لم تتوقف أجسادهم الصغيرة عن الانتفاض والصعود والنزول على الأنغام الصاخبة الصادرة من مكبرات الصوت المواجهة للجنة الانتخابية المخصصة للاقتراع على الدستور؛ إنهم ليسوا ناخبين من الذين اعتادوا الرقص في مصر مع كل انتخابات أو استفتاء.. ولكنهم مجرد أطفال.

وبينما يرتدي كل منهم قميصا أبيض، رسم على صدره اسم وشعار "حزب مستقبل وطن" الداعم للتعديلات الدستورية الممدة لحكم الرئيس المصري الحالي "عبدالفتاح السيسي"، تجاهل المسؤولون السياسيون على ما يبدو أنهم خرقوا القانون بشكل صريح في سبيل الترويج للتعديلات.

وبدأ التصويت على التعديلات الدستورية المزمعة داخل مصر، السبت، ويستمر 3 أيام لينتهي الإثنين، وتهدف إلى تمديد الفترة الرئاسية من 4 إلى 6 سنوات، وتطبيق المدّ بأثر رجعي على ولاية "السيسي" الحالية لتنتهي في عام 2024 بدلاً من 2022، والسماح بترشحه مجدداً لفترة ثالثة تنتهي عام 2030.

وفي أماكن متعددة، ظهر مشهد الأطفال أمام اللجان الانتخابية، أو المسيرات الدعائية التي نظمها مسؤولون في الحزب للترويج للتعديلات الدستورية.

وفي دائرة الزمالك، (غرب القاهرة)، نظم عضو مجلس النواب (البرلمان) المصري، "محمد مسعود" (عن حزب "مستقبل وطن") مسيرة للأطفال وقد جعلهم يرتدون قمصانا موحدة، ويحملون أعلاما، ودار بهم أمام لجان الزمالك، لدعم الاستفتاء على التعديلات الدستورية.

ونشرت الصفحة الرسمية للنائب على "فيسبوك" صورا ومقاطع فيديو للأطفال الذين حشدهم النائب ودار بهم على اللجان المخصصة للاقتراع، رغم أن القانون المصري ينص على 5 سنوات سجنا عند استغلال الأطفال في الدعاية الانتخابية.

وتنص المادة 80 من الدستور المصري، على "التزام الدولة برعاية الطفل، وحمايته من جميع أشكال العنف، والإساءة، وسوء المعاملة، والاستغلال الجنسي والتجاري".

لكن تلك المادة لم تكن ماثلة على ما يبدو أمام قياداة الحزب، الذي يملك ثاني أكبر كتلة برلمانية حزبية بالبرلمان، إذ إن مسؤوليه اتفقوا مع "متعهدي الانتخابات" في العديد من المحافظات، للحصول على خدمات المئات من الأطفال بمتوسط أجر 50 جنيهاً في اليوم.

ويدير حزب "مستقبل وطن" ملف الدعاية لاستفتاء الدستور لصالح الأجهزة الأمنية من وراء ستار.

ويبدو أن الحزب لجأ لاستئجار الأطفال لانخفاض سعر "اليومية" إذن إنه استأجر أيضا آلاف الشباب والبنات، ولكن بمقابل يتراوح بين 150 و200 جنيه، للترويج للدستور في الشوارع الرئيسية، وعلى أبواب اللجان الانتخابية.

ولم يصدر "المجلس القومي للأمومة والطفولة" في مصر أي بيان بشأن الانتهاكات المتعلقة بالأطفال في استفتاء الدستور، وذلك بالمخالفة لدوره المنصوص عليه في القانون بشأن حماية الأطفال من الاستغلال السياسي.

وينصّ قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 على عقوبة الحبس لمدة 5 سنوات، والغرامة 50 ألف جنيه، في حالات استغلال الأطفال في الدعاية الانتخابية.

كما أن مصر من بين الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي تحظر جميع أشكال الاستغلال للأطفال.