حميدتي.. نفوذ الخارج أداة قائد الثورة المضادة للسيطرة على السودان

الثلاثاء 11 يونيو 2019 02:06 م

"قائد الثورة المضادة".. هكذا وصف "فيرجال كين"، محرر الشؤون الأفريقية بشبكة BBC البريطانية، نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان، الفريق أول "محمد حمدان دقلو"، المعروف باسم "حميدتي"، مشيرا إلى أن نفوذه الخارجي يلعب دورا رئيسيا في إحكامه السيطرة على مستقبل البلاد.

فعلى الرغم من أن الفريق أول "عبدالفتاح البرهان" هو رئيس المجلس العسكري الحاكم بالسودان، لكن "حميدتي" هو من يحتل موقع الصدارة في المفاوضات مع الدبلوماسيين الغربيين، ويحظى بدعم قوى الإقليم المتحالفة؛ السعودية والإمارات ومصر.

ومن غير المرجح أن تفرض هذه القوى عقوبات على السودان بعد مجزرة فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش بالعاصمة الخرطوم، رغم ضغوط غربية تدفعها بهذا الاتجاه، بحسب "كين"، الذين نوه إلى أن السعودية قالت إنها مهتمة بالتطورات في السودان، وحثت المجلس العسكري والمعارضة على الدخول في حوار لحل الأزمة.

وأشار إلى أن "حميدتي" التقى ولي عهد السعودية "محمد بن سلمان" في وقت سابق من مايو/أيار الماضي، ووعد بدعم المملكة ضد "كل التهديدات والهجمات من إيران والميليشيات الحوثية"، ومواصلة إرسال القوات السودانية لمساعدة التحالف العربي الذي تقوده في اليمن.

ولذا سيكون من مصلحة الأمير السعودي "رد الجميل" والحفاظ على علاقة قوية مع "حميدتي"، حسبما يرى محرر الشبكة البريطانية.

تحول الولاء

وسلط "كين" الضوء على الخلفية السياسية لـ"حميدتي" الذي كان مقربًا للرئيس السوداني السابق "عمر البشير"، لكنه بدل ولاءه مع تصاعد الاحتجاجات ضد الأخير، نهاية العام الماضي.

وعندما بدأت المظاهرات في الخرطوم، كان "حميدتي" أول مسؤول رفيع المستوى يعبر عن دعمه لها، ويطالب الحكومة "بتوفير الخدمات والعيش الكريم للشعب"، ويؤكد على أن الفاسد "يجب أن يحال إلى العدالة أيا كان"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السودانية الرسمية في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ثم تحول "حميدتي" إلى جانب دعم المعارضة عمليا، وساهم في إجبار "البشير" على الخروج من السلطة في 11 أبريل/نيسان، وعين نائبا لرئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان بعد يومين.

واستند نائب رئيس المجلس العسكري الحالي إلى نفوذه الداخلي آنذاك كقائد لواحدة من أبرز القوات شبه العسكرية في السودان (الدعم السريع)، رغم ما تركته هذه القوات من أثر سابق يتعلق بانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان في إقليم دارفور.

رجل العشائر

في عام 2003، اندلعت الحرب في الإقليم عندما شكل رجال العشائر من السود (الأفارقة) المهمشين حركة تمرد مسلح ضد الحكومة، وساهم "حميدتي" في حشد عشائر عربية للقتال إلى جانب القوات النظامية، الأمر الذي أكسبه دعم "البشير"، ليقرر الرئيس السوداني السابق تعيينه قائدا لتشكيلات حرس الحدود التي تدعم الحكومة بالإقليم.

وانضم إلى تلك القوات تشكيلات شبه العسكرية، بينها "الجنجويد" سيئة السمعة، التي اتهم عناصرها بقتل الرجال واغتصاب النساء وسرقة كل ما يمكن أن يجدوه أمامهم.

كان "جمعة دقلو"، عم "حميدتي"، أحمد زعماء هذه التشكيلات التي امتدت إلى الحدود السودانية التشادية، والتي مثلت فيما بعد نواة قوات الدعم السريع التي قادها نائب رئيس المجلس العسكري الحالي.

ففي عام 2013، شكل نظام "البشير" قوات الدعم السريع لمساعدة القوات النظامية في قتال المتمردين بدارفور، وبعد مرور عام، اعترفت الحكومة بها كـ"قوة نظامية"، غير أن منتقديها يقولون إنها مجرد استنساخ لـ "الجنجويد".

أصول تشادية

المفارقة أن "حميدتي" نفسه ينتمي إلى أصول لعشيرة عربية تشادية، وفر من الحرب هناك للعيش بدارفور في ثمانينات القرن الماضي، وترك المدرسة الابتدائية للعمل بتجارة الإبل وعرض "تأمين" القوافل التجارية في دارفور أثناء النزاع مقابل المال.

ومنذ عام 2005، تحقق المحكمة الجنائية الدولية في اتهامات لقادة الجنجويد ومسؤولين حكوميين، بينهم "البشير" نفسه، ومتمردين بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب في دارفور. 

ورغم أن المحكمة لم تسند لنائب رئيس المجلس العسكري السوداني أي اتهامات لكن منظمات حقوقية، بينها "هيومن رايتس ووتش"، تتهمه بالإشراف على الانتهاكات في دارفور بما في ذلك "التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء والاغتصاب الجماعي"، وكذلك الانتهاكات في نزاعات أخرى بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.

وفي 19 مايو/أيار 2014، قال "حميدتي" إن قوات الدعم السريع "كانت تحمي شعب دارفور" وحذر من أنها "ستتخذ موقفًا حازمًا ضد أي شخص يحاول تقويض أمن واستقرار المواطنين".

جريمة الخرطوم

 وأخيرا، بات نائب رئيس المجلس العسكري السوداني متهما بالسماح لتلك القوات نفسها بقتل المتظاهرين في الخرطوم، وهو ما قابله بإعلان إطلاق "تحقيق مستقل" في استخدام الجيش للعنف في فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش.

ودافع "حميدتي" أيضًا عن العنف وقمع المتظاهرين، مبررا ذلك بتسلل "عناصر مارقة وتجار مخدرات" لساحة الاعتصام، ما فرض ضرورة "اتخاذ إجراءات صارمة"، حسب تعبيره.

وإزاء الاتهامات والانتقادات الموجهة إليه، أبدى "حميدتي" إصرارا على المضي قدما في نهجه وخريطة تحالفاته، قائلا: "لن نسمح بالفوضى ولن نتراجع عن قناعاتنا".

المصدر | الخليج الجديد + BBC

  كلمات مفتاحية

حميدتي: لا أريد أن أكون رئيسا للسودان

مركز إسرائيلي: حميدتي ينفذ توجيهات روسية لشيطنة المعارضة السودانية

حميدتي.. قائد المرتزقة من أجل الذهب والسلطة