أمريكان كونزيرفاتيف: بيع الأسلحة للسعودية كارثة للسياسة الأمريكية

الخميس 30 مايو 2019 01:05 م

يتوجه 1500 جندي أمريكي إضافي إلى الشرق الأوسط ضمن خطة نشر متسارع للقوات الأمريكية شملت أيضا حاملة طائرات أمريكية وقاذفات "بي 52".

في المقابل، يتعهد المسؤولون الإيرانيون بالرد على هذه الخطوات، وفي ظل هذه الأجواء، هناك إمكانية حقيقية للغاية أن يتحول سوء التقدير إلى حرب لا يريدها أحد تقريبًا.

وما يستدعيه هذا الموقف هو خط اتصال مباشر بين واشنطن وطهران بهدف واضح وهو تهدئة الأجواء ومنع اندلاع حريق. ومع ذلك، يبدو أن إدارة "دوالترامب" تدفع نحو العكس تماما وهو المزيد من التهديدات العدوانية، والمزيد من الأصول العسكرية، والمزيد من العقوبات.

ومن الواضح أن زيادة مبيعات الأسلحة إلى خصوم طهران يعد جزءا من الصورة. وأبلغت الإدارة الجمعة الماضي السيناتور "روبرت مينينديز"، وهو أكبر ديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية، بأنها ستستغل ثغرة لم تستخدم في قانون مراقبة تصدير الأسلحة للإسراع في بيع الأسلحة إلى السعودية.

وأعلن "ترامب" أن "هناك حالة طوارئ تتطلب البيع المقترح لخدمة الأمن القومي للولايات المتحدة". وتسمح هذه الثغرة لـ"ترامب" بتجاوز الكونغرس تمامًا ووضع اللمسات الأخيرة على البيع بمفرده.

وتفسد هذه الثغرة التي ينبغي استخدامها في حالات الطوارئ الأكثر خطورة فقط عملية مراجعة الكونغرس وتسرق السلطة من المشرعين الذين ينبغي أن يوقعوا عادة على مثل هذه الخطوة.

ولنا أن نتصور أن مستشار الأمن القومي "جون بولتون" ووزير الخارجية "مايك بومبيو" همسا في أذن "ترامب" وهو يجلس خلف مكتب كبير أن إرسال المزيد من الأسلحة إلى الرياض سوف يبعث برسالة حازمة إلى الإيرانيين.

ولكن لا توجد صفات كافية في أي قاموس لوصف مدى النتائج العكسية لمثل هذه الخطوة.

أولاً، يُظهر هذا القرار ازدراء تامًا وكاملاً لأغلبية النواب في مجلسي الكونغرس، والذين صوتوا قبل شهرين فقط على سحب الدعم العسكري الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. واستخدم "ترامب" حق النقض ضد القرار بعد ذلك بفترة وجيزة، ومع ذلك فإن حقيقة أن الإجراء الذي تم إقراره كان تعبيرًا واضحًا عن نية الكونغرس سحب الولايات المتحدة من صراع خارجي لم يصرح به الأساس. ويبدو أن "ترامب" يبصق في وجه السلطة التشريعية إذا استمر في هذا الموقف العدواني تجاه إيران.

أظهر "ترامب" أنه لا يهتم كثيرًا بمخاوف الكونغرس. لكن من المفترض أنه يهتم بإخراج الولايات المتحدة من النزاعات بالوكالة في الشرق الأوسط والتنافس الطائفي. ويتناقض هذا مع بيع هذا الكم من الأسلحة للسعوديين. ومن خلال زيادة الارتباط بالمملكة إلى هذا الحد، فإن "ترامب" يعزز سردًا سائدًا بالفعل بين دول الخليج وهي أنه رجل لا يمكن شراؤه فحسب بل يمكن خداعه.

قد لا يدرك الرئيس الدلالات الحقيقية لمثل هذه الخطوة، لكن من خلال فتح ترسانة الولايات المتحدة أمام السعودية، فإنه يزيد من انخراط الولايات المتحدة بشكل غير مباشر في التنافس السعودي الإيراني الذي مزق الشرق الأوسط وفي نفس الوقت، لم يفعل شيئًا يجعل الشعب الأمريكي أكثر أمانا.

وفي الوقت الذي ينبغي فيه على الولايات المتحدة إعادة التوازن إلى قوتها النظر في كيفية تخصيص مواردها العسكرية المحدودة، فإن "ترامب" يستثمر المزيد من الموارد في صراع لا يبدو مهما للأمريكيين.

وأخيرًا، نحتاج إلى تقييم هذا البيع الأخير للأسلحة من خلال منظور أحداث اليوم. فالعلاقات الأمريكية الإيرانية في منعطف صعب، والاتصال المباشر بين البلدين غير موجود وتقوم واشنطن بإرسال رسائل وتحذيرات إلى طهران عبر وسطاء مثل العراقيين والعمانيين والسويسريين.

ولا يزال فيلق الحرس الثوري الإسلامي في حالة تأهب قصوى، حيث يراقب تحركات القوات الأمريكية في الخليج التي يمكن تفسيرها على أنها عدوانية أو تدل على اقتراب شن هجوم أمريكي، ويضع الخطط للتفاعل معها.

وتؤكد "ترامب" أن الحرب هي آخر ما يريده. وفي حين يطرح الكونغرس فكرة التفاوض مع طهران مجددا، يبدو أن إنشاء المزيد من الاتصالات مع الإيرانيين هو النهج الصحيح.

ومع ذلك، فإن إلقاء المزيد من الأسلحة في أيدي السعوديين يرسل لإيران رسالة معاكسة مفادها أن الولايات المتحدة ترغب في تركيع إيران وأنها إذا لم ترضخ في النهاية، وتستمر واشنطن في بيع السلاح لخصومها حتى تصبح جاهزة للخضوع تماما.

ولا تعد هذه السياسة يمكن أن تقابلها طهران بلطف. وفي حين أن الإدارة على ثقة من أن الضغط الأقصى سوف يخيف إيران في نهاية المطاف ويجبرها على القدوم إلى طاولة المفاوضات بلا شروط، فإن العكس هو الصحيح على الأرجح، حيث سيزيد ذلك من صلابة إيران.

لم يفت الأوان بعد للرئيس "ترامب" لإلغاء قرار كارثي محتمل. ومن أجل مصلحة بلاده، يأمل المرء أن يكون لديه أفكار ثانية ويدرك أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لن يكونا حليفين دائما.

المصدر | دانييل ديبرتريس - ذا أميريكان كونزيرفاتيف

  كلمات مفتاحية

الغارديان: السعودية أنفقت 70 مليار دولار على شراء الأسلحة عام 2018

أوروبا تتفق على تطوير مزيد من الأسلحة بمنأى عن أمريكا

مبيعات الأسلحة الأمريكية.. إدمان يتجاوز عصر ترامب

أسوأ كوارث السياسة الخارجية الأمريكية خلال العقد الأخير