استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

موجة جديدة من الربيع العربي.. الجزائر نموذجا

الأربعاء 13 مارس 2019 05:03 ص

عندما اجتاحت الثورات العربية العام 2011 عددا من الدول العربية تركز الكثير من ردود الحكومات العربية حول استجابات مالية أو تجميلية لا ترقى لمعالجة أسباب الثورات المتعلقة بغياب الحاكمية وشعور الناس ان صوتهم ليس ممثلا وان حكوماتهم فشلت في بلورة نظم تحاكي احتياجاتهم.

ولم ترد هذه الحكومات ان تعترف ان غياب الحاكمية هو ما ادى لهذه الثورات، فتم نسب الثورات لتدخلات خارجية في المنطقة في تجاهل سافر لفشل معظم الدول في بناء مجتمعات مزدهرة معتمدة على التعددية وسيادة القانون وتطبيقه على الجميع دون محاباة للبعض على حساب الكل.

ولما لم تنجح هذه الثورات في تحويل الاحتجاجات الى سياسات تبدأ ببناء الدولة الحداثية الديمقراطية المعتمدة على سيادة القانون والفصل بين السلطات، ورجع الناس الى منازلهم خوفا ان يحل بهم ما حل بسورية أو اليمن أو ليبيا، اعتقدت الحكومات العربية ان عامل الخوف هذا يعني انتهاء الربيع العربي.

فتسابق العديد من المسؤولين والمفكرين العرب ليحدثنا عن النتائج الكارثية للثورات، وهو تشخيص مجزوء لانه يتجاهل حقيقة دامغة هي ان الناس ما كانوا لينزلوا للشارع لولا غياب الحاكمية، وان عامل الخوف من التداعيات التي حصلت في سورية وليبيا واليمن ومصر لا ينهي المشكلة ولكنه يؤجلها فقط.

ما يعالج الازمة هو الاعتراف بفشل النظام السلطوي العربي في إقامة دول راسخة مستقرة ومزدهرة، وفشل سياسات التنفيعات والواسطة وتجاوز القانون في إقناع المواطن العربي بعدالة التمثيل وتوزيع المكتسبات، وفشل ادارة الدولة العربية بالطرق التقليدية في بلورة ثقة لدى المواطن العربي ان الدولة تعمل لمصلحته حتى في الحالات التي يكون فيها ذلك صحيحا.

هذا التشخيص هو بداية الطريق لوضع اللبنات الصحيحة لبناء دول عصرية تحترم مواطنيها وتخلق لهم البيئة المناسبة لتقدم المجتمع وازدهاره دون احتكار لصنع القرار ودون تهميش لمن تختلف معه في الرأي.

ما يحدث اليوم في الجزائر دليل صارخ ان الخوف لا يحل المشاكل، وان هناك حدا لما يمكن ان يقبل به المواطن من سياسات تستخف بعقله وتشعره ان الدولة مستعدة لفعل اي شيء، حتى لو كان مجافيا للمنطق، في سبيل ارضاء مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة.

قيل الكثير عن ان ما جرى في الجزائر في أوائل التسعينات، ومقتل مئات الآلاف من الجماعات الإرهابية والجيش حينذاك كان كفيلا بعدم انضمام الناس للموجة الأولى من الثورات العربية، فلم تتغير السياسات.

وها هي مئات الآلاف ترجع للشارع في مظاهرات سلمية يقول لسان حالها ان هناك حدا لما يمكن ان يقبل به المواطن العربي. وها هو الرئيس الجزائري يجد نفسه مجبرا للانصياع لارادة الشعب في مشهد يذكرنا بزين العابدين بن علي وحسني مبارك.

غريب أمرنا أحيانا، نكابر لتجاهل اصل المشكلة في الوطن العربي، وهو السلطوية، ومعالجة التحديات السياسية والاقتصادية عن طريق الريع وليس بناء الدولة الحديثة.

وقد استوقفتني يافطة لمتظاهر جزائري يسأل رئيس دولته عن عشرين سنة من الحكم لم يستطع خلالها أن يبني مستشفى ليتعالج فيه! نستطيع أن نلقي مئات الخطب عن الآثار الكارثية للثورات العربية، وتستطيع قوى الوضع القائم اعادة انتاج نفسها مرحليا بحلل جديدة.

لكن كل ذلك لن يمنع موجات اخرى ستكون اكثر دموية واقل اعتدالا ان لم نبدأ بالانتباه للاسباب الحقيقية التي دعت لهذه الثورات في الدرجة الأولى. هذا بيت القصيد. اما دفن الرؤوس في الرمال والاعتماد على عامل الخوف للجم الناس فلن يؤدي الا الى عواقب كارثية بامتياز.

- د. مروان المعشر، رئيس مركز كارنيغي للشرق الأوسط، وزير الخارجية الأردني الأسبق.

المصدر | الغد الأردنية

  كلمات مفتاحية

موجة جديدة “الربيع العربي” الجزائر الوطن العربي السلطوية التحديات السياسية والاقتصادية الحل الريعي بناء الدولة الحديثة