الاتفاق بين إيران والسعودية ضروري لتسوية الحرب الأهلية في العراق وسوريا

الجمعة 18 يوليو 2014 01:07 ص

بوب دريفوس، ذي ناشين دوت كوم - ترجمة: الخليج الجديد

عادة ما يبدوا «باتريك كوكبرن»، الصحفي المخضرم ذو الخبرة في تعقيدات الشرق الأوسط، منطقيًا، غير أن أحدث مقالته خرجت عن هذا الإطار. كان عنوان تلك المقالة هو: «كيف ساعدت المملكة العربية السعودية داعش في السيطرة على شمال العراق»، وهي عبارة عن مزيج تآمري للحقائق وأنصاف الحقائق والتضليل الصريح والذي يستمد الكثير منه بصورة غريبة جدا من خطاب السير «ريتشارد ديرلوف»، الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطاني. في ذلك المقال يشير «كوكبرن» إلى أن المملكة العربية السعودية، وفي سياق تعصبها ضد الشيعة في كل مكان بالعالم، «لعبت دورا محوريا في صعود داعش في المناطق السنية من العراق». أطلقت داعش على نفسها "الخلافة" وغيرت إسمها من الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام إلى "الدولة الإسلامية"، مما يشير إلى افتراضية أنها تعتزم حكم العالم الإسلامي بأكمله.  

في هذه الحالة، على الرغم من أن تلك المقالة تستعين بمعلومات «مستبعدة من وسائل الإعلام الأمريكية»، ربما كان السبب في استبعاد أطروحة كوكبرن هو أنها خاطئة بالكلية.  

أزمة داعش في العراق، بالتوازي مع أزمتها في سوريا هي في الواقع تحدٍ وقح وخطير على الوضع الراهن في الشرق الأوسط. ولكن هناك الكثير من التهويل في رد الفعل، بما في ذلك بيان «اريك هولدر» أمس بأن تهديد داعش «أكثر إثارة للخوف من أي شيء رأيته كوزير للعدل». ليس هناك شك في أن داعش لاعب سيئ، ولكن فرصة سيطرة داعش أو حتى تهديدها بصورة جدية على بغداد أو دمشق صفر، وفي نهاية المطاف سيتم سحقها من قبل قبائل السنة والبعثيين والصحوات في العراق، في حين ستقوم بنفس المهمة قوات بشار الأسد في سوريا. وعلى الرغم مما قاله كوكبرن، يعتقد معظم المحللين أن المملكة العربية السعودية منزعجة من داعش ولا تدعمها.  

أسهل طريقة لإنهاء الحرب الأهلية في العراق وسوريا هي من خلال اتفاق بين السعودية وإيران. وعلى الرغم من أن السعودية تدعم الجانب السني في الحرب الإقليمية الواسعة بالوكالة في العراق وسوريا ولبنان والخليج وجنوب آسيا، تدعم إيران في المقابل الجانب الشيعي، ولا يتسامح الجانبان مع تنظيم القاعدة أو داعش. تشعر كل من الرياض وطهران بالقلق إزاء صعود داعش، والأرضية المشتركة لكلا البلدين هو إحداث انفراجة في المواقف ومحاولة حل الحرب الأهلية.

إذا التزمت السعودية بصراع شامل مع الشيعة، كما يشير كوكبرن وديرلوف، فعندئذ ستكون المملكة العربية السعودية في وضعيه تدعم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لأن الإخوان هي العدو اللدود للشيعة وهي مؤيدة للثورة في سوريا. لكن السعودية اختارت العمل مع الجيش المصري لسحق الإخوان. وعلى الرغم من أن السعوديين لديهم علاقات وثيقة مع الميليشيات القبلية السنية في العراق، والتي بدأت عام 2006 مع دعم المملكة للصحوات السنية، فإنها بالتأكيد لا تدعم داعش سواء في العراق أو في سوريا، حيث يدعم السعوديون قوات أقل راديكالية مناهضة للأسد.

وإذا أصبح قتال داعش الأولوية الآن، فإن السعودية سوف تخفف من دعمها للقوات المناهضة للأسد، محررة بذلك الجيش السوري للتحرك إلى شمال سوريا وشرقها، حيث التواجد القوي لداعش. (الولايات المتحدة، بدلا من دعم المتمردين "المعتدلين" في سوريا، يجب أن تفعل الشيء نفسه).

بنى كوكبرن جزءا كبيرا من تحليله على تعليق رئيس المخابرات البريطانية ديرلوف بأنه سمع يوما رئيس الاستخبارات السعودية الأمير «بندر» وهو يقول: «لقد اقترب الوقت الذي تسمع فيه في الشرق الأوسط مقولة "كان الله في عون الشيعة"، هناك ببساطة أكثر من مليار من السنة لديهم ما يكفيهم من الشيعة».

في واشنطن، ورغم تصريحات هولدر، فيبدو أن نهجا أكثر عقلانية لأزمة داعش آخذ في الظهور. بدأت تبرد استجابة الرئيس «أوباما» الأولى، والتي تضمنت تلميحات بأن الولايات المتحدة قد تقوم بغارات جوية في العراق. وفي حين أني كتبت عن احتمالية حدوث «انزلاق خطير» في العراق، من خلال إرسال الولايات المتحدة في البداية لمستشاريها إلى بغداد، ثم إرسال قوات لحماية المطار، وبعد ذلك المزيد من القوات لحماية طريق المطار، إلا أن البيت الأبيض يبدو أنه يستمع جيدا للجيش الامريكي وأجهزة الاستخبارات.

وفقا لتقرير سري سرب لصحيفة نيويورك تايمز، يقول الجيش إن القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية تُدار بشكل سيء وهي مخترقة جدا بالكثير من رجال الميليشيات الشيعية المدعومين من إيران وعيون داعش، وهو ما يعني أنه ليس هناك مجال لتدخل أكبر من الولايات المتحدة. ولا يبدو أن الجمود السياسي في العراق سوف ينكسر في وقت قريب، وهذا يعني أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تقف إلى جانب رئيس الوزراء «نوري المالكي» الشيعي الطائفي بصورة سافرة في حرب ضد السنة في العراق.

حتى الآن، العديد من السنة في العراق - الذين ينفرون بشدة من حكم المالكي الطائفي - دعموا هجوم داعش في حين ينظرون في نفس الوقت للتنظيم المتطرف شبيه طالبان بنفور شديد. في بعض أجزاء العراق، يجلس المجتمع السني بالكامل -  القبائل والبعثيون والاسلاميون السنة من مختلف الأنواع - في مجالس مثل المجالس السوفيتية الى جانب داعش، ولكن هذا لا يعني أن المجموعات التي لا تنتمي لداعش لها أي علاقة بـ معتقداتها الظلامية وتطبيقها القاس لفهمها للشريعة الإسلامية. إذا تم التوصل الى اتفاق للتخلص من المالكي، أو إذا قرر المالكي أن تضم حكومته كل الاطراف السياسية، فإن مطرقة السنة سوف تسقط فوق رأس داعش، غير أن هذا الأمر يعتمد بالأساس على الاتفاق بين السعودية وإيران. 

  كلمات مفتاحية

التحالف ضد «الدولة الإسلامية» تركيبة عجيبة وأسئلة مريبة؟

العراق تحول إلي مقبرة: 65 ألف تفجير و109 ألف قتيل خلال 6 سنوات

التايمز: لقاء سري بين السعودية وإيران في سلطنة عمان بسبب «داعش»

وزير الدفاع الإيراني: القمر «فجر» صنع بأياد إيرانية في أصعب ظروف الحظر