«بلومبيرج»: إطلاق الرصاص على السلام في اليمن

الاثنين 15 يونيو 2015 02:06 ص

حتى الآن، كان الرابح الوحيد من حملة القصف التي قادتها المملكة العربية السعودية وطال أمدها ضد المتمردين الحوثيين في اليمن هم صناع الذخائر وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذين استغلتوا الاضطرابات لتوسيع نطاق عملهم. لكن محادثات السلام التي تبدأ اليوم الاثنين في جنيف توفر فرصة لوقف إطلاق النار، وعلى الأقل فرصة ضئيلة لتحقيق سلام دائم يتعين على جميع أطراف النزاع اغتنامها.

وكانت محاولة الهجوم الصاروخي بصاروخ من طراز سكود الثلاثاء الماضي في المملكة العربية السعودية أحدث علامة على أن الحرب الجوية في المملكة لم تقمع الحوثيين في اليمن. (وكان السعوديون قد أعلنوا في وقت سابق تدمير المخزون الصاروخي للمتمردين). وفي الوقت نفسه؛ فقد أسفرت المعارك في اليمن عن مقتل أكثر من 2300، وجرح ما يقرب من عشرة آلاف، وتشريد أكثر من مليون يمني، وترك حوالي 20 مليون في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية. ولا يزال الحوثيون يتعنتون متحدين قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالانسحاب من الأراضي التي سيطروا عليها، أو التخلي عن أسلحتهم الثقيلة، والسماح بعودة الحكومة اليمنية.

خطوط الصدع اليمن

السعوديون أيضا ليسوا في مزاج للتسوية، حيث إنهم ينظرون إلى الحوثيين، الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية، كوكلاء لإيران. ورغم أنه لا أحد يشك في تلقي الحوثيين الدعم من إيران، إلا إن مظالمهم السياسية تسبق فترة طويلة من التطلعات الثورية الإيرانية. وغذت الجهود السعودية القوية لإخضاعهم التوترات الطائفية الجديدة، وأعطت فرصة لتنظيم القاعدة للسيطرة على المكلا، خامس أكبر مدينة في اليمن، وتقديم خدماته للقبائل السنية في اليمن، والمتمثلة في «الحماية» ضد الحوثيين. (جذب هذا التطور قلق سعودي أقل، وبعض الموضوعات الأكثر طائفية في المملكة ربما ترحب لها فعلا).

وهذا يطرح مجموعة حرجة ومتزايدة من الخيارات بالنسبة للولايات المتحدة، والتي وفرت الدعم اللوجستي والاستخبارات للحملة الجوية السعودية حتى في الوقت الذي دفع حليفتها لإتمامه. هل تريد أمريكا أن تكون متواطئة في كارثة إنسانية شكلت خطرا على مواطني اليمن وحرضت تنظيم القاعدة؟ من ناحية أخرى، هل يمكن للولايات المتحدة أن تتحمل زيادة تنفير حلفائها في الخليج الذين يقلقهم بالفعل احتمال حدوث صفقة نووية مع إيران؟ أفضل مسار هو التذكير بقوة أن أكبر حلفائها الخليجيين لا يستطيعون القيام بطلعة جوية والاستمرار فيها من دون مساعدة الولايات المتحدة، وتعتمد  تلك المساعدة على تقديم المصالح المشتركة بينهما، وخاصة الحرب ضد القاعدة، وليس على قتل المزيد من الأبرياء اليمنيين .

محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة تقدم لجميع الأطراف مخرجا. وبالنسبة للمبتدئين، يمكن للسعودية استخدام قرب حلول شهر رمضان ذريعة لحفظ ماء الوجه لتوقف إنساني آخر لحملة القصف، معطية فرصة للحوثيين للموافقة على وقف إطلاق النار. وهذا يمكن أن يسمح بتلبية احتياجات المعوزين من الغذاء والماء والوقود بعد أن أصابهم ما أصابهم جراء القصف في اليمن. كما يمكن أيضا خلق مساحة لإحياء العملية الانتقالية السياسية التي ما زالت مستمرة منذ الثورة الشعبية في عام 2012؛ والتي أجبرت الرئيس «علي عبد الله صالح» على الاستقالة.

ولكن يجب أن ترتكز هذه العملية على اثنين من الحقائق: لن يسمح السعوديون أبدا بنظام معادي على الحدود في الجنوب، كما لن يذعن الحوثيون إلى مرسوم مجلس الأمن حتى يقتنعوا أن أي انتقال سياسي سيكون هناك تفاوض بشأنه أكثر من كونه عرضة للرفض.

ويمكن للأمم المتحدة جعل التعقيدات سهلة الحل من خلال توفير مكان محايد لإجراء محادثات، وفرض حظر على الأسلحة واستهداف المخربين لفرض عقوبات. وستكون هناك حاجة ملحة وضرورية لمساعدة دولية لليمن لإعادة بناء البنية التحتية الخربة.

ولكن في هذه المرحلة المضطربة؛ فإن أفضل شيء تفعله الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وقوى عالمية أخرى هو مساعدة اليمنيين المتضررين لمساعدة أنفسهم. وبدلا من تعليق المساعدة وقصرها على الحكم الرشيد ومنع نشوب الصراعات في اليمن، على سبيل المثال، يجب أن تبحث الولايات المتحدة عن سبل للحفاظ على المجتمع المدني في اليمن خلال هذه الفترة الخطيرة والصعبة. وخلال فترة الصحوة العربية، لعبت هذه المجموعات دورا حاسما في إسقاط الديكتاتور الفاسد. عبر تركهم يفعلون ما يريدون بدون مساعدة من أحد، والتحرر من الحروب بالوكالة والحوارات الوطنية التي فرضت عليهم من قبل جيرانهم الأقوياء، فإن اليمنيين سوف يكونون في وضع أفضل لتسوية الخلافات السياسية.

  كلمات مفتاحية

اليمن السعودية الحوثيين الولايات المتحدة إيران

التفاوض بشأن السلام اليمني: انقسامات عميقة وحقائق صعبة

«أسوشيتد برس»: المتمردون في اليمن لا يزالون فاعلين رغم تضررهم من القصف السعودي

«بيزنس إنسايدر»: اليمن يتجه نحو سيناريو مُركّب ”عراقي سوري ليبي“

«ستراتفور»: اليمن يتجه نحو الانفصال والأزمة الإنسانية تزداد تفاقما

«نيويورك تايمز»: المتمردون الحوثيون يتهمون السعودية بإشعال الفتنة لتقسيم اليمن