حظر الإخوان.. هل يعلن ترامب الحرب على الإسلام السياسي؟

الأحد 12 مايو 2019 01:05 م

أكد البيت الأبيض الأسبوع الماضي أن إدارة "ترامب" تعمل على تصنيف "جماعة الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية أجنبية، في أعقاب زيارة الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" لواشنطن في أوائل أبريل/نيسان.

وناقشت الإدارة وأعضاء آخرون في الحزب الجمهوري في الماضي تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، لكن يبدو أن ضغوط "السيسي" وضعت الأمر في مقدمة جدول أعمال "ترامب".

وانضمت ضغوط "السيسي" إلى الضغوط المتراكمة على مدار الأشهر الماضية من قبل ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" و"محمد بن زايد" ولي عهد أبوظبي، وكلاهما تربطهما علاقات وثيقة مع صهر "ترامب" "جاريد كوشنر".

ويأتي هذا النقاش في أعقاب تصنيف البيت الأبيض لفيلق "الحرس الثوري الإيراني" كمجموعة إرهابية الشهر الماضي في سابقة لتصنيف جزء من حكومة ككيان إرهابي أجنبي.

ليس تنظميا واحدا

ونشأت جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسست عام 1928، في البداية في مصر، وسعت إلى التأكيد على الهوية الإسلامية لمصر في مواجهة الاحتلال البريطاني.

وركزت الجماعة أنشطتها المبكرة على التعليم والبرامج الاجتماعية، حتى إن لوائحها الداخلية حظرت صراحة العمل السياسي المباشر حتى عام 1934، مع افتقار أيديولوجيتها آنذاك إلى توصيات إرشادية حول كيفية الحكم.

وبدلا من ذلك، دفعت جماعة الإخوان المسلمين بشكل أساسي باتجاه أجندة الحفاظ على دور الإسلام في المجتمع والسياسة.

وفي حين أنه لا يوجد اليوم مجلس إدارة دولي للإخوان المسلمين، حيث أصبحت أفرع الجماعة محلية بشكل متزايد، إلا أن المنظمة ككل تخلت عن العنف بشكل واضح في الستينيات، حين تبرأت من اللذين اتبعوا العنف على لسان المرشد الأعلى "حسن الهضيبي".

ومنذ ذلك الوقت - ومنذ الانقسام بين أفرع الجماعى حول كيفية مواجهة الغزو العراقي للكويت - فشلت جماعة "الإخوان المسلمين" في تشكيل هيئة دولية واحدة متماسكة، وتبنت جداول أعمال محلية إلى حد كبير.

على سبيل المثال، يركز جدول أعمال جماعة الإخوان في الكويت على القوانين الانتخابية في البلاد، فضلا عن قضايا الحقوق مثل قضية البدون، وحالات التجريد من المواطنة لأسباب سياسية، وهي قضايا محلية غير عابرة للحدود، ولا تعكس توجها أيديولوجيا.

علاوة على ذلك، انتقدت الجماعات الجهادية العنيفة، مثل تنظيم القاعدة، بشكل روتيني مشاركة "الإخوان" في الحياة السياسية بدلا من محاربة النظام السياسي بالعنف، حيث كتب زعيم القاعدة "أيمن الظواهري"، أشهر منشق عن جماعة الإخوان المسلمين، انتقادا مفصلا لجماعة الإخوان المسلمين في كتابه "الحصاد المر".

حلفاء "ترامب" الاستبداديون

ومع ذلك، يواصل الرئيس "ترامب" وحلفاؤه في الشرق الأوسط الخلط بين الإخوان المسلمين والمنظمات الجهادية العنيفة. وفي الواقع، أعلنت حكومة "السيسي" في مصر جماعة الإخوان جماعة إرهابية عام 2013، بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب "محمد مرسي" المنتمي إلى الجماعة.

وحذت السعودية والإمارات حذو مصر عام 2014. والجدير بالذكر أن الإمارات، أضافت إلى نفس القائمة من المنظمات "الإرهابية" أيضا مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، ومجموعة الأبحاث الإسلامية "مؤسسة قرطبة" ومقرها المملكة المتحدة.

وليس من قبيل الصدفة أن يأمل حلفاء "ترامب" في اعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. ففي الواقع، في مصر والسعودية والإمارات، ترتبط الحركات المنبثقة من الإخوان بالجهود المبذولة للدعوة إلى الإصلاحات السياسية ما يجعلها تهديدا لزعماء تلك الدول.

لكن من المدهش، مع ذلك، أن البحرين، حليفة السعودية والإمارات في الخلاف مع قطر، لا تجرم فرع الإخوان المسلمين النشط سياسيا في البلاد، والذي كانت منظمته الاجتماعية حتى عام 2013 تحت قيادة أحد أفراد أسرة "آل خليفة" الحاكمة.

لذلك، فقد يكون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين بأنها جماعة إرهابية مشكلة مستعصية بالنسبة للقيادة البحرينية، التي تسامحت مع الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين لوقت طويل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى حقيقة أن حركات المعارضة الرئيسية في البحريم شيعية بالأساس.

ويوضح هذا الفرع من جماعة الإخوان الموالي للحكومة مدى تأثير المحلية على تشكيل جداول أعمال الإخوان، مما يجعل من الصعب تصنيف تلك المنظمات والمجموعات والحركات في قالب واحد.

حظر غير فعال

وكما أشار "ويل ماكانتس" و"بنجامين ويتس" في مقال تم نشره عام 2017، تختلف جماعة الإخوان المسلمين اختلافا كبيرا بحسب السياقات الوطنية المحلية، بحيث لا يمكن حظرها بشكل فعال، وبالتالي فسوف يكون حظر الجماعة أقرب إلى تقييد على أيديولوجيتها، وهو أمر غير قانوني بالطبع.

ويشرح كل من "ناثان براون" و"ميشيل دن" الآثار المحتملة لهذا التصنيف قائلين: "قد يكون أكبر ضرر ناجم عن الإشارة لجميع المنظمات الفرعية للإخوان المسلمين على أنها إرهابية، هو الرسالة التي ستصل إلى العديد من المسلمين حول العالم. حيث سيكون ذلك بالنسبة إليهم بمثابة إعلان حرب ضد الإسلاميين السياسيين غير العنيفين، وربما ضد الإسلام نفسه".

ويوضح "مارش" أنه نظرا لتوسيع نطاق تهمة "الدعم المادي للإرهاب" على مدار العقد الماضي لتشمل تجريم منح "مشورة الخبراء" للجماعات المصنفة كإرهابية، فإن تصنيف جماعة الإخوان قد يهدد أكاديميين وصحفيين مستقلين.

ومع ذلك، يبدو أن إدارة "ترامب" عازمة على متابعة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التشجيع من قبل مصر والسعودية والإمارات.

وفي الواقع، أشار السفير السعودي السابق لدى ولايات المتحدة، "نواف عبيد"، في مقال تم نشره في مجلة "فورين بوليسي" في أغسطس/آب 2018، إلى أن صلات قطر بالإخوان المسلمين أكثر خطورة من علاقاتها بإيران، في حين وصف وزير الخارجية الإماراتي "أنور قرقاش" جماعة الإخوان المسلمين بـ "بوابة الأفكار الجهادية بكافة أنواعها".

رأس المال السياسي للإخوان

من جانبه، كان "محمد بن زايد" ولي عهد أبوظبي أحد أبرز المشككين والمتخوفين من أنشطة جماعة الإخوان المسلمين.

وكما لوحظ في برقية دبلوماسية أمريكية تعود إلى عام 2004: "نادرا ما يفوت محمد بن زايد (ولي عهد أبو ظبي)، وأخويه حمدان (نائب رئيس الوزراء آنذاك) وهزاع (مستشار الأمن القومي آنذاك) الفرصة لمناقشة الأمريكيين حول تهديد الاستقرار الذي يشكله الإخوان المسلمون".

إذن، كان حلفاء "ترامب" على دراية تامة برأس المال السياسي الذي تتمتع بها حركات الإخوان، وقد استخدموا الادعاءات حول صلات الإخوان بالإرهاب لمواجهة جهود فروع الإخوان المحلية لإحداث تغييرات سياسية محلية.

وحاليا، تتنافس الفروع التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، أو الجماعات المرتبطة بها في البرلمان في الجزائر والبحرين والعراق والأردن ولبنان والكويت والمغرب وفلسطين والسودان وتونس وتركيا.

تداعيات واسعة النطاق

وفي حين أن هذه الجماعات محلية بشكل أساسي، حيث تركز جداول أعمالها على القضايا المحلية بدلا من أيديولوجية محددة وموحدة عالميا، فسوف يعني تصنيف جماعة الإخوان المسلمين المصرية منظمة إرهابية مشكلة سياسية كبيرة.

علاوة على ذلك، لجأ عدد كبير من أعضاء جماعة الإخوان المصريين إلى تركيا، وتعاونوا مع قيادة حزب العدالة والتنمية، مما يعني أن هذا التصنيف قد يشعل المزيد من المواجهة بين "أردوغان" و"ترامب".

ومن جانبها، أجرت المملكة المتحدة، تحت ضغط واضح من الحكومة الإماراتية، تدقيقا حول جماعة الإخوان المسلمين عام 2015.

وخلصت إلى أنه "في الغالب، فضل الإخوان المسلمون التغيير التدريجي غير العنيف"، وأن الجماعة ملتزمة بشكل أساسي بالمشاركة السياسية بدلا من العنف.

وليس من الواضح ما إذا كانت إدارة "ترامب" ستستجيب لآراء الباحثين، أو حتى تحاول إشراكهم، عند مناقشة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين، أو ما إذا كانت ستستمع فقط لآراء حلفائها الاستبداديين في الشرق الأوسط.

وإذا حاول الرئيس "ترامب" حظر الجماعة، فإن تداعيات ذلك ستكون واسعة النطاق، مع انعكاسات إقليمية ومحلية كبيرة.

المصدر | كورتني فرير - ميدل إيست آي

  كلمات مفتاحية

لوب لوغ: الإمارات تمول جماعات يمينية معادية للإسلام في الغرب

كيف تغذي الدول العربية المناهضة للإسلام السياسي الإسلاموفوبيا في أمريكا؟