اعتبر الكاتب الأمريكي "ديفيد إغناتيوس" الانسحاب الإماراتي من اليمن انتصارا للحوثيين وإيران، مشيرا إلى أن طهران تسعى إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع واشنطن، لكن الأخيرة تتبنى استراتيجية تقوم على تجنب ذلك.
وفي مقال كتبه لصحيفة "واشنطن بوست" من العاصمة العمانية (مسقط)، ذكر "إغناتيوس"، الأربعاء، أن الانسحاب الإماراتي جاء "استجابة لما سماه "الحس الجيد"، ولفت إلى وجود تصدع في التحالف السعودي الإماراتي، جعل مهندس الحملة العسكرية في اليمن، ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" "وحيدا في المستنقع"، حسب تعبيره.
وأضاف أن الحذر يبدو واضحا بشكل متزايد بين دول الخليج العربية، خاصة الإمارات، التي كانت تدفع الرئيس الأمريكية "دونالد ترامب" باتجاه المواجهة مع إيران، لكن تصاعد استهداف ناقلات النفط بالخليج دفعها للتراجع، وفقا لما ترجمه موقع "عربي 21".
وتابع "إغناتيوس": "يعلم قادة الإمارات أن أي تحالف تقوده أمريكا سينتصر حتما، لكن ناطحات السحاب اللامعة التي تزحم أرض الأحلام في دبي وأبوظبي ستكون الهدف الأول، وربما تحولت جواهر الخليج هذه إلى شظايا زجاجية".
وفي السياق، لفت الكاتب إلى عدم صدور أي رد إماراتي، يوم السبت الماضي، تجاه سيطرة إيران على ناقلة نفط تمر بمياهها البحرية.
وإذا كان الصمت الإماراتي مبررا لاعتبارات تتعلق باتجاهها لتخفيض التوتر والبدء بعملية سياسية مع إيران، فلماذا تتجنب الولايات المتحدة الرد أيضا؟ يجيب "إغناتيوس" عن هذا السؤال بأن استراتيجية واشنطن تقوم على "ترك إيران توجه لكمة لنفسها".
وأوضح الكاتب أن الولايات المتحدة تعمدت عدم الرد على حوادث عدة تعرضت لها ناقلات النفط خلال الشهرين الماضيين قرب مضيق هرمز، ولا على إسقاط إيران طائرة مسيرة للتجسس، ولا على استفزازات أخرى، "حيث سمح الجيش الأمريكي لإيران بتوجيه الضربات في وقت تفرغ فيه للتحضير من أجل الضربة القاضية، إن لزم الأمر".
وفي هذا الإطار، نقل "إغناتيوس" عن قائد القيادة المركزية الأمريكية "فرانك ماكينزي"، قوله: "هذه مشكلة دولية وليست مشكلة الولايات المتحدة (..) الدول التي تعتمد على نفط الخليج عليها توفير حمايات مرافقة لناقلات النفط، فيما ستقوم أمريكا بتوفير الاستطلاع والوسائل الأخرى التي تعزز الوعي بالمجال البحري".
ويرى "إغناتيوس" أن تصريحات "ماكينزي" تعزز الموقف الأمريكي القاضي بتجنب مواجهة مع إيران قدر الإمكان، "فالقادة الأمريكيون يرون أن الوقت يلعب في صالحهم، خاصة أن إيران تزداد ضعفا بمرور كل شهر بسبب العقوبات الاقتصادية، وتحاول الخروج من هذا المأزق دون أن تكون لديها قنوات الاتصال الدبلوماسية مع أمريكا، ولهذا تقوم بإرسال رسائل قوة محدودة، لكن قادتها يعرفون أن عليهم الحذر"، بحسب المقال.
ويعتقد الكاتب أنه "رغم أن أمريكا تقوم بمعايرة حركاتها في المواجهة مع إيران، إلا أنها ستكون عرضة للخطر من العراق، الذي قد يتعرض فيه أكثر من 5 آلاف جندي أمريكي لخطر الميليشيات الشيعية هناك".
ورغم وعد الحكومة العراقية بضبط هذه الميليشيات، "إلا أنها ستجد صعوبة في الحفاظ على وعدها إن تطور النزاع لمواجهة شاملة"، بحسب رأي "إغناتيوس".
ولفت الكاتب إلى أن "التحدي الأول للولايات المتحدة هو الحفاظ على حرية الملاحة في الخليج، ولهذا السبب بدأ (ماكينزي) جولة تستمر 10 أيام مع فريق من الصحفيين، وجعل من سلطنة عمان المحطة الأولى، خاصة أن فيها مركز أمن الملاحة البحرية يعادل مركز الملاحة الجوية، ويراقب حركة الملاحة في مضيق هرمز".
وأشار إلى أن عمان قد تؤدي -بخطة أمريكا الكبرى- دورا مهما في تحالف متعدد الجنسيات لحماية الملاحة من الجماعات المرتبطة بإيران.