديدًا، وقام بعض السلاطين بوضع جواسيس في المقاهي لقياس الرأي العام.

آخرون، مثل "مراد الرابع"، وهو سلطان من أوائل القرن الثامن عشر، حاولوا إغلاقها بالكامل، لكنها كانت مربحة للغاية.

عندما بدأت الحركات القومية الغليان في جميع أنحاء الأراضي العثمانية في القرن التاسع عشر، ازدادت شعبية المقاهي، وبدأت المجموعات العرقية في المناطق الأوروبية من الإمبراطورية ذات الأغلبية المسيحية الأرثوذكسية الشرقية في التحرك من أجل الاستقلال. خطط الزعماء القوميون لتكتيكاتهم وعززوا التحالفات في المقاهي في سالونيك، وصوفيا وبلغراد، ونجحت جهودهم التي قام بتغذيتها الكافيين في تأسيس اليونان المستقلة عام 1821، وصربيا عام 1835، وبلغاريا عام 1878.. وانتهى عهد القهوة.

أضافت الدول بعد ذلك نكهات مميزة للشراب؛ اليونانيون يصنعون القهوة مع المستكة، وهو نبات صمغي. الكرواتيون يضعون بذور الكراوية. العرب يخلطونه بالهيل ويقدمونه في أكواب صغيرة بدون مقابض تسمى فناجين. حتى عندما لا يضاف إليها شيء يعتمد نوع النكهة على التحميص، فهناك الحبوب المتوسطة إلى الداكنة، وذات النكهة الترابية الطازجة، وكذلك المدخنة، وذات القوام السميك.

العواقب قد تأتي فجأة. يا أباطرة العالم، احذروا.

- ساره جيلاني (Sarah Jilani)، كاتبة في الفنون والثقافة - إسطنبول

المصدر | ساره جيلاني - الإيكونوميست

  كلمات مفتاحية

تركيا الدولة العثمانية القهوة

برسالة مصورة.. أنقرة تحيي اليوم العالمي للقهوة التركية (فيديو)