استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

رشاش أم آلة كاتبة؟

السبت 16 مارس 2019 03:03 ص

  • وجد ضالته في نصيحة أسداها له أحدهم: "بإمكانك أن تصبح أكثر نفعا بآلة كاتبة بدلا من رشاش"!

في ثلاثينات القرن العشرين، كانت الحرب في إسبانيا في ذروتها بين دعاة الجمهورية وكتائب فرانكو الفاشية. وإلى هناك لم يأت المتطوعون الأمميون من بلدان أوروبا وغيرها، وإنما أتى أيضا المثقفون والفنانون والأدباء، الذين رأوا أن الاتساق مع ذواتهم ومع الأفكار التي يؤمنون بها، يقتضي نصرتهم لمناهضي الفاشية.

بين هؤلاء، كان الأمريكي إرنست همنغواي، الكاتب والمغامر، الذي جاهر بمناصرته للجمهوريين، لكنه أتى إسبانيا لا بصفته مقاتلا، وإنما كمراسل صحفي حربي، هو الذي عرف عنه ولعه بالتغطيات الصحفية المثيرة.

لم يكن إنجاز همنغواي الوحيد في إسبانيا، تسجيله لشريط وثائقي مع جون فرينو عن فظائع الحرب وأثرها على المدنيين، وإنما استوحى من إقامته هناك موضوع روايته الشهيرة "لمن تقرع الأجراس"، التي خلد فيها ذكرى أبطال الكفاح ضد الفاشية، وأصبحت، فيما بعد، فيلما شهيرا من بطولة إنغريد بيرغمان.

ليس همنغواي هو الوحيد من أتى إسبانيا في تلك الفترة. بين الآتين كان الشاعر المكسيكي أوكثافيو باث، الذي أتاها لحضور مؤتمر لمناصرة الجمهوريين بدعوة وجهها له الشاعر التشيلي الشهير بابلو نيرودا الذي كان في حينها مقيما في باريس.

بالنسبة لمثقفي أمريكا اللاتينية بالذات كانت إسبانيا، وما زالت بالطبع، تعني الكثير. أليس جل الأدب المكتوب هناك هو باللغة الإسبانية بوصفها اللغة الأولى لشعوب القارة؟

وإذا أخذنا بعين الاعتبار المزاج اليساري المهيمن على أذهان مثقفي وأدباء القارة في تلك الفترة بالذات، وبينهم أوكثافيو باث نفسه، علينا تخيل مقدار تعاطفهم مع مناهضي الفاشية في إسبانيا، حيث ربطتهم بهم، مشاعر يمكن وصفها بالأخوية.

في طريقه لحضور المؤتمر المذكور مر باث، أولا، بباريس. فور هبوطه من القطار، سمع صوتا ينادي باسمه، ولم يكن صاحب هذا الصوت سوى بابلو نيرودا نفسه الذي لم يسبق له أن التقى معه، وقدمه إلى الشاعر الشهير لويس أراغون الذي كان برفقته.

حين وصل إلى برشلونة، التقى باث مع عدد كبير من الأسماء المهمة بينهم روفائيل إلبرتي، وأتاحت له تلك الزيارة اختبار القناعات التي أتى محملا بها من بلده المكسيك. كان يومها في العشرينات من عمره ليس إلا، وكان على أشد الإيمان بأن مستقبل البشرية في الاشتراكية التي ستظفر دون ريب.

هناك أصابه ما يصيب كل امرئ حين يجد أن الفكرة التي آمن بها، ليست مؤتمنة لدى الأشخاص الجديرين بها، فوجد ضالته في نصيحة أسداها له أحدهم: "بإمكانك أن تصبح أكثر نفعا بآلة كاتبة بدلا من رشاش".

  • د. حسن مدن - كاتب صحفي من البحرين

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الحرب الأهلية الأسبانية الفاشية أرنست همنغواي أوكتافيو باث بابلو نيرودا الاشتراكية الجمهورية الرشاش آلة كاتبة اليسار العالمي