الولايات المتحدة وإيران تضعان الخليج على حافة الحرب

الاثنين 13 مايو 2019 11:05 ص

في اجتماع تم عقده في 28 أبريل/نيسان، صرح نائب وزير الخارجية الإيراني، والمفاوض الرئيسي في الاتفاق النووي، "عباس عراقجي"، لوفد أوروبي، بأن إيران "منحت أوروبا الوقت الكافي للاستجابة لتداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، وأنه قد حان وقت العمل الآن".

ومن خلال الانسحاب من الاتفاق النووي، واتباع سياسة "أقصى قدر من الضغط"، رفع الرئيس "دونالد ترامب" العدوانية الأمريكية ضد إيران إلى أعلى مستوى.

ويوم الأحد، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون" إن الولايات المتحدة بدأت نشر مجموعة هجومية من الناقلات في الشرق الأوسط، لإرسال رسالة واضحة إلى إيران مفادها أن أي هجوم على المصالح الأمريكية أو مصالح حلفائها سيتم مواجهته "بلا هوادة".

وقد حذر اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، وهما "ريتشارد دوربين" و"توم أودال"، الكونغرس من محاولات نشر روايات كاذبة عن فشل إيران في الوفاء بالتزاماتها الدولية.

وقالوا إن "سياسة إدارة ترامب تجاه إيران، المبنية على رماد الاستراتيجية الفاشلة في العراق، تدفعنا نحو عمل عسكري يهدف إلى تغيير النظام في طهران".

وقال "محمد جواد ظريف" وزير الخارجية الإيراني إن هدف "ترامب" هو "تركيعنا للعودة للتفاوض"، لكن "فريق باء"، الذي يتكون من "بيبي" (نتنياهو)، و"بولتون"، وبن زايد"، و"بن سلمان"، يريد "تغيير النظام على الأقل و تفكيك إيران".

وكان الاتفاق النووي، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، قد تم التوصل إليه بعد 12 عاما من المفاوضات المكثفة بين إيران والقوى العالمية، وتم تقديمه في شكل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231.

وبالانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق، تكون الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد الذي انتهك شروط الاتفاقية. وفي الشهر الماضي صنفت الإدارة الأمريكية فيلق "الحرس الثوري الإيراني" منظمة إرهابية، وقررت خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.

وتشير هذه المحاولات إلى أن البيت الأبيض يفرض حصارا على إيران، بطرق مشابهة للطريقة التي اتبعتها إدارة "بوش" وهي تستعد لشن الحرب غير المشروعة ضد العراق.

فشل أوروبي

ويحدث كل هذا مع التزام إيران بالكامل بشروط وأحكام قرار مجلس الأمن رقم 2231، وقد أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، التي تتولى مراقبة صفقة إيران مع القوى الكبرى، 14 تقريرا تشهد على أن إيران نفذت شروط الصفقة بالكامل.

ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة، فشلت جهود الأوروبيين لتسهيل التجارة مع إيران. واليوم، انخفضت صادرات إيران من النفط بمقدار 2.5 مليون برميل يوميا، وهي نصف حصتها قبل الانسحاب الأمريكي.

وكان المرشد الأعلى الإيراني، آية الله "علي خامنئي"، قد تعهد بأنه إذا "أقدمت" الولايات المتحدة على الانسحاب من الاتفاق النووي، "فسنحرقه". وقال إنه "في مواجهة استعداد العدو للقتال ضد الأمة الإيرانية، ينبغي على الأمة أن تستعد للمعركة بالمثل".

خياران إيران

ومع تزايد العقوبات والضغوط التي تفرضها الولايات المتحدة باستمرار، ومع فشل القوى العالمية الأخرى في تقديم ضمانات للفوائد الاقتصادية للاتفاقية، بدأ صبر إيران ينفد. ويتبقى أمامها خياران، إما الانسحاب التدريجي من خطة العمل المشتركة، أو الانسحاب الفوري من معاهدة عدم الانتشار وخطة العمل المشتركة في وقت واحد.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني: "نرحب بالمواقف السياسية للاتحاد الأوروبي، لكن الدعم السياسي لا يكفي فقط لإنقاذ الصفقة". 

وبناء على المادتين 26 و36 من الاتفاق، إذا فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات جديدة أو أعادا فرض عقوبات قديمة يحق لإيران إيقاف التزامها بموجب الصفقة كليا أو جزئيا.

وعلى الرغم من أن الرد المناسب من جانب إيران على هذه الانتهاكات يبدو ضروريا، إلا أن انسحابها الكامل من الاتفاق النووي سيكون له عواقب هائلة.

عواقب الانسحاب

أولا، في حالة انسحاب إيران من قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، ستحاول الولايات المتحدة تفعيل 6 قرارات سابقة، تشمل عقوبات تم فرضها بالإجماع من قبل جميع القوى العالمية وأعضاء مجلس الأمن.

ثانيا، في غياب القرار 2231، يمكن للمحور الأمريكي الإسرائيلي شن حملة دعائية سياسية شديدة تدعي أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديدا لسلام وأمن العالم كدول وفق المادة 6 من ميثاق الأمم المتحدة.

ثالثا، نظرا لأن إيران عضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فسوف تستخدم إدارة "ترامب" المعاهدة كأداة لدفع موظفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لوضع مطالب تفتيش غير معتادة على الطاولة.

وفي حال قاومت إيران مطالب التفتيش غير المعقولة، ستدعم الولايات المتحدة مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي الزائفة بأن إيران تسعى للحصول على قنبلة نووية.

رابعا، بعد انسحاب إيران من الاتفاق النووي، ستحاول الولايات المتحدة إقناع القوى العالمية الأخرى بأن إيران تنتهك معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وبالتالي، يعد خيار الانسحاب خسارة لإيران وفوز لـ "الفريق باء".

المزيد من الأوراق التفاوضية

ويبقى الخيار الثاني هو إرسال مذكرة رسمية إلى القوى العالمية المشاركة المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تشير طهران فيها إلى أنهم إذا فشلوا في التمسك في التزاماتهم المشمولة في الاتفاق خلال مهلة زمنية محددة، فسوف تنسحب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي وخطة العمل المشتركة في وقت واحد، ويبدو أن هذا هو ما اختارته طهران في النهاية حيث أمهلت أوروبا 60 يوما للوفاء بالتزاماتها في الصفقة.

ومع ذلك فإن كلا الخيارين لا يلغي المخاطر. وهناك احتمال لنشوب المواجهة العسكرية في كلا الخيارين، لكن الأخير أكثر فاعلية، لأن الولايات المتحدة لن تكون قادرة بعدها على استخدام معاهدة عدم الانتشار النووي كأداة ضد إيران.

وفي المقابل، يمكن أن يعزز الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي موقف إيران على طاولة المفاوضات أكثر من أي وقت مضى، من خلال منحها المزيد من القدرة على المساومة.

وسيتعين على الولايات المتحدة بعد ذلك أن تطلب من إيران الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي والاتفاق النووي مرة أخرى.

وفي الوقت الذي تحشد فيه الولايات المتحدة المزيد من قواتها في الشرق الأوسط، وتتزايد فيه الأعمال العدائية في مياه الخليج بعد واقعة تخريب النانقلات قرب سواحل الإمارات، تبقى الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها لكل السيناريوهات بما في ذلك نشوب حرب مباشرة بين أمريكا وإيران.

المصدر | سيد حسين موسويان - ميدل إيست آي

  كلمات مفتاحية

الخليج إلى حرب ناقلات جديدة.. مشهد يتكرر بعد 30 عاما