تخريب السفن.. رسالة الحرس الثوري إلى الولايات المتحدة وحلفائها

الأربعاء 15 مايو 2019 03:05 م

بعد أسبوع من نشر الولايات المتحدة حاملة طائرات وفرقة من الطائرات الهجومية في الشرق الأوسط لمواجهة تهديد إيراني غير محدد، تم استهداف 4 من ناقلات النفط بالقرب من "مضيق هرمز" بهجوم "تخريبي" من مصادر غير معروفة.

ومن ضمن الناقلات المستهدفة كان هناك سفينتان سعوديتان، كانت إحداهما في طريقها لتسلم النفط وتسليمه إلى الولايات المتحدة، بينما كانت السفينتان الأخريان نرويجية وإماراتية.

وبحسب ما ورد، تم تخريب جميع السفن بالقرب من إمارة "الفجيرة"، التي تضم مركزا للتزود بالوقود جنوب المضيق على خليج عمان، ولم تغرق أي من السفن، ولم يتم الإبلاغ عن مقتل أو إصابة أي من الأفراد.

وحتى الآن، لا يُعرف الكثير عن الهجمات، وبحسب ما أفاد به مشغل السفينة النرويجية "أندريا فيكتوري"، فإن السفينة "ضربها جسم مجهول".

وتظهر لقطات فيديو ثقبا في جسمها بالقرب من الخط المائي، وقام مراسل من "سكاي نيوز العربية"، وهي وكالة أنباء مملوكة جزئيا للإمارات، بالتقاط لقطات فيديو لسفينة "المرزوقة" السعودية، التي لم يظهر عليها أي أضرار محددة.

وبشكل منفصل، أفادت قناة "الميادين" اللبنانية الإخبارية أن 7 ناقلات نفط إماراتية قد أصيبت بأضرار في انفجار وقع في ميناء "الفجيرة"، وهو خبر تم تناوله لاحقا في وسائل الإعلام الإيرانية، ونفته الإمارات.

ولم تلق السعودية أو الإمارات باللوم على إيران علانية، وقالت الإمارات إنها طلبت الدعم من فريق من المحققين الأمريكيين، وأنها سوف تمتنع عن تقديم أي استنتاجات حتى اكتمال التحقيق.

وكان التقييم الأولي الذي أجراه المحققون الأمريكيون، وفقا للمسؤولين الأمريكيين الذين تحدثوا إلى شبكة "سي بي إس نيوز"، الإثنين، هو أن إيران أو وكلاءها كانوا وراء الهجمات.

ولم يتوصل الفريق إلى نتيجة نهائية بعد، لكن يبدو أن إيران هي المشتبه به. ولقد هددت إيران، على كل حال، لأعوام باتخاذ إجراء في مضيق "هرمز".

كما شنت إيران هجمات تخريبية غير متكافئة ضد أعداء أقوياء من قبل، ومن خلال التشكيك في أمن الشحن البحري في الخليج العربي، يمكن لفيلق "الحرس الثوري الإيراني" مواجهة الضغوط دون تصعيد الموقف المتوتر بالفعل إلى الحد الذي يدفع الولايات المتحدة للتدخل المباشر.

وفي الوقت نفسه، ليس من الواضح تماما ما الذي قد تستفيده إيران من مثل هذه الهجمات منخفضة المستوى.

وإذا كان هناك شيء وراء ذلك، فقد يكون تخوف القادة الإيرانيين من الانتشار الأمريكي الأسبوع الماضي.

وفي جلسة مغلقة مع البرلمان الإيراني في نهاية الأسبوع، قال قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء "حسين سلامي"، إنه على الرغم من استعداد إيران للحرب مع الولايات المتحدة، فإنها لا تتوقع الحرب.

ومما لا يثير الدهشة أن القادة الإيرانيين لم يعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم، ووصفوا الحادث بالـ "مؤسف".

ولا شيء في الحرب مع الولايات المتحدة سيفيد إيران، ويعاني اقتصاد البلاد من حالة من الفوضى، ويكافح أهلها ماليا، بسبب الضغف المستمر في العملة، بينما يضرب الجفاف أراضيها دافعا المزارعين الساخطين إلى المدن المزدحمة.

ويبدو النظام مرهقا ماليا لدرجة أنه كانت هناك تقارير تفيد بأن "حزب الله"، الوكيل الذي يعتمد على إيران في تمويله، يكافح لدفع رواتب مقاتليه.

علاوة على ذلك، انخفضت عائدات تصدير النفط في البلاد بسبب فرض العقوبات الأمريكية، ولا يمكن لإيران أن تفوز في حرب مع الولايات المتحدة، وهذا يجعل بعض الفصائل داخل البلاد تسعى إلى الخروج من المأزق الحالي.

وعلى الرغم من خطابه العدائي، من المؤكد أن الحرس الثوري الإيراني لا يريد الحرب، وفي هذا السياق، قد يكون استعراض قدرته على تشكيل تهديد منخفض المستوى لقنوات الشحن في الخليج العربي وسيلة للحرس لتقديم رد ملموس على العقوبات دون المجازفة برد انتقامي أمريكي، ودون ترك الموقف خارجا عن سيطرته.

لكن ذلك لن يجعل الحرس الثوري الإيراني يبدو قويا بشكل كبير، فالهجمات التخريبية مثل تلك التي حدثت خلال عطلة نهاية الأسبوع، والتي تسببت في حدوث أضرار طفيفة، لا تغير بشكل جوهري موقف إيران الاستراتيجي، أو تساعد إيران في التغلب على العقوبات الأمريكية، أو تعزز فرص ميليشيات إيران المتحالفة في أي مكان في الشرق الأوسط.

بمعنى آخر، تعتبر الفائدة من مثل تلك الهجمات سطحية في أحسن الأحوال، حيث تظهر محدودية الخيارات المتاحة للحرس الثوري الإيراني بدلا من براعته العسكرية.

ومن جانبها، ظلت الولايات المتحدة هادئة حتى الآن، حيث لم يصدر الرئيس "دونالد ترامب" سوى تهديد غامض لإيران.

واعتبارا من الأحد، بدأت الولايات المتحدة تحريك ما وصفته بـ"بعثات الردع" فوق الخليج العربي، مع قاذفات "بي-52" التي تم نشرها مؤخرا، وكذلك طائرات "إف-35" و"إف-15"، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت هناك علاقة بين هذه البعثات وعمليات التخريب.

ومع وضع كل تلك الأشياء في الاعتبار، لا يبدو أن الموقف يستفيد منه أي لاعب نموذجي له مصلحة في العبور في الخليج العربي.

وفي الوقت الحالي، سنعتبر هذا متغيرا آخر في المواجهة المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز

  كلمات مفتاحية