حيل إسرائيل لسرقة أراضي الفلسطينيين للمستوطنين

الثلاثاء 12 مارس 2019 02:03 ص

في نهاية المطاف نرى النتيجة نفسها، فالمزيد من الأراضي الفلسطينية تسرق وتنقل إلى اليهود لأنهم يهود (من مواليد إسرائيل أو الشتات)، لكن العقل اليهودي يخترع الحيل في التجارة، والوسائل والأساليب التي خلقتها البيروقراطية العسكرية وما زالت تخلقها للوصول إلى هذه النتيجة.

في هذا المقال يقوم "درور إتكس"، وهو باحث في سياسة الاستيطان الإسرائيلية، بتوضيح الأمور في دراسة جديدة سينشرها هذا الأسبوع، ويركز على تاريخ أوامر مصادرة الأراضي الفلسطينية، الصادرة عن أجيال من قادة الجيش في الضفة الغربية (لا يشمل ذلك الجزء الذي تم ضمها إلى القدس).

حيلة تبرر المصادرة

تم إصدار أكثر من 1150 أمر مصادرة من عام 1969 إلى الوقت الحاضر، وبعد طرح تلك التي ألغيت أو تلك التي تتداخل، اتضح أن هذه الحيلة بالذات مكنت (إسرائيل) من الاستيلاء على أكثر من 100 ألف دونم (25 ألف فدان) من الأراضي الفلسطينية، وسرقت ملايين الدونمات من الأراضي الفلسطينية بطرق أخرى، وهو ما بحثه "إيتكس" أيضا.

الغرض المعلن من هذه المصادرات هو الاحتياجات الأمنية والعسكرية، وعلى موقع الإنترنت الخاص بالمحامي العام العسكري، وهو الجهة التي تقدم المشورة للجيش في المسائل القانونية، يتم التأكيد على هذا الهدف. يقتبس "إيتكس" بإسهاب من هذا المصدر في دراسته قائلا: وفقا لقوانين الاحتلال الحربي الموضحة بالتفصيل في القانون الدولي العرفي، يحظر على قوة الاحتلال مصادرة الممتلكات الخاصة للسكان المحليين في منطقة خاضعة للاحتلال الحربي، لكن يتمتع قائد المنطقة بسلطة الاستيلاء على الأراضي الخاصة إذا كانت هناك حاجة عسكرية، إن ممارسة هذه السلطة لا تبطل حقوق ملاك الأراضي، على الرغم من منعهم مؤقتا من حيازة الأرض واستخدامها، تستخدم كلمة "مؤقتة" لأن الاحتلال يقصد به أن يكون مؤقتا، ولأن الاحتياجات العسكرية قد تتغير.

في الواقع؛ تم تخصيص حوالي 40% من المساحة التي تم الاستيلاء عليها رسميا للاحتياجات العسكرية والأمنية على مدار السنين للمستوطنات (يتم استخدام ربع المساحة الإجمالية فعليا لأغراض عسكرية ويشغل ربعها الآخر جدار الفصل)، وبدأت حكومات التحالف -التي سبقت حزب العمل- هذا التقليد. وخصصوا 6280 دونما للمستوطنات، أي 28% من حوالي 22 ألف دونم تم الاستيلاء عليها للاستخدام العسكري في تلك السنوات.

وكما هو متوقع، فإن صعود الليكود إلى السلطة قد شهد طفرة هائلة في تخصيص الأرض التي تم الاستيلاء عليها للمستوطنات، التي كانت قد صودرت أصلا للاستخدام العسكري. منذ فوز الليكود في مايو/أيار 1977 وحتى نهاية عام 1979، تم الاستيلاء على أكثر من 31 ألف دونم، حيث تم تخصيص 23 ألفا منها للمستوطنات، أي ما يقدر بـ73%.

وإذا اعتقدنا أن هذه الطريقة قد ألغيت بموجب حكم محكمة العدل العليا في قضية مستوطنة "إيلون موريه"، الذي صدر في أكتوبر/تشرين الأول 1979  وفرض قيودا على سلطة قائد عسكري إسرائيلي في الضفة الغربية في الاستيلاء على الأرض من أجل بناء المستوطنات، فقد اتضح أننا كنا مخطئين.

فلمدة 3 سنوات، استمر القادة في ظل الليكود في إصدار أوامر مصادرة لأجل الاحتياجات الأمنية التي أفادت المستوطنات، فمن بين حوالي 11 ألف دونم تم الاستيلاء عليها، تم منح 7040 دونما إلى 12 مستوطنة جديدة.

حيلة أخرى للسرقة

في أعقاب حكم المحكمة العليا بشأن "إيلون موريه"، وجدت (إسرائيل) طريقة أفضل للسرقة: إعلان الأراضي الفلسطينية أرضا للدولة (أي لليهود)، في تفسير متساهل جدا للقانون العثماني في هذا الشأن، والمواد الخام التي ضمنها الباحث "إيتكس" هي خرائط رقمية وطبقات من البيانات التي قدمتها إليه الإدارة المدنية (بشق الأنفس)، بموجب قانون حرية المعلومات.

ووفقا لهذه المعلومات، يقدر "إيتكس" أنه منذ الثمانينيات، أعلنت (إسرائيل) حوالي 750 ألف دونم كأراضي للدولة، من أصل حوالي 5.7 ملايين دونم في الضفة الغربية.

وجد الباحث أنه من بين حوالي 40 ألف دونم تم تخصيصها لـ45 مستوطنة في 73 أمرا فقط من المصادرات، يستخدم حوالي 43% فقط في المناطق المبنية والزراعة، والباقي -أي 57%- تقف فارغة.

تخيل قيام حكومة سلام إسرائيلية عام 1994 بالإعلان أنه كخطوة أولى لبناء الثقة؛ فإن أي قطعة أرض تم الاستيلاء عليها من أجل المستوطنات والتي لا يوجد عليها بناء سوف تعاد إلى أصحابها الشرعيين (المجالس المحلية الفلسطينية والمدن والأفراد الفلسطينيين).

أوامر بلا انتهاء صلاحية

وبالمناسبة، فإن 45% من جميع الأراضي الفلسطينية التي استولت عليها هذه الأوامر (بما في ذلك لأغراض عسكرية بحتة) تترك بدون استعمال، يترك لنا أن نستنتج أن الفكرة الرئيسية هي أن لا يتمكن الفلسطينيون من زراعة أراضيهم، والبناء عليها، ورعاية حيواناتهم، والمشي لمسافات طويلة والتنزه فيها.

حتى عام 1989، لم يكن لمثل هذه الأوامر تاريخ انتهاء صلاحية، ولكن فقط تاريخ يسري فيه مفعولها، وقد تم الطعن على هذا الأجل غير المسمى في عام 1989 عندما قدم "نعيم جحا"، أحد سكان بيت لحم، التماسا للمحكمة العليا ضد الاستيلاء على أرض أسرته. وافقت المحكمة على المصادرة، لكنها أمرت بأن تكون محدودة في الوقت، ومنذ ذلك الحين، تظهر الأوامر الجديدة مع تاريخ انتهاء الصلاحية، والذي يتم تمديده حسب الحاجة، أما الأوامر التي تم إصدارها من قبل عريضة "جحا" فتبقى بلا أجل مسمى.

ستظهر الدراسة بلغات العبرية والعربية والإنجليزية على الموقع الإلكتروني لمنظمة المجتمع المدني الخاصة بـ"إيتكس" والتي تأسست عام 2012، "كرم نافوت"، بعنوان: "استيلاء غير أخلاقي على الأرض".

المصدر | هآرتس

  كلمات مفتاحية

فلسطين إسرائيل مستوطن